لماذا تدعم إيران حكومة “مادورو” بفنزويلا؟

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

ما يحدث في فنزويلا لم يكن إلا لترسيخ صورة أكثر وضوحاً عن بنية النظام الدولي القادم “في طور التشكل” بعدما كان أحادي القطبية بقيادة الولايات المتحدة بنهاية القرن الماضي وانهيار الاتحاد السوفيتي. وبدأ النظام الجديد بالتشكل منذ انهيار الرأسمالية عقب الأزمة المالية العالمية، والتي ألقت بالدول الغربية في براثن الديون وانخفاض معدلات النمو، بجانب عدد من الأزمات السياسية والتي ألقت بظلالها على الساحة لبروز أقطاب جديدة، لنرى صعود الدب الروسي مرة أخرى “الأزمة الأوكرانية وحرب جورجيا”، والتفوق الصيني في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد لوضع يهدد الشركات الأمريكية.

بدأت قيادة النظام تنسحب من تحت أقدام واشنطن، لبروز قوى دولية تهدد انفرداها، وبل ودخل على الخط دول متوسطة تعارض علانية القيادة الأمريكية، وأصبح لها هامش معقول من المناورة السياسية تستطيع به التملص من العقوبات الأمريكية أو حتى مواجهتها عسكرياً. وبات يتشكل دولاً عديدة بخلاف روسي والصين تنهاض الوصاية الأمريكية على النظام الدولي.

تعد الأزمة بفنزويلا صورة جلية للتنافس الدولي حول الزعامة الدولية، ولطالما كان النظام الأحادي مقيد لتحرك دولا متوسطة مثل فنزويلا وإيران، أما النظام الثنائي ومتعدد الأقطاب فيسمح لتلك الدول بمزيد من التحرك الدولي وتحقيق جزء من مصالحها؛ الذي يصعب تحقيقه في ظل النظام الأحادي ولا سيما الدول المعارضة لبنيته.

توثيقا للتحرر من النظام الأحادي، تصارع الدول التي تواجه الرأسمالية الغربية ما فرضته الإمبريالية الغربية عبر دعم الدول ذات الأنظمة الاشتراكية، والأحزاب اليسارية، ومواجهة الولايات المتحدة في مناطق نفوذها، وامتد ليشمل الدول القريبة جغرافيًّا منها والتي تعتبرها الولايات المتحدة مناطق أمن قومي، وعلى رأسها أزمة فنزويلا، والتي سارعت الدول الغربية بدعم زعيم المعارضة خوان غوايدو، بدون آليات ديمقراطية، بينما دعمت القوى المتصاعدة الجديدة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس حسن روحاني أن بلاده تدعم حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو. وقال روحاني خلال تسلم أوراق اعتماد السفير الفنزويلي الجديد في إيران: “ندعم حكومة  مادورو الشرعية، ونعتقد بأن الشعب الفنزويلي سيفشل هذه المؤامرة عبر الوحدة والوقوف إلى جانب الحكومة”.

مواجهة الغرب

ارتبطت إيران بعلاقات قوية بكاراكاس “عاصمة فنزويلا”، من مبدأ “مواجهة الغرب”، وعلى رأسه الولايات المتحدة. فتواجه إيران السياسة الأمريكية لأجل محاصرتها وبخاصة عقب انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي، وإعلانه مؤخراً بارتكاز الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط لأجل مواجهة إيران ومليشياتها.

 كما تعلن أمريكا العداء للنظام الفنزويلي اليساري والذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع روسيا، ولعل أبرز ما دفع الولايات المتحدة بأن تسرّع من الأحداث هو ما نُشر في ديسمبر الماضي، عن نية لدى روسيا بتأسيس وجود عسكري طويل الأمد لها في أمريكيا اللاتينية عبر إنشاء قاعدة جوية في فنزويلا، وبذلك كادَ يتحقّق ما قيل في السنوات الأخيرة عن أنّ الحديقة الخلفية للولايات المتحدة أي أمريكا اللاتينية لم تعد لها.

 التملص من العقوبات الأمريكية

وثقت طهران علاقاتها بفنزويلا لأجل تخفيف العقوبات الاقتصادية عليها، إذ استثمرت إيران في فنزويلا عبر شركاتها “إيران خودرو” لتصنيع السيارات، وشركة نفط “بتروفارس”، وغيرها من الشركات في مجال إنتاج الإسمنت، ومصانع للبتروكيماويات، وغيرها وضخت فيها مليارات الدولارات في فنزويلا.

 إفشال سياسة المواجهة الأمريكية لإيران

تسعى إيران لأجل تشتيت التركيز الأمريكي على مواجهتها بمنطقة الشرق الأوسط، لجبهات جديدة تستطيع ضرب النفوذ الأمريكي بها، وتسعى إيران عبر حزب الله المؤيد لتوجهاتها، لتعزيز التعاون المليشاوي بها،  وأعلن في بيان له، يؤكد حزب الله “وقوفه إلى جانب الرئيس نيكولاس مادورو وحكومته المنتخبة، معتبراً أن “سلسلة الاعترافات الخاضعة للإرادة الأمريكية لا يمكن أن تعطي شرعية  للانقلابيين”.

هذا يحدث فى الوقت الذى تستمر فيه الإدارة الأمريكية منذ أكثر من عام فى فرض عقوبات على إيران وحزب الله، من كل اتجاه، ومحاولة حصار وخنق كافة المنافذ المالية والتجارية لهما وتقييد حركة سفر قادتها ووضع العشرات من الشخصيات على قوائم منع السفر، أو اعتبار بعضهم شخصيات إرهابية، ويتضامن الكونجرس بمجلسيه (الشيوخ والنواب) وحزبية (الجمهوري والديمقراطي) في هذه الإجراءات الخانقة

ربما يعجبك أيضا