لماذا يتمسك الجنوب العالمي بالحياد تجاه حرب أوكرانيا؟

آية سيد
فشل غربي.. الجنوب العالمي يلتزم الحياد تجاه حرب أوكرانيا

تظل العديد من الاقتصادات الناشئة الكبرى، مثل الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، محايدةً تجاه الحرب الروسية الأوكرانية.


على مدار عام ونصف العام من الحرب الروسية الأوكرانية، فشل الغرب في حشد دول العالم النامي وراء دعم كييف.

وحسب ما جاء في تقرير لصحيفة وول ستريت الأمريكية، اليوم الخميس 14 سبتمبر 2023، تظل العديد من الاقتصادات الناشئة الكبرى، مثل الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، محايدة تجاه الحرب، قبل أسبوع من اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.

أولويات مختلفة

أفادت الصحيفة الأمريكية بأن أوروبا وأوكرانيا والولايات المتحدة، نظمت عدة عمليات تصويت ناجحة في الأمم المتحدة لإدانة روسيا في الحرب. وفي الأشهر الأخيرة، بدأت محادثات مع عشرات الدول الأخرى، بشأن ملامح “التسوية السلمية العادلة” في كييف.

إلا أن الكثير من الاقتصادات الناشئة الكبرى تلتزم موقفًا محايدًا تجاه الحرب. وفي اجتماع قادة العالم بالجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع المقبل، يبدو أن الدول النامية حريصة على تحويل التركيز العالمي على أولوياتها، وهي انعدام المساواة العالمية، وتخفيف عبء الديون.

اقرأ أيضًا| عودة الجنوب العالمي.. حقيقة جيوسياسية جديدة وإعادة تشكيل للمشهد العالمي

هل استفادت روسيا؟

حسب وول ستريت جورنال، لم تستفد روسيا كثيرًا من الصعوبات التي يواجهها الغرب، وظلت مهمشة في الكثير من المنتديات الدولية، واعترف عدد قليل من الدول بالمناطق التي ضمتها في أوكرانيا.

فشل غربي.. الجنوب العالمي يلتزم الحياد تجاه حرب أوكرانيا

رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، ووزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف

وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لم يغادر بلاده هذا العام، خشية اعتقاله بأمر من المحكمة الجنائية الدولية. في حين يسافر الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، إلى نيويورك ويشارك في اجتماع لمجلس الأمن بشأن الحرب، يوم الأربعاء المقبل.

غياب التقدم

في ظل احتمالية وصول الحرب إلى حالة جمود دموية، والتداعيات الاقتصادية للصراع، التي لا تزال تؤثر في الدول النامية، لم تحقق الجهود الغربية الرامية للتوصل إلى توافق دولي بشأن شروط السلام، التي تعمل لصالح أوكرانيا، سوى تقدم تدريجي، وفق الصحيفة.

وفي هذا السياق، قال مدير قسم الأمم المتحدة بمجموعة الأزمات الدولية، ريتشارد جوان: “لا أعتقد أن هذا وضع يمكن فيه تحقيق انتصارات أو خسائر سهلة”، مضيفًا أن الكثير من الدول غير الغربية تواصل محاولة “تبني موقف وسط بين أوكرانيا وروسيا”.

عزوف متزايد

يزعم الدبلوماسيون الأمريكيون والأوروبيون أنهم حققوا نجاحات كبيرة في الدبلوماسية العالمية تجاه أوكرانيا، في إشارة إلى النجاحات التي حققوها في عمليات تصويت الأمم المتحدة، التي تدين روسيا وضم أراضٍ أوكرانية في أكتوبر 2022.

فشل غربي.. الجنوب العالمي يلتزم الحياد تجاه حرب أوكرانيا

زيلينسكي مع قادة أفارقة في كييف

لكن في الأشهر الأخيرة، رأى دبلوماسيون ومراقبون أن الاستعداد الدولي لشجب روسيا علنًا تناقص. ولفتت وول ستريت جورنال إلى أن عددًا من الدول الناشئة عارض دعوات أوكرانيا وداعميها للحصول على تعويضات من روسيا، عن الأضرار الناجمة عن الحرب، وإنشاء محكمة دولية تستهدف القيادة الروسية.

وإلى جانب هذا، انضم عدد قليل فقط من الدول النامية إلى العقوبات الغربية ضد روسيا. ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن تحايل روسيا على العقوبات الغربية عن طريق التجارة عبر دول محايدة، يظل تحديًا كبيرًا لواشنطن وحلفائها.

اقرأ أيضًا| الهند تمتلك فرصة فريدة لتسهيل الحوار بين روسيا وأوكرانيا

تغييرات كبرى

توسعت مجموعة بريكس، التي تقودها روسيا والصين، الشهر الماضي، لتضم 6 دول جديدة، من بينها مصر والسعودية والإمارات، في ما وصفته الصحيفة بأنه تغيير كبير في السياسة الدولية، ستكون له عواقب على مدار سنوات كثيرة.

فشل غربي.. الجنوب العالمي يلتزم الحياد تجاه حرب أوكرانيا

رئيس البرازيل، لولا دا سيلفا

ومن جهة أخرى، أصبح رئيس البرازيل، لولا دا سيلفا، واحدًا من القادة الأكثر صراحةً في بلد محايد، الذي ينتقد نهج الغرب تجاه الحرب. وذكرت وول ستريت جورنال أن واشنطن غضبت عندما اتهم لولا الولايات المتحدة بـ”تشجيع الحرب”، عبر إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا.

استخفاف غربي

رأى مسؤول الدفاع الألماني السابق والخبير بشركة أوراسيا جروب للاستشارات، يان تيشاو، أن بعض المسؤولين الغربيين استخفوا بقدر العداء تجاه الولايات المتحدة وأوروبا في مناطق من العالم، ورغبة لاعبين رئيسين، مثل البرازيل وجنوب إفريقيا، في تعزيز استقلالهم ومصالحهم على الساحة الدولية.

وقال: “من الواضح أن الغرب تفاجأ بالعزوف المنتشر بين الكثير من دول الجنوب العالمي عن الانضمام إليه”.

محاولات للتكيف

أشارت وول ستريت جورنال إلى أن أوكرانيا وداعميها تكيفوا مع الإخفاقات. وتودد زيلينسكي إلى الدول الإفريقية والخليجية والآسيوية، مثل الهند، وعمل مع الحلفاء الأوروبيين على مسار دبلوماسي منفصل، يهدف إلى إيجاد أساس مشترك بين الدول الغربية والناشئة الكبرى بشأن ما سينطوي عليه السلام العادل لأوكرانيا.

وفي اجتماع بمدينة جدة السعودية، الشهر الماضي، شاركت أكثر من 40 دولة، من بينهم الصين. ومن المتوقع استئناف المباحثات بين المسؤولين الكبار في نيويورك، الأسبوع المقبل، التي تأمل كييف أن تؤدي إلى قمة سلام، قبل نهاية العام.

فشل غربي.. الجنوب العالمي يلتزم الحياد تجاه حرب أوكرانيا

محادثات جدة

وعن أهمية مسار جدة، قال جوان من مجموعة الأزمات الدولية: “قبلت الولايات المتحدة وحلفاؤها أنهم لن يكسبوا تأييد بعض القوى غير الغربية الكبرى بالكامل. لكن الرؤية الدولية بشأن كيف ينبغي أن تنتهي الحرب قد تساعد في صياغة الحل المتاح في النهاية”.

إخفاقات ونجاحات

في اجتماع قادة مجموعة الـ20 في نيودلهي، الأسبوع الماضي، اتحدت الإخفاقات الدبلوماسية والنجاحات المؤقتة للغرب، حسب الصحيفة الأمريكية. وظهر الإخفاق في فشل بإقناع الآخرين بإدانة روسيا. في ما اعتُبر غياب بوتين والرئيس الصيني، شي جين بينج، عن القمة نجاحًا للغرب، إلى جانب ضم الاتحاد الإفريقي للمجموعة.

وقال المشاركون إن المحاولات الروسية لانتقاد العقوبات الاقتصادية الغربية فشلت، في حين تعرضت موسكو لضغوط لإحياء مبادرة تصدير الحبوب، وطالب القادة بإنهاء الهجمات العسكرية على البنية التحتية الأوكرانية الخاصة بالحبوب.

اقرأ أيضًا| خبيرة توضح لـ«رؤية» انعكاسات انضمام الاتحاد الإفريقي لمجموعة الـ20

ربما يعجبك أيضا