لعنة البريكست.. السيناريوهات المطروحة أمام جونسون بعد تعليق البرلمان

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي 

عقب وقوعه في براثن البريكست، قرر رئيس الوزراء البريطاني تعليق عمل مجلس العموم البريطاني، اعتقادًا منه أن ذلك القرار سيمنحه فرصة للمضي قدمًا في إنهاء الأزمة، ولكن العقبات توالت بعدها، ليثير اشمئزاز جموع المواطنين والنواب من القرار، وكذلك صدور قرار يمنعه بالخروج بدون اتفاق، ومن ثم، فقد يقع جونسون ضحية أخرى بعد تيريزا ماي أمام صخرة البريسكت.

لا عجب أن يقرر رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، إغلاق البرلمان، وإن مؤقتا، وقد مني بالهزيمة ست مرات متتالية في التصويت فيه بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي “بريكست”. وعادة ما يتعطل البرلمان في هذا الوقت من العام، عندما تكون الأحزاب السياسية مشغولة في مؤتمراتها السنوية.

ولكن فترة التعطيل لا تكون في العادة بهذا الطول، أي خمسة أسابيع، ولم يكن القرار متوقعًا أصلا، إذا أخذنا في الحسبان الأزمة السياسية بشأن بريكست، التي تتصاعد وتيرتها وصولا إلى موعد انتهاء التمديد الحالي في 31 أكتوبر، عندما تترك بريطانيا الاتحاد.

ووصف زعماء المعارضة الخطوة التي اتخذها جونسون بأنها “سحق للديمقراطية، واستيلاء عليها”، بل انقلاب يهدف إلى تمرير خيار الخروج من الاتحاد بدون اتفاق بالقوة، وذلك بحرمان أعضاء البرلمان من الوقت الكافي لتمرير القوانين.  ولكن جونسون وفر لنفسه بعض الوقت للعمل على خططه لبريكست، بدون تدخل البرلمان، فما الذي سيفعله في الفترة المقبلة؟

ويقع أمام جونسون، بحسب تقرير لموقع البي بي سي، أربعة خيارات: تحدي القانون والخروج من الاتحاد في 31 أكتوبر، أو إبرام اتفاق بسرعة، أو الاستقالة من منصبه، أو قبول طلب تمديد مهلة بريكست. ولكن ما هي عواقب كل من تلك الخيارات؟

الخروج بدون اتفاق

وافق البرلمان على تشريع يمنع البلاد من الخروج من الاتحاد الأوروبي في أكتوبر، إلا إذا أبرم اتفاق، ويعني هذا أن رئيس الوزراء ملزم قانونيا بطلب تمديد تاريخ الخروج من الاتحاد الأوروبي.

ولكن الحكومة تتحدث بطريقة شرسة عن اختبار التشريع “إلى أقصى حد”، إن لم يكن قرارها هو تحدي القانون أصلا.

وقال وزير الخزانة، ساجد جاويد إن الحكومة “لن تطلب مطلقًا” من الاتحاد الأوروبي تمديد تاريخ الخروج، مضيفا: “سوف نخرج في 31 أكتوبر”.

ويصر جونسون نفسه على أن بريطانيا سوف تخرج “مهما كلفنا هذا” في 31 أكتوبر/ تشرين الأول، ولكنه تلقى تحذيرات بأنه قد يواجه المحاكمة إن اختار أن ينتهك القانون.

التوصل  لاتفاق 


ما زالت الحكومة تصر على أن التوصل إلى اتفاق هو الخيار الأفضل لديها، وأن طرح الخروج “بدون اتفاق” وسيلة ضرورية من أجل التفاوض.

ويقول رئيس الوزراء إن السبيل إلى إبرام اتفاق بريكست هو منع الاتحاد الأوروبي من التفكير في أن أعضاء البرلمان سيوقفون الخروج بدون اتفاق، ووصف وزير الخارجية، دومينيك راب تشريع منع الخروج بدون اتفاق بأنه “رديء”، قائلا إنه “يضعف” وضع الحكومة في التفاوض مع بروكسل.

لكن الاتحاد الأوروبي يقول إن الحكومة لم تبذل جهدًا للتوصل إلى اتفاق، وتقول وزيرة العمل والمعاشات، التي استقالت من الحكومة نهاية الأسبوع الماضي، ليس هناك دليل على أن بوريس جونسون يحاول التوصل إلى اتفاق.

ولخص رئيس الوزراء الأيرلندي موقف الاتحاد الأوروبي يوم الإثنين بقوله لبوريس جونسون إن الاتحاد الأوروبي “مستعد لأي بدائل، لكنها يجب أن تكون واقعية، وقانونية وقابلة للتنفيذ، ولم نتسلم مقترحات كهذه حتى الآن”.

غير أن وزير الخزانة البريطاني، ساجد جاويد، قال إن الوزراء “يبذلون ما في وسعهم” من أجل التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، لكن يبدو أنه لم يعد هناك وقت للتوصل إلى اتفاق جديد قبل حلول منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، كما ينص التشريع الذي وافق عليه البرلمان.

والاتفاق الوحيد الموجود حاليًا، هو الذي توصلت إليه إدارة تيريزا ماي، ورفضه البرلمان ثلاث مرات.

سيناريو تيريزا 

قال رئيس الوزراء يوم الخميس من الأسبوع الماضي إنه يؤثر “الموت في خندقه” على أن يطلب تمديدا آخر لبريكست.

وعلى الرغم من المبالغة في هذا التصريح، فإنه من الممكن أن يستقيل بوريس جونسون ويقول “إذا أردتم تمديد عملية بريكست، فلن أكون أنا هذا الشخص”.

ومع فقد حزب المحافظين لأي أغلبية كان يتمتع بها في البرلمان، حتى مع مساندة الوحدويين من ممثلي أيرلندا الشمالية، فإنه أصبح من شبه المؤكد أن يفضي الوضع الحالي، مع طرد 21 عضوًا من الحزب الأسبوع الماضي لتصويتهم مع المعارضة، إلى انتخابات عامة.

ولكن يجب على الاتحاد الأوروبي أن يوافق على أي تأخير لموعد بريكست، ومن الضروري لبريطانيا أن تطلب هذا التمديد، لوقف خروج البلاد من الاتحاد في 31 أكتوبر تلقائيا.

وعلى من يتولى بعد استقالة جونسون، خلال فترة الـ14 يوما التي تعقب الاستقالة، أن يطلب التمديد من الاتحاد، وربما يكون ذلك جيرمي كوربن، أو أي شخصية أخرى تحظى بثقة أغلبية الأعضاء، مثل كينيث كلارك، عضو المحافظين المخضرم.

وهناك اقتراح آخر فحواه أن كبير موظفي الحكومة يستطيع أن يقدم هو نفسه طلب التمديد، ولكن هذا سيكون أمرا غريبا وغير معتاد.

قبول التمديد

قد يدوس جونسون على كرامته ويقبل بضرورة التمديد لعملية بريكست،  فقد يجري بعدها انتخابات عامة، ربما في نوفمبر، أو في ديسمبر ويبدأ حملة انتخابية يكون فحواها أنه فعل ما في وسعه لتحقيق الخروج من الاتحاد، لكن البرلمان عرقل جهوده.

وربما يكون في ذلك الوضع فائدة، تساعد حزب المحافظين لكي يستعيد معها مصداقيته بشأن بريكست، لمواجهة التهديد الذي يمثله خصمه حزب بريكست، وقد يساعد هذا أيضًا في نشر رسالة شعبوية قوية تقول “الشعب مقابل البرلمان” بشأن خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.

ولكن أحزاب المعارضة يمكن أن تقول إن جونسون ببساطة ليس محل ثقة، وإنه يقود البلاد إلى كارثة هي الخروج بدون اتفاق، وهذا يعني إجراء انتخابات عامة ثالثة، وربما اختيار زعيم رابع للمحافظين، في فترة أقل من خمس سنوات.

ربما يعجبك أيضا