ماكرون ضد لوبان.. لماذا تختلف المواجهة هذه المرة؟

آية سيد

رغم أن الكثيرين سينزعجون لرؤية لوبان في الإليزيه، فالكثير غيرهم، خصوصًا من اليسار، يكنون عداوة مماثلة إن لم تكن أكثر لماكرون.


أسفرت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية عن تأهل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومنافسته اليمينة مارين لوبان إلى الجولة الثانية.

ورغم أن المرشحين تواجها من قبل في الجولة الثانية لانتخابات 2017، تبدو المواجهة هذه المرة مختلفة، فقد تطور المشهد السياسي كثيرًا وأصبحت فرصة لوبان للوصول إلى الإليزيه أكبر بكثير من المرة السابقة.

حملات ضد لوبان

كشف تقرير لشبكة يورو نيوز، في 12 إبريل 2022، أوجه الاختلاف بين المواجهتين، أن الارتفاع في دعم لوبان بات أكثر وضوحًا بعد ظهور نتائج الجولة الأولى. هذا دفع المرشحين الخاسرين إلى التحذير من أن اليمين المتطرف أصبح “على أبواب السلطة”.

المرشحة الاشتراكية آن هيدالجو دعت مؤيديها إلى دعم ماكرون لمنع فرنسا من “السقوط في الكراهية، وانقلاب الجميع ضد بعضهم البعض”، وقالت مرشحة حزب الجمهوريين، فاليري بيكريس، إنها ستفعل الشيء نفسه “لمنع لوبان من الوصول إلى السلطة والفوضى الناتجة عن ذلك”.

لوبان تتقدم فارق أضيق بكثير من سباق 2017

بحسب التقرير، أشار استطلاعان للرأي عن الجولة الثانية نُشرا مساء الأحد الماضي إلى تقدم ماكرون بفارق أضيق بكثير من سباق 2017. في استطلاع لإبسوس فرنسا، تقدم ماكرون بثماني نقاط فقط، بـ54% مقابل 46% للوبان. وفي استطلاع آخر للمؤسسة الفرنسية للرأي العام، كانت النسبة 51% مقابل 49%.

ورغم اهتمام حملة لوبان بالقضية الرئيسة التي تشغل الناخبين، وهي تكاليف المعيشة، يرى خصومها وبعض المحللين أنها تخفي برنامجًا يظل يرتكز على أفكار اليمين المتطرف المتمثلة في معاداة الهجرة، والتمييز العنصري ضد الأجانب، وحظر الحجاب الإسلامي في الأماكن العامة، والاستعداد لتحدي الاتحاد الأوروبي حول المبادئ الأساسية.

ماكرون يمثل المؤسسة

وفقًا للتقرير، لم يحظ ماكرون أبدًا بشعبية واسعة لدى الشعب الفرنسي. لكن في المرة السابقة، كان ماكرون يتحدى الوضع السياسي الفرنسي الراهن. وهذه المرة، نجح في كسب المزيد من الدعم من وسط اليمين، وإلى حد أقل من وسط اليسار. وأشاد خبراء الاقتصاد بتعامل حكومته مع الاقتصاد الذي دمرته جائحة كوفيد، وانخفضت البطالة إلى أدنى مستوى منذ عقد، وجرى وضع سقف لأسعار الطاقة، والتضخم.

لكن بعيدًا عن المدن الكبيرة والمناطق الثرية، يواصل ارتفاع الأسعار التأثير في أولئك الذين نهضوا في ثورة “السترات الصفراء” في 2018-2019. هذا جعل الرئيس بالنسبة للكثيرين شخصية عدائية، منعزلة ومنفصلة عما يشغل المواطنين العاديين. وذكر التقرير أن لوبان ستواصل إرسال رسالة بأنها على تواصل مع القواعد الشعبية وستُحسّن القدرة الشرائية للشعب.

“جبهة جمهورية” أضعف بكثير

رغم أن الكثيرين سينزعجون لرؤية لوبان في الإليزيه، فالكثير غيرهم، خاصة من اليسار، يكنون عداوة مماثلة إن لم تكن أكثر لماكرون. وبحسب التقرير، لكن ما سيحسم النتيجة هي نوايا من صوّتوا لمرشح اليسار جان لوك ميلينشون، الذي جاء في المركز الثالث بـ22%. وقال ميلينشون مساء الأحد الماضي، “يجب ألا نعطي صوتًا واحدًا للوبان”. لكن لم يذكر هو أو حلفاؤه ما إذا كانوا سيعطون صوتهم لماكرون.

وقال مدير إبسوس برايس تينتورييه، “ينوي 34% من ناخبي ميلينشون التصويت لماكرون، و30% للوبان، و36% سيبقون في المنزل”. لكن بحسب تقرير لموقع إن بي آر الأمريكي، ليس من المستبعد تخيل ناخبي ميلينشون يدعمون لوبان. لأن تياري اليسار المتطرف واليمين المتطرف في فرنسا يمتلكان منصات اجتماعية واقتصادية متشابهة، وتتمثل في دعم الطبقة العاملة وكراهية النظام الرأسمالي المعولم.

ماكرون استنفد احتياطي الأصوات الإضافية

بحسب تقرير يورو نيوز، تمثل نتائج الجولة الأولى التكتلات المترسخة حديثًا في المشهد السياسي الفرنسي، وهي تكتل ماكرون من الوسطيين الموالين لأوروبا، وتكتل لوبان من التمرد القومي، وتكتل ميلينشون من اليسار المتشدد. يشير انهيار أحزاب وسط اليمين ووسط اليسار التقليدية إلى أن عدد كبير من المؤيدين حوّلوا أصواتهم إلى ماكرون، على الأرجح خوفًا من صعود لوبان.

هذا يعني أن احتياطي الدعم الإضافي الذي يتطلع إليه الرئيس من هؤلاء الناخبين قد نفد بالفعل. والأمر المُقلق الآخر لماكرون هو أن الجناح القومي لحزب الجمهوريين قد يحوّل أصواته إلى اليمين بدلًا من دعم الرئيس.

الحرب في أوكرانيا والعلاقات مع بوتين

أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى ارتفاع الدعم لماكرون في الداخل، لكنه كان مؤقتًا، وفقًا للتقرير. وقبل انتخابات 2017, اتجه حزب لوبان إلى الشرق وحصل على قرض بقيمة 9 مليون يورو من بنك روسي لتمويل الحملة الانتخابية ولا يزال يسدده حتى الآن، وزارت لوبان موسكو حينها والتقت ببوتين في الكرملين. وكان حزب لوبان هو الوحيد في فرنسا الذي دعم ضم القرم ودعا إلى رفع العقوبات عن روسيا.

وأشار التقرير إلى أن لوبان هربت من التدقيق حول موقفها من روسيا وحرب أوكرانيا في الجولة الأولى. لكن متوقع أن يزيد ماكرون الضغط في هذه القضية وغيرها من القضايا الأخرى على مدار الأسبوع القادم، بينما يصارع من أجل البقاء السياسي.

ربما يعجبك أيضا