كيف يهدد انقلاب النيجر المصالح الأمريكية في إفريقيا؟

آية سيد
كيف يهدد انقلاب النيجر المصالح الأمريكية؟

يهدد انقلاب النيجر الاستقرار في غرب إفريقيا، والمصالح الأمريكية والفرنسية في القارة، ويعزز فرص الصين وروسيا، ويحقق مكاسب للإرهابيين، ما سيُسبب المعاناة للأفارقة.


حذر الخبير الاقتصادي، فرانسوا بيرد، من تداعيات انقلاب النيجر على المصالح الأمريكية في القارة الإفريقية.

وفي مقال نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، 11 أغسطس 2023، قال بيرد إن الانقلاب يهدد الاستقرار في غرب إفريقيا، والمصالح الأمريكية والفرنسية في القارة، ويعزز فرص الصين وروسيا، ويحقق مكاسب للإرهابيين، ما سيُسبب المعاناة للأفارقة.

لا عودة إلى الديمقراطية

استبعد بيرد أن تعود النيجر إلى الديمقراطية في المدى القريب، وقال إن الآمال التي أعربت عنها فرنسا في البداية بأن تتدخل القوات المسلحة النيجرية لإنهاء الانقلاب تبددت عندما انحاز الجيش إلى الانقلابيين.

اقرأ أيضًا| حياة البشر على المحك.. تداعيات خطيرة حال تدخل «إيكواس» عسكريًّا في النيجر

وكذلك انتهى الموعد النهائي الذي حددته المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) كي يعيد الجيش الرئيس المخلوع، محمد بازوم، إلى السلطة أو يواجه تدخلًا عسكريًّا. كما جرى فرض عقوبات، وقطعت نيجيريا الكهرباء عن النيجر، لكن كل هذا يضر شعب النيجر، وليس الجيش أو المتمردين.

اختبار مبكر

تأتي التطورات في النيجر في أعقاب تدهور الوضع الأمني في بوركينا فاسو، الذي يؤثر أيضًا في دول أخرى في المنطقة. ورأى بيرد أن هذا يُعد اختبارًا مبكرًا للممثل الخاص للأمم المتحدة لغرب إفريقيا ومنطقة الساحل، المعين حديثًا، ليوناردو سيماو، الذي يجب أن يحشد ردًا مترابطًا.

وبصفته وزير خارجية سابق لموزمبيق، من المتوقع أن ينظم سيماو ردًا أفضل على المخاطر في غرب إفريقيا ومنطقة الساحل مما جرى التوصل إليه حتى الآن.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن احتمالية التدخل العسكري الإفريقي منخفضة، ما لم تمولها وتدعمها الولايات المتحدة وفرنسا. لكن السؤال يظل ما إذا كان غياب الإرادة السياسية، والقيادة، والتمويل يعني أن شيئًا لن يحدث.

التعلم من التاريخ

تعلم جيش النيجر من الانقلابات في مالي، وتشاد، وغينيا، والسودان، وبوركينا فاسو، وغينيا بيساو أنه يمكن إدارة عواقب الانقلابات وأن مكاسبها جذابة. وفي معظم الانقلابات الأخرى، عندما انسحبت أمريكا وفرنسا، جرت دعوة روسيا، متمثلة في مجموعة فاجنر العسكرية.

اقرأ أيضًا| انقلاب النيجر يكشف فشل سياسة الغرب في الساحل الإفريقي

إلا أن الحكومات الأمريكية والفرنسية لم تتعلم من هذا التاريخ القريب. وقال بيرد إنه إذا لم تعيد أمريكا وفرنسا تقييم نهجهما ومشاركتهما في إفريقيا، فإنهما تخاطران بالتنازل عن نفوذهما في القارة إلى الصين وروسيا. وهذا يشمل خسارة الوصول إلى المعادن الاستراتيجية، مثل اليورانيوم، إلى جانب الأضرار الجغرافية، والأمنية، والتجارية.

دور البراجماتية

أشار بيرد إلى أن الطريق إلى الأمام يحتاج إلى التركيز على تعزيز سيادة القانون والديمقراطية، إلى جانب امتلاك الشجاعة للتعامل ببراجماتية مع الأنظمة غير الديمقراطية والحكومات العسكرية.

اقرأ أيضًا| اللواء محمد عبدالواحد لـ«رؤية»: انقلاب النيجر يعكس ضعف النفوذ الفرنسي (2-2)

لكن البراجماتية لا تعني احتضان الانقلابات على حساب حقوق الإنسان، بل تعني العمل لصالح الفقراء والمحرومين عبر اختيار أهون الشرور. ومنذ أن تخلت فرنسا عن نهجها الصارم في غرب إفريقيا، ارتفع عدد الأشخاص النازحين، وازدادت توغلات المتمردين، وتسارع التراجع الاقتصادي، وحدثت المزيد من الانقلابات، وتدهورت الديمقراطية.

مخاطر واضحة

أصبحت المخاطر في غرب إفريقيا واضحة. وذكر بيرد، وهو مواطن جنوب إفريقي من أصل أمريكي، أن مصادره في صناعة التعدين في كوت ديفوار أخبرته بوجود توغلات يومية من بوركينا فاسو، في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد، لسرقة معدات التعدين والغذاء، في حين أشارت مصادر أخرى إلى وقوع هجمات في الغرب.

وحسب بيرد، فإن ليبيا، وتشاد، وتوجو، وغانا، والسنغال، وبنين، ونيجيريا، وكوت ديفوار جميعها معرضة لخطر إضافي بسبب الوضع الأمني المتدهور الناتج عن الانقلابات في النيجر وبوركينا فاسو.

لكن غينيا، التي شهدت انقلابًا عسكريًّا وتدعم التعدين بنشاط، هي المستفيد الأكبر من الوضع. وتحاول الحكومة الغينية الاستيلاء على استثمارات ودخل بوركينا فاسو من التعدين، ومن المرجح أن تجذب شركات التعدين التي تعمل في النيجر.

مستقبل النيجر

لمعرفة مصير النيجر في المستقبل، رأى بيرد أنه من الضروري الانتباه إلى إشارات معينة، أولها أداء الجيش ضد المتمردين. وإذا خسرت القوات الحكومية عدة معارك مهمة على التوالي أو جرى اجتياح قاعدة عسكرية مهمة، أو إذا وقعت هجمات كبيرة في العاصمة نيامي، ينبغي أن تعلم الولايات المتحدة أن الوضع يتدهور سريعًا.

والإشارة الثانية هي مغادرة الضباط العسكريين رفيعي المستوى، أو المسؤولين الحكوميين، أو المدنيين للنيجر، وعدم إعادة فتح مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسفارات التي يجري إغلاقها حاليًّا.

مؤشرات أخرى

من الضروري كذلك الانتباه إلى التدهور الاجتماعي، مثل معدل نمو مخيمات النازحين، أو البيانات المتعلقة بالحصاد وإنتاج الغذاء كمؤشرات على مجاعة وشيكة، والإشاعات عن حدوث نقص في الموارد. كما أن تراجع عائدات الضرائب للحكومة العسكرية في النيجر سيُضعف موقفها بدرجة كبيرة.

اقرأ أيضًا| صراع غربي روسي.. المستفيدون والخاسرون من انقلاب النيجر

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن أي عدد من هذه التطورات سيفتح الباب أمام الصين، وروسيا، وحتى تركيا، التي تكثف جهودها في إفريقيا. وفي الوقت الحالي، من المرجح أن تخسر الولايات المتحدة وفرنسا استثماراتهما وقواعدهما لمكافحة الإرهاب في النيجر.

وختامًا، قال بيرد إنه بسبب تراجع الاستقرار في النيجر وغرب إفريقيا، ستحارب روسيا مقابل التعدين والموارد الأخرى، و سيحقق الإرهابيون مكاسب، وستجني الصين الأموال وتزيد نفوذها في المنطقة.

ربما يعجبك أيضا