“مافيا الدخان” في الأردن.. رجال أعمال متورطون ورجال دولة مشتبه بهم

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق

عمّان – وجدت حكومة عمر الرزاز نفسها بعد أيام من حسم ثقة البرلمان الأردني، أمام فضيحة فساد كبرى باتت تعرف “بقضية مصنع الدخان المزور”، حيث ذهب الناس فيها لاتهام مسؤولين في الدولة وأسماء بارزة على اعتبار أنهم شركاء أساسيين فيها.

والقضية التي تشابكت الخيوط فيها بدأ الناس الحديث عنها، بعد كشف نائب في البرلمان الأردني تفاصيلها، وأكدها رئيس الوزراء عمر الرزاز خلال رده على مناقشات النواب الخميس الماضي.

وبعد ضغوط شعبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خرجت الحكومة اليوم السبت تكشف تفاصيل القضية، وقالت وزيرة الإعلام جمانة غنيمات: إن الحكومة لن تتوانى عن محاسبة المتورّطين بهذه القضيّة أينما كانوا، وتحدثت عن توسع القضية لتشمل عددًا من المناطق وليس منطقة واحدة بعينها.

وأشارت غنيمات إلى أن الحديث يدور عن أكثر من مصنع، وربما يزداد عدد مصانع تزوير الدخان مع التوسع في التحقيقات، وهو أمر حذرت منه تقارير صحفية سابقة من وجود “مافيا الدخان” في الأردن تجني أموالًا طائلة بعيدًا عن أعين الدولة.

وشمل قرار منع السفر في هذه القضية، شقيق ونجل رجل الأعمال المرتبط اسمه بالقضيّة وهو عوني مطيع، الذي تتحدث الأنباء عن ضلوعه بقضايا فساد ارتكبها في هولندا قبل أن يعود للأردن، حيث لا ترتبط الدولتان باتفاقية تسليم مطلوبين.

وفي بحث أجرته “رؤية” حول شخصية الرجل، وجدت أنه يتمتع بنفوذ واسع في الأردن ومحاميه الأساسي عضو في البرلمان وهو النائب يحيى السعود، فيما تربطه علاقة وثيقة برئيس البرلمان عاطف الطراونة، والذي يتهمه الناس بأنه شريك في هذه القضية.

وفي الأخبار المحلية، تجد لرجل الأعمال “مطيع” أخبارًا تتعلق بفعل الخير ورعاية دور الأيتام ومراكز تحفيظ القرآن، وعادة ما تتم من خلال ابنته الناشطة الاجتماعية “ميرا عوني مطيع” وتعتبر نفسها سفيرة للنوايا الحسنة كذلك.

مافيا الدخان في الأردن

منذ سنوات يدور الحديث في الأردن عن “مافيا الدخان” التي تتاجر بهذه السلعة الأساسية، وتقوم شبكة واسعة من المتنفذين ورؤوس الأموال بصناعتها وتهريبها لجني الأرباح بعيدًا عن خزينة الدولة.

ولا يكاد يمر أسبوع دون الإعلان عن ضبط كميات كبيرة من الدخان المهرب، بأساليب إدخال كثيرة وببيانات جمركية متعددة، يمكن أن تكون على شكل معدات طبية أو ألبسة.

ووفق تقديرات شبه رسمية، فإن ما يزيد عن ثلث السجائر التي يستهلكها الأردنيين مهربة، وبالتالي فإن قيمة الخسائر المالية على خزينة الدولة ومصانع الإنتاج المحلي مضاعفة وهي المتردية أصلًا.

واللافت في قضية مصنع الدخان المزور اليوم وباتت تسمى بالفضيحة كونها قائمة على تهريب مادّة الدخان بطرق غير قانونيّة وبيعه للأسواق بأسماء ماركات أجنبية دون ضوابط.

ومن ضمن الأردنيين السبعة الذين تقرر منعهم من السفر واحد يحمل الجنسية الهولندية، وفق بيان الحكومي، فيما يقدر متابعون لهذه القضية أن عدد المتورطين بها أكثر من ذلك ولا يخلو الأمر من متنفذين في الدولة.

وفور الكشف عن تفاصيل هذه الفضيحة، انتشرت صور المتورط بها “مطيع عوني” وجلها كانت برفقته مسؤولين أردنيين، في مقدمتهم رئيس البرلمان عاطف الطراونة والنائب يحيى السعود والأخير خارج الأردن حاليًا يريد كسر الحصار المفروض على قطاع غزة.

وسارع الطراونة لإبعاد نفسه عن هذه القضية معتبرًا أنها تأتي في إطار “اغتيال الشخوص”، وأنه يثق بالقضاء الأردني النزيه في التحقيق بهذه القضية مطالبًا بالكشف عن كل المتورطين فيها.

وبات الفساد في الأردن، أكثر الملفات تعقيدًا لفشل الحكومات السابقة على وضع حل جذري له، فيما يرسم الأردنيون آمالًا واسعة على الرزاز في ذلك، بعد حصوله على ثقة غالبية البرلمان بـ79 صوتًا من أصل 130 من عدد أعضائه.

وأكدت المتحدثة باسم الحكومة، أنّه في حال ثبت تورّط أي شخص خارج البلاد بهذه القضيّة أو غيرها فهناك اتفاقيّات لتبادل المجرمين ستلجأ إليها الحكومة لاستعادتهم، مؤكّدة أنّ الجهات المختصّة لن تدّخر جهداً حيال ذلك.

وشدّدت على أنّه في حال ثبت وجود أيادٍ لها دور بمغادرة أيّ متورّط في هذه القضيّة أو تسهيل خروجه خارج البلاد لأيّ غاية أو شبهة، فإنّ الحكومة تتعهّد بتقديمهم للعدالة من خلال النائب العام، ليتمّكن القضاء من أخذ مجراه وإصدار الأحكام القانونيّة بحقهم.

ربما يعجبك أيضا