شهدت العلاقة بين موسكو وبكين تقاربًا خلال الأشهر الأخيرة بعد العقوبات التي وقعها الغرب على روسيا.. فما سر الحذر الصيني؟
جمعت قمة افتراضية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والزعيم الصيني شي جين بينج، الجمعة الماضي 30 ديسمبر 2022.
واتفق الجانبان على ضرورة التعاون على المستويات كافة، لمواجهة التحديات المشتركة، وقد باتت الشراكة بينهما أكثر أهمية من أي وقت مضي، وفقًا لما شدد عليه بوتين، رغم ما يراه خبراء من “الحذر” الصيني في هذه العلاقة.
الأفضل تاريخيًّا
شدد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على أهمية الشراكة التي تجمع موسكو وبكين، لافتًا إلى ضرورة توثيق الروابط بين الجانبين لمواجهة “الضغوط الغربية”، وفقًا لما نقلته شبكة “سي إن إن“.
وفي القمة الافتراضية التي جمعت الرئيس الروسي ونظيره الصيني، لفت بوتين إلى أن العلاقات بين الجانبين، باتت “الأفضل على مدار التاريخ” وأن الشراكة بينهما بإمكانها مواجهة كل العقبات، داعيًا شي إلى زيارة روسيا في ربيع العام الحالي 2023.
تعاون عسكري
اعتبر الرئيس الروسي، أن “الشراكة الاستراتيجية” بين روسيا والصين، تمثل “عامل استقرار للمنطقة التي تشهد توترات جيوسياسية غير مسبوقة”.
وشدد بوتين على أن بلاده ستسعى لتعزيز التعاون المستقبلي مع بكين على الصعيد العسكري. وتأتي هذه التصريحات بعد مناورات بحرية مشتركة نفذتها الدولتان أواخر الشهر الماضي.
مواجهة النظام أحادي القطب
من جهته، شدد الرئيس الصيني شي جين بينج، على ضرورة تعميق مستويات التعاون، لضمان المزيد من الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم، وفقًا لما نقلت وسائل إعلام صينية.
وأعرب شي عن عزم بلاده التعاون مع روسيا، في مواجهة الهيمنة وسياسات القوة، ولتعزيز السيادة والأمن، ومواجهة النظام العالمي أحادي القطب.
دعم حَذِر
يرى الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، سمير رمزي، أن العلاقة بين روسيا والصين، تأخذ منحى تصاعديًّا، بعد الحرب الروسية الأوكرانية، خاصةً على الصعيد الاقتصادي، فقد زادت الصادرات الروسية إلى الصين بواقع 23% هذا العام، وفقًا لوكالة “بلومبيرج” الأمريكية.
مع ذلك، تبدو بكين، حذرةً في دعمها لموسكو، فالمسؤولون الصينيون يخشون أن يؤول هذا الدعم إلى توتر العلاقات مع الغرب، لذلك تنأى بكين بنفسها جزئيًّا عن حالة الاستقطاب التي خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية، في حين تراقبها بحذر، متمسكةً بموقفها تجاه تايوان، وفق رمزي.
ورغم أن بكين لم تصرح بإدانة الحرب، ولم تؤيدها كذلك، وقع الجانبان قبل أيامٍ من اندلاع الحرب في فبراير الماضي، اتفاق “شراكة بلا حدود” لتعزيز التعاون ومواجهة التحديات المشتركة.
قواسم مشتركة
تأتي هذه القمة في وقت، تتواصل فيه المعارك بين الجيش الروسي والأوكراني، وتتزايد تبعات العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، وسط توقعات بأن تنكمش الصادرات الروسية 16%، ما يدفع الكرملين لتعزيز الشراكات مع دول أخرى.
وتبدو الصين الشريك الأمثل لروسيا، فهما تجمعهما قواسم مشتركة في ما يتعلق بالتحديات الداخلية، والسخط على الوضع الإقليمي، وتشتركان كذلك في السعي لمواجهة ما تعتبرانه “الهيمنة أحادية القطب على النظام العالمي”، وعلاوةً على ذلك فإن السوق الصينية من الأسواق الواعدة، خاصةً مع انسحاب العديد من الشركات الأمريكية.
صعوبات داخلية
تجمع موسكو وبكين كذلك تحديات داخلية وخارجية، فالصين تعيش على وقع زيادة إصابات كورونا بنحوٍ غير مسبوق، وتباطؤ للنمو الاقتصادي بسبب سياسة “صفر كوفيد” الصارمة، التي تراجعت عنها بكين أخيرًا بعد مظاهرات غير مسبوقة منذ 3 عقود، بعد شهر واحد من تعزيز شي قبضته على السلطة بولاية ثالثة.
وبينما تمثل أوكرانيا تحديًا للأمن القومي الروسي، تمثل تايوان حالة مشابهة للصين، فتايوان تشدد على حقها في الاستقلال، في حين تصر بكين على أن الجزيرة “جزء لا يتجزأ من الجمهورية الشعبية الصينية”.
توترات الباسفيك
التقارب الصيني الروسي لا يمكن عزله عن التوترات المتزايدة بين القوى الآسيوية غرب المحيط الهادئ، حيث تواجه الصين تحديات أمنية بمنطقة “الباسفيك الآسيوي” التي تشهد تنافسًا محمومًا بين بكين وحلفاء آسيويين لواشنطن، في الممر المائي الذي تعتمد عليه 40% من التجارة العالمية.
وقبل أيام معدودة، اخترقت مسيّرات كورية شمالية سماء سيول عاصمة جارتها الجنوبية، التي وضعت دفاعتها في حالة تأهب. وفي الشهر الماضي، أعلنت اليابان استراتيجيتها للأمن القومي التي شهد تحولًا تاريخيًّا تجاه سياستها العسكرية والأمنية.
وزاد معدل المناورات التي تجريها بكين، وقد أجرت هذا الشهر تدريبات مشتركة مع موسكو، ليزيد تعقيد المشهد العالمي. وشهد عام 2022 أكبر معدل لإطلاق صواريخ من كوريا الشمالية، في ظل مخاوف من إقدامها على تجربة نووية سابعة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1393721