ماذا ينتظر العراق بعد اعتزال مقتدى الصدر للسياسة؟ الأزمة الأسوأ منذ سنوات

بسام عباس

في 29 أغسطس 2022، أعلن الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر اعتزال الحياة السياسية، تاركًا أنصاره يقتحمون المؤسسات الحكومية، ما دفع الجيش لحظر التجول تجنبًا للعنف.

وعلى مدار أشهر، تظاهر أنصار الصدر داعمين دعوته لحل البرلمان، الذي استقالت منه الكتلة الصدرية، وإجراء انتخابات جديدة، ومن ثم تشكيل حكومة، وهو ما ترفضه بقية القوى، ليدخل العراق أسوأ أزمة سياسية منذ سنوات.. فكيف يرى خبراء “المجلس الأطلسي” اعتزال الصدر؟

العراقيون يعيشون في «الرعب»

قال مدير مبادرة العراق في المجلس الأطلسي، عباس كاظم، إن العراقيين يعيشون في حالة من الرعب، حيث الجماعات المسلحة تتبادل إطلاق النار العشوائي لفرض الرؤى السياسية لقادتها بشأن تشكيل الحكومة، والتي ظلت مستمرة على مدى الأشهر الـ11 الماضية.

ووفقًا لما كتبه كاظم في تقرير المجلس الأطلسي، أدى إحباط الصدر من الجمود الذي طال أمده إلى إصداره أوامر للهيئة البرلمانية للتيار الصدري بالانسحاب من البرلمان في 12 يونيو الماضي، ثم دعا لحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، كسبيل دستوري وحيد لعودة الصدريين إلى العملية السياسية.

وأشار إلى إعلان آية الله كاظم الحائري تقاعده، وإصداره رسالة تضمنت شجبًا للصدر وأنصاره، متهمًا إياهم بتقسيم العراق، وموصيًا أتباعه بمحاكاة المرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي، ما أثار استعداء قادة التيار الصدري الذين احتجوا على زيادة النفوذ الإيراني، واتهموا خصومهم بأنهم عملاء إيرانيون.

انسحاب من السياسة أم من المؤسسات المحتضرة؟

الباحث المشارك بالمجلس الأطلسي، أنتوني بفاف، أوضح في التقرير أنه من الصعب معرفة ما إذا كان الصدر يقصد الانسحاب من السياسة أم من المؤسسات السياسية المحتضرة، لافتًا إلى أن المرجع الديني العراقي الراحل، آية الله العظمى علي السيستاني، لم يكن يتدخل في السياسة، ومع ذلك كان الأكثر نفوذًا في العراق، مرجحًا أن يخلق رحيل السيستاني فراغًا دينيًّا يمكن للصدر الاستفادة منه.

ويأمل الصدر، من خلال فك ارتباطه بالمؤسسات السياسية العراقية، أن ينزع الشرعية عمَّا تبقى منها، والإعداد لعودته، وبالنظر إلى حجم حركته وقدرته على حشدها، يمكنه أن يستخدمها لإجبار البرلمان على تولي القضايا الحاسمة مثل الإصلاح الدستوري وغيرها، حسب ما كتب بفاف.

هل إيران هي الملومة حقًّا؟

من جانبها، تناولت مديرة مبادرة مستقبل إيران في المجلس الأطلسي، باربرا سلافين، الدور الإيراني في العراق، وقالت إن إيران تسعى لتهميش الزعيم الشعبوي العراقي مقتدى الصدر، الذي كان يعرقل تشكيل حكومة جديدة في العراق تسيطر عليها الجماعات الموالية لإيران.

وأضافت سلافين في تقرير المجلس أن الصدر ألقى باللوم على إيران في “استقالة” آية الله كاظم الحائري، رجل الدين الذي يعتبره الصدر مصدرًا للتوجيه الديني، وأن إيران تسعي لنقل أتباع الحائري إلى تبعية المرشد الأعلى الإيراني خامنئي.

هل يستطيع الصدر وحده تحديد مستقبل العراق؟

شدد  الباحث المشارك في المجلس الأطلسي، أندرو بيك، على أن التيار الصدري فقط هو من يستطيع تغيير النظام دون عنف، من خلال إجبار الجماعات المدعومة من إيران على تقديم تنازلات أساسية بشأن ميليشياتها.

وأضاف بيك في تقرير المجلس أن “أهم شيء يمكن للولايات المتحدة أن تقدمه للعراق هو ردع العنف، وهذا يعني ردع الأفراد والمؤسسات عن الانحياز للميليشيات الإيرانية، وذلك من خلال عقوبات فردية ضد الفاعلين السياسيين المتأرجحين، ومن خلال توفير وجود دبلوماسي مرئي لحماية حلفاء الصدر”.

وشدد الباحث على أن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تقرر مستقبل العراق، ولا إيران أيضًا، وأن العراقيين لن يستطيعوا ذلك في هذه المرحلة، قائلًا إن “الصدر وحده هو الذي يستطيع ذلك، وهذه هي لحظة انبعاثه من رماد عام 2019″، معربًا عن أمله أن ينجح الصدر في ذلك.

الصدر يرغب في الزعامة الدينية والسياسية

المدير المساعد في برامج الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي، مسعود مستجابي، انتقد مقتدى الصدر قائلاً إنه يخوض مغامرة ذات وجهين، ديني وسياسي، حسب تقرير المجلس.

وأوضح مستجابي أن الوجه الأول لمغامرة الصدر سيكون بالتأثير في خلافة السيستاني، لافتًا إلى أنه يمكن أن يجد الفرصة في مدرسة قم الإيرانية، حيث يطمح من خلال مبدأ “ولاية الفقيه” إلى التمكن من فرض إرادته السياسية دون الحاجة إلى مؤهلات دينية مثل السيستاني.

وأضاف مستجابي أن “الوجه الآخر لمغامرة الصدر، يتمثل في تحدي منافسيه في الشوارع، في محاولة لشق طريق جديد للعراق تحت قيادته”. وأشار مستجابي إلى أن “الصدر ينتهز الفرصة على اعتباره البديل المعقول والأفضل، وسيظل بالطبع لاعبًا رئيسًا في العراق لسنوات مقبلة”.

ربما يعجبك أيضا