للضغط على روسيا والصين .. مشروع “أم العقوبات” الأمريكية على إيران

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية سياسة “أقصى ضغط” من العقوبات على إيران؛ من أجل إجبار طهران على الجلوس مرة أخرى على طاولة المحادثات؛ للتفاوض مرة أخرى حول البرنامج النووي والصاروخي والنفوذ والتهديدات الإيرانية في المنطقة.

وقد قابلت إيران هذه العقوبات بسياسة “الصبر الاستراتيجي” إلى أن ترحل إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب. وكذلك اعتمدت طهران سياسة “خفض الالتزام” النووي من أجل دفع الأوروبيين للضغط على واشنطن؛ خشية من خروج إيران من الاتفاق النووي.

وبعدما عجزت العقوبات الأمريكية رغم قسوتها عن تعديل سلوك النظام في إيران، كما خطط ترامب وأعلن في بداية ولايته، اتجهت واشنطن لفرض عقوبات تطال حلفاء طهران؛ لتحجيمهم وتحييد دورهم في مساندة طهران. وتأتي خطة واشنطن المدعومة من الكونجرس لفرض عقوبات شاملة لكل مناطق التمدد والنفوذ الإيراني في المنطقة.

أم العقوبات

قدَّم 13 عضوًا من لجنة الدراسة الجمهورية مشروع قانون إلى الكونجرس سيفرض أكثر العقوبات صرامةً على إيران وقواتها بالوكالة في المنطقة.

وبحسب وكالة “رويترز”، تدعو خطة النواب الأمريكيين أيضًا إلى مقاطعة الإمبراطورية المالية للمرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي. كما تدعو الخطة، التي تتضمن 25 سياسة مقترحة ضد إيران، وزارة الخزانة الأمريكية إلى فرض عقوبات على أمير علي حاجي زادة، قائد سلاح الجو فضاء في الحرس الثوري.

یُذكر أن مشروع قانون الكونجرس المؤلف من 11 صفحة، والذي صاغه 13 عضوًا في لجنة الدراسة الجمهورية، يفرض عقوبات شديدة على قطاعات البتروكيماويات والمالية والسيارات والبناء في إيران.

وصرح ممثلو الكونجرس في خطتهم بأنه “على عكس روسيا والصين، فإن إيران ليست قوة كُبرى، أو مُنافسًا استراتيجيًا للولايات المتحدة”، ولكنها “كنظام متمرِّد” و”أكبر داعم لإرهاب الدولة في العالم”، تمثل تحديًا كبيرًا للولايات المتحدة. كما دعا النواب إلى توسيع العقوبات على قطاع الشحن الإيراني وزيادة عقوبات حقوق الإنسان ضد الجمهورية الإسلامية.

وعلى الرغم من دعم الجمهوريين، فلم يؤيد، حتى الآن، أي من الديمقراطيين، الذين يشغلون أغلبية المقاعد في مجلس النواب، مشروع القانون. ويجعل مشروع هذا القانون أي خطوة من قبل الحكومة الأمريكية لرفع العقوبات عن إيران، خاضعةً لموافقة الكونجرس.

وربما لن يمر هذا القانون من الكونجرس في الوقت الحالي؛ بسبب الاستعداد للانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ ولكنها ستدفع إدارة ترامب إلى فرض مزيد من العقوبات على إيران.

ولكن الواضح أن “أم العقوبات” ستشمل البلدان التي تتمدد فيها إيران، مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن، أو البلدان التي تقيم علاقات تجارية مع إيران، ومنها دول خليجية وعربية.

عقوبات على لبنان

ويشمل مشروع العقوبات الجديدة، زيادة العقوبات على حزب الله في لبنان وحلفائه. وقد طالب أعضاء الكونجرس بإنهاء المساعدة الدولية للحكومة اللبنانية، التي تقدر بنحو 70 مليون دولار سنويًا، ودعت الخطة إلى فرض عقوبات على وزير الخارجية اللبناني السابق جبران باسيل ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.

والهدف من العقوبات هذه المرة، هو توسيع دائرة العقوبات لتشمل أشخاصًا وحلفاء مقربين من إيران، مثلما توسع واشنطن مع عقوباتها على إيران.

عقوبات القيصر على سوريا

كما أكدت خطة العقوبات على دعم سياسة الحكومة الأمريكية للانتقال السياسي في سوريا وانسحاب جميع القوات الإيرانية من هذه البلاد.

وبعد أيام قليلة، سيدخل قانون حماية المدنيين في سوريا، المعروف باسم قانون قيصر الأمريكي، حيّز التنفيذ، مع سريان مفعوله في 17 يونيو/حزيران الجاري، وسط توقعات في الوسط السوري والمحور الذي يدور في فلكه، بأن تكون له انعكاسات كبيرة على الاقتصاد السوري وعلى بيئة الأعمال التي تعد العدة لمرحلة إعادة إعمار سوريا، بعد بلورة الحل السلمي أو التسوية الأمريكية – الروسية حيال مستقبل البلد والنظام فيه ودور العملاقين الدوليين فيه.

لا شك أن “قانون قيصر” سيساهم في تفعيل الدور الأمريكي في الملف السوري، ليصبح هذا القانون اليوم أشبه بورقة ضغط بيد واشنطن ضد التفرد الروسي. ويفرض عودة القوات الأمريكية لتثبيت مواقعها في شرق سوريا وشمالها، استمرار وجود قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في شرق الفرات، وكذلك استمرار سيطرتها على الموارد الاستراتيجية من نفط وغاز، وكأنها تخطط للبقاء هناك فترة طويلة الأمد.

وإلى جانب ذلك، يعطل قانون القيصر من خطط إعادة الإعمار في سوريا التي تستفيد منها إيران وروسيا والصين.

عقوبات تشمل العراق

إلى جانب أن قانون قيصر للعقوبات على سوريا، سيؤثر على لبنان والعراق. فقد دعا مشروع الكونجرس، إلى إلزام الحكومة الأمريكية بفرض عقوبات على المجموعات التي يقودها هادي العامري، وفيلق بدر، والميليشيات المرتبطة بإيران، بما في ذلك كتائب الإمام علي، وسرايا الخراساني، وكتائب سيد الشهداء، ولواء أبو الفضل العباس، وكتائب أنصار الله الأوفياء، وكتائب جند الإمام، وسرايا عاشوراء. وهي الفصائل المولية لإيران.

كذلك، إلى جانب استهداف المليشيات العراقية الموالية لإيران؛ تهدف واشنطن إلى استمالة حكومة بغداد بما يعزز من قوتها أمام النفوذ الإيراني؛ فقد كشفت مصادر إعلامية عن تلقي حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي خلال الجولة الأولى من الحوار الإستراتيجي الذي بدأ، أمس الخميس، بين العراق والولايات المتحدة، إشارة إلى استعداد أمريكي لدعم حملة تنمية شاملة في العراق، لقاء التعاون على تحجيم دور الميليشيات الموالية لإيران.

ولم تستبعد المصادر أن تلجأ واشنطن إلى استغلال حاجة العراق الشديدة حاليا إلى إسناد خارجي عاجل لتجاوز أزمة الرواتب التي تهدد بانفجار الأوضاع الاجتماعية، من خلال التلويح بحزمة مساعدات مالية لقاء تحركات ضد شخصيات عراقية على صلة بإيران، وتمتلك سجلا حافلا من تهم الفساد وارتكاب جرائم إرهابية وغيرها.

الضغط على روسيا والصين

تستهدف واشنطن من عقوبات “قانون القيصر” التي فرضتها على سوريا، وكذلك من “أم العقوبات” التي طرحها الكونجرس، إلى ممارسة الضغط على روسيا والصين؛ حيث تطمح واشنطن إلى تمديد قرار حظر التسليح على إيران، والذي سينتهي في أكتوبر المقبل وفقًا للاتفاق النووي، وتعارض روسيا والصين هذا التمديد؛ الذي يضر بصفقات الأسلحة الخاصة بهم مع إيران.

والعقوبات الأمريكية التي تطال حلفاء إيران في الخارج، بلاشك تضر بالمصالح الروسية والصينية المتشابكة مع إيران في المنطقة.

هذا، وقد أقرت الأمم المتحدة ما ذهبت إليه كل من واشنطن والرياض في وقت سابق بعد أن أكدت أن الصواريخ التي هوجمت بها المنشئات النفطية السعودية في سبتمبر/أيلول الماضي إيرانية الصنع.

وتضغط واشنطن على مجلس الأمن المكون من 15 دولة لتمديد حظر أسلحة على إيران. وقد لمحت كل من روسيا والصين اللتان تتمتعان بحق النقض (الفيتو) في المجلس إلى معارضتهما لهذا التحرك.

وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت إنها ستوزع مشروع قرار لتمديد حظر الأسلحة على إيران قريبا، وإذا لم تفلح الولايات المتحدة في مسعاها هذا، فقد هددت بأنها ستفعل العودة لجميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران بموجب الاتفاق النووي على الرغم من انسحابها منه في 2018.

ربما يعجبك أيضا