مصادرة الأصول الروسية.. تهديد لأوروبا وهدية لبكين

محلل: بكين ستجني مكاسب دبلوماسية من مصادرة الأصول الروسية

آية سيد
مصادرة الأصول الروسية.. تهديد لأوروبا وهدية لبكين

نظرًا لأن معظم الأموال المجمدة موجودة حاليًّا في حسابات خاصة بشركة الخدمات المالية الأوروبية "يوروكلير"، فإن التداعيات لن تقع على عاتق واشنطن، وإنما على حلفائها الأوروبيين.


عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، جمدت الدول الغربية أصولًا روسية بقيمة 380 مليار دولار في البنوك المركزية لأمريكا وحلفائها.

وهذه الأموال تمثل أساس أقوى عقوبات اتُخذت حتى الآن ضد دولة خارج نظام معتمد من الأمم المتحدة، وهدفًا محتملًا لمزيد من الإجراءات التصعيدية. لكن يظل السؤال هو ما إذا كانت مجموعة الـ7 ستصادر هذه الأصول وكيف ستستفيد بكين من تلك الخطوة.

مصادرة الأصول

في تحليل بموقع ريسبونسيبل ستيت كرافت، اليوم الأربعاء 27 مارس 2024، أوضح الزميل غير المقيم بمعهد كوينسي، رايان مارتينز ميتشيل، أن مصادرة الأصول تعني تسييل الأموال ثم إعادة تخصيصها لمساعدة أوكرانيا.

وهذه المسألة اكتسبت ضرورة مُلحة وسط تراجع الدعم في الولايات المتحدة وفي أوروبا للاستمرار في إنفاق الأموال على تعزيز الدفاعات الأوكرانية.

الاعتبارات القانونية والاقتصادية

في الولايات المتحدة، سيُمكّن قانون “إعادة بناء الازدهار الاقتصادي والفرص للأوكرانيين” الرئيس من “مصادرة الأصول السيادية الروسية” ثم إيداعها في “صندوق دعم أوكرانيا”، الذي سيساعد في إعادة الإعمار و”رفاه الشعب الأوكراني”.

لكن استخدام الأصول السيادية المُصادرة لتحقيق تلك الأهداف، من الناحية القانونية، لم يُجرّب من قبل ومثير للمشكلات، وفق ميتشيل.

ومن الناحية الاقتصادية، فإنه غير مستحسن لعدة أسباب. وتشمل خطر إبعاد الحلفاء، وإضعاف الثقة في “القوة الدولارية” للولايات المتحدة، وتعزيز مكانة الصين وأهدافها لـ”اعتماد اليوان”، وتعريض الأصول الأمريكية بالخارج للخطر.

الحصانة السيادية

لفت المحلل إلى أن قاعدة الحصانة السيادية هي واحدة من أكثر التقاليد رسوخًا في القانون الدولي. وبالنسبة للكثير من الخبراء، فإن ثبات هذا المبدأ الأساسي هو بالضبط ما سمح لاستثناءات، مثل التقاضي في النزاعات التجارية التي تشمل دولًا، بأن تصبح موثوقة. وتنعكس هذه القاعدة في قوانين الدول حول العالم.

وبالرغم من قابلية تطبيق الحصانة على البنوك المركزية بنحو لا يقبل الجدل، أشار مناصرو مصادرة الأصول إلى “الإجراءات المضادة” لتبرير مشروعهم، وهي أفعال غير قانونية تضطلع بها دول متضررة من خطأ سابق ارتكبته دولة أخرى، وتهدف فقط إلى حث الأخيرة على وقف سلوكها السيء.

وعادةً، يتخذ الطرف المتضرر مباشرة هذه الإجراءات، وهي أوكرانيا في هذه الحالة، لكن الحُجج الناشئة لاتخاذ “إجراءات مضادة جماعية” ستوسع مجال المنتقمين ليشمل أي دولة في المجتمع الدولي.

التداعيات المحتملة

أشار الخبراء الناقدون لمصادرة الأصول إلى غياب الدعم العقائدي. وفي الوقت نفسه، ونظرًا لأن معظم الأموال موجودة حاليًا في حسابات خاصة بشركة الخدمات المالية الأوروبية “يوروكلير”، فإن التداعيات لن تقع على عاتق واشنطن، وإنما على حلفائها الأوروبيين.

وحسب ميتشيل، هذه الحقيقة أثارت قدرًا كبيرًا من المعارضة للمبادرة لدى صناع السياسة الأوروبيين، رغم استعدادهم للانضمام إلى الجولات الأولى من العقوبات. ففي النهاية، يُفوَّض القادة الأوروبيون لتنفيذ سياسة حرب مالية سيتعين عليهم تحمل تكاليفها. هذا لأن سابقة المصادرة ذات الدوافع الجيوسياسية قد تهدد مكانة اليورو باعتباره ثاني أكبر عملة احتياطية في العالم.

وتعتمد جاذبية اليورو على عدة عناصر، منها الإنتاجية الاقتصادية والاستقرار وإمكانات النمو في أوروبا، وكذلك أمنه النسبي مقارنة بالنظام المالي الأمريكي الذي يُستخدم كسلاح. وأيضًا، الدول الأوروبية أضعف نسبيًا من واشنطن في حالة حدوث أي تصعيد في صراع الناتو وروسيا.

كيف تستفيد بكين؟

من المرجح أن تجني بكين مكاسب دبلوماسية من التصورات بأن الحرب المالية الغربية أصبحت حامية الوطيس. ووفق المحلل، ركز حزب شي جين بينج على تصوير الصين كقوة عالمية تلتزم بالقوانين، خاصة التي تتبناها مؤسسات الأمم المتحدة.

وقد يؤدي تسليح العملات الغربية إلى تعزيز جهود الصين لزيادة حصة اليوان في احتياطيات العملة الأجنبية العالمية، وتقديم حافز قوي لخطط إنشاء سلة عملات احتياطية في بريكس. وهذه الخطوة ستحسن سُمعة الصين كفاعل مسؤول في ما يتعلق بالأصول الأجنبية، وتحفزها على الاستمرار في تجربة نظام العقوبات الأحادي الخاص بها.

ربما يعجبك أيضا