معتقلات العراق.. عشرات الآلاف من العرب السنة ينتظرون “العدالة”

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

وسط تفشي فيروس كورونا في العراق، عاد الحديث مجددًا عن السجون العراقية التي تضم عشرات الآلاف من المعتقلين غالبيتهم الساحقة من العرب السنة، وحذّرت نقابة المحامين العراقيين من كارثة اكتظاظ السجون، وطالبت بإصدار عفو عن السجناء.

وخلال الأسابيع الأخيرة، أخلت السلطات القضائية الاتحادية سبيل المئات من السجناء المتهمين والمحكومين في عموم المحافظات العراقية، وضمنها محافظة نينوى التي أفرجت محاكمها عن 50 متهمًا بتهم إرهاب لعدم كفاية الأدلة، في إطار سلسلة إجراءات وقائية اتخذتها بهدف الحد من انتشار فيروس “كورونا”.

ومجرد أن وصلت تلك الأنباء إلى المليشيات العراقية الموالية لإيران بأن هناك توجهًا لإطلاق سراح الآلاف من المعتقلين من العرب السنة الأبرياء، سرعان ما بدأت حملة تصفيات في عدد من سجون ومعتقلات العراق تقف خلفها تلك المليشيات التي تهيمن على قطاعات من الدولة في العراق.

جرائم حرب

وحمّل المركز العراقيّ لتوثيق جرائم الحرب حكومة بغداد وأجهزتها المختلفة والمليشيات مسؤوليّة عمليّات التصفية الجسديّة التي يتعرض لها المعتقلون في الآونة الأخيرة في السجون الحكوميّة والسّريّة، وبحسب المعلومات التي حصل عليها المركز فقد قامت القوّات الحكوميّة والمليشيات بقتل أكثر من (6) معتقلين في سجن الحوت بمدينة الناصريّة جنوب العراق منهم حالة المعتقل (غسان شهاب أحمد المجمعي)، ووفق المصدر فإنّ عمليّات التصفية وقعت داخل السجن للمعتقلين الذين كان سيشملهم العفو الخاص.

وقال في بيان: “هناك أكثر من (9) حالات أخرى في سجون محافظة صلاح الدين وآمرلي، فضلًا عن الحالات العديدة في سجون بغداد وبقيّة المحافظات والسجون السريّة التابعة للمليشيات والأحزاب السياسيّة التي لا يزال الغموض يكتنف مصير الآلاف من المعتقلين الأبرياء فيها وغالبيتهم الساحقة من العرب السنة”.

وأضاف: “تجري داخل هذه السجون ممارسات التعذيب الممنهجة التي راح ضحيتها العديد من الأبرياء تحت إجراء التحقيق، فقد وصلت معلومات عن تعذيب المعتقل الناشط المدني (جسام آل قاسم) -الذي اعتقلته السلطات المحلّيّة في محافظة كربلاء على خلفيّة التظاهرات- وقد أفادت تلك المعلومات بتعرّضه للتعذيب اليوميّ والقاسي حتى وصل إلى مرحلة عدم مقدرته على الوقوف من شدة التعذيب، وحالة “جسام” ليست الوحيدة؛ إذ إنّ غيرها الآلاف من الحالات في السجون الحكوميّة التي اتخذت من التعذيب منهجا في تصفية خصوم العمليّة السياسية”.

وناشد المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب الهيئات والمنظمات الدّوليّة والمحليّة بالتدخل للإفراج عن المعتقلين، ومحاسبة حكومة بغداد على الجرائم الممنهجة ضدّ المعتقلين الأبرياء.

في سياق متصل، طالب عضو لجنة الامن والدفاع النيابية محمد الكربولي، وزير العدل بالكشف عن أسباب تكرار حالات الوفاة في سجون الوزارة.

وقال الكربولي: إن “تكرار حالات الوفاة في السجون وآخرها في سجن الحوت في محافظة الناصرية يضع علامة استفهام كبيرة على تصريحات وبيانات وزارة العدل ومسؤوليها المكلفين بإدارة الإصلاحيات”، مبينًا أن “هذا ما يؤكد مخاوفنا وانتقاداتنا المستمرة لإدارة السجون وسوء المعاملة فيها واكتظاظها وعدم توفر أدنى معايير حقوق الانسان الدولية فيها”.

وحمّل الكربولي “وزيري العدل ومسؤولي المواقف والسجون مسؤولية الحفاظ على حياة الموقوفين والنزلاء وضمان توفير العناية الصحية لهم وعدم إساءة معاملتهم، داعيًا” الادعاء العام إلى ممارسة دوره في تقديم المقصرين إلى العدالة”.

مقترح العفو

وأثار مقترح العفو الخاص عن السجناء الذي تقدم به رئيس مجلس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي إلى الرئيس العراقي برهم صالح، في إطار الإجراءات المتخذة لمواجهة تفشي فيروس “كورونا”، جدلًا واعتراضات غير قليلة من جهات سياسية وقضائية، على معظم بنوده.

ويطالب المقترح بأن يشمل “من أكمل نصف مدة محكوميته، أو لمن بقي على مدة محكوميته أقل من سنة، أو المحكوم عليه بمدة سنة فأقل.

لكن ذلك لا يشمل المتهمين بالجرائم الإرهابية أو الدولية أو قضايا الفساد والجرائم المتعلقة بأمن الدولة الخارجي والداخلي”. كما يطالب بشمول “الأجانب المحكومين بسبب مخالفة قانون الإقامة”.

وتشير الإحصائيات -التي كشفت عنها مفوضية حقوق الإنسان في العراق- إلى أن أعداد السجناء في العراق كبير للغاية، إذ يؤكد عضو مفوضية حقوق الإنسان “علي البياتي” في حديثه لجريدة “البصائر” أن أعداد السجناء في العراق يبلغ قرابة الـ 36 ألف سجين موزعين على سجون العراق المختلفة.

وعن الأوضاع في السجون العراقية من حيث الخدمات الطبية، يكشف مصدر في إدارة سجن التاجي (شمالي بغداد) أن الأوضاع الصحية والطبية داخل سجن التاجي سيئة للغاية وتكاد تكون غائبة، إذ إن السجناء يقبعون في قاعات كبيرة ولا يتعرضون لأشعة الشمس إلا قليلًا ووفق ما يدفعه السجين من أموال لسجانيه.

بحثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت مع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، مخاطر انتشار فيروس كورونا المستجد في السجون.

انتقادات سنية

من جهته، انتقد القيادي في تحالف “القوى” السنية هيبت الحلبوسي، مقترح العفو الخاص، وطالب بإعادة المحاكمات للسجناء والمتهمين بدلًا من عمليات “الترقيع”. وقال الحلبوسي: “هذا ليس بعفو؛ بل (ترقيع)، فالقصد من إصدار العفو هو تقليل الزخم داخل السجون لحماية آلاف الأرواح من شبح الموت والكارثة الإنسانية لا سمح الله، فهل المحكوم الذي أمضى نصف المحكومية سوف يصيبه الفايروس والذي لم يمضِ تلك المدة لا؟ أليس هناك شعور بالإنسانية تجاه آلاف المظلومين؟”.

وطالب الحلبوسي بـ”إعادة المحاكمات، لأنها جرت في ظروف غير طبيعية، وإعادة النظر في ظروف وأوضاع المحكومين داخل هذه السجون”.

ويشتكي كثير من القيادات والشخصيات السياسية السنية من أن كثيرًا من أبناء العرب السنة أودعوا السجون بتهمة الإرهاب والانتماء إلى تنظيمي “القاعدة” و”داعش” من دون أن يحظوا بمحاكمات عادلة.

بدوره هاجم عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية النائب محمد الكربولي، رئيس الحكومة المستقيل عادل عبدالمهدي على خلفية مقترحه للعفو عن السجناء. وقال الكربولي: “كل المحكومين بقضايا الإرهاب هم أبرياء، صدرت أحكامهم في فترة الاجتثاث الطائفي مع بعض الاستثناءات”. وأضاف أن “مبادرة العفو الخاص ليست سوى ذرّ الرماد في العيون لتبرير الفشل الحكومي المتعمد في حل قضية السجناء الأبرياء”.

في حين عارضت غالب الأحزاب الشيعية التي تهيمن عليها المليشيات المقترح.

ربما يعجبك أيضا