موقف أمريكي صارم وتنصل إيراني وتأثيرات اقتصادية.. ماذا بعد هجوم أرامكو؟

حسام السبكي

حسام السبكي

تداعيات كبيرة، ومتسارعة، للهجمات الإرهابية التي تبنتها ميليشيا الحوثي الانقلابية، التي استهدفت معملي النفط في بقيق وخريص التابعين لشركة أرامكو السعودية، فجر السبت الماضي، تمثلت في رد أمريكي قوي حول معرفة “هوية الجاني”، مع الاستعداد للتعاطي بحسم في هذه القضية، علاوة على سيل من الإدانات لا يزال مستمرًا حتى اليوم، فيما سارعت الخارجية الإيرانية لنفي التقارير التي تشير إلى ضلوعها في العمليات التخريبية، وتأثيرات اقتصادية سلبية بلغ صداها على الصعيد العالمي.

موقف أمريكي صادم

في رد فعل، ربما لا يكون مفاجئ في شدته بالنسبة للمتابعين والمراقبين، إلا أن لهجته تبدو أكثر حسمًا هذه المرة، حيث أعربت الإدارة الأمريكية عن علمها بما وصفته “الجاني في الحادث”، وعن استعدادها للرد انتظارًا للموقف السعودي والتحقيقات الجارية حاليًا.

فقد قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الولايات المتحدة تعلم من الجاني في تنفيذ الهجمات على منشآت النفط السعودية، مؤكدا أن واشنطن جاهزة للرد على من قام بهذا الاعتداء.

وقال ترامب -في تغريدة على حسابه على تويتر- “هوجمت إمدادات النفط السعودية،  هناك سبب للاعتقاد بأننا نعرف الجاني، ونحن جاهزون للرد على الاعتداء اعتمادًا على التحقق أولا”

وأضاف: “لكننا ننتظر أن نسمع من المملكة العربية السعودية حول من تعتقد أنه سبب هذا الهجوم، وكيف سنمضي قدما!”.

من جهة أخرى، عقد مجلس الأمن القومي الأمريكي عقد اجتماعا بحضور نائب الرئيس ووزير الدفاع لمناقشة الهجوم على منشأتي أرامكو النفطيتين في السعودية.

وأكدت مستشارة الرئيس الأمريكي كيليان كونواي أن جميع الخيارات مطروحة في البيت الأبيض ضد السلوك الإيراني، مضيفة أن الهجوم المتكرر على المملكة العربية السعودية لن يساعد موقف طهران.

وقالت كونواي: إن “الرئيس وفريقه للأمن القومي ووزير الخارجية بومبيو وكبار الدبلوماسيين في بلادنا يحتفظون بخيارات كثيرة على الطاولة خاصة حين يتعلق الأمر بالسلوك المشين وحماية المصالح الأمريكية”

وأضافت: “نحن لم نلتزم بعقد أي اجتماع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، والرئيس سينظر في الأمر. لكن عندما تهاجم المملكة العربية السعودية مرات ومرات، وتهاجم المنشآت المدنية، وبنيات حيوية للاقتصاد العالمي فهذا لا يساعدك كثيرا.”

تفاصيل خطيرة

في أحدث تفاصيل حول الهجمات الإرهابية، التي استهدفت معملي بقيق وخريص في المنطقة الشرقية بالسعودية، عرضت الولايات المتحدة، صورًا تم التقاطها عبر الأقمار الصناعية، تظهر المواقع المستهدفة بدقة، لكن الأخطر هو كشفها أن الهجمات لم تتم بطائرات درونز “الطائرات المسيرة أو بدون طيار”، كما أعلنت ميليشيا الحوثي في بيانها، السبت، وإنما جاءت عبر استهداف مباشر بصواريخ كروز من العراق أو إيران.

وأوضح مسؤولون أمريكيون أن الأدلة تشير إلى أن الهجمات تمت بصواريخ كروز، إما من العراق أو إيران، فيما تشير المعلومات أيضا إلى أن الهجوم لم يكن بطائرات مسيرة من اليمن، فيما أظهرت الصور أيضًا أن الهجوم استهدف 17 موقعًا داخل المعملين المستهدفين في الموقعين التابعين لـ”أرامكو”.

اتهامات صريحة لإيران

أحدثت الهجمات الحوثية الغادرة، التي استهدفت منشآت شركة أرامكو السعودية، السبت الماضي، تأثيرات اقتصادية سلبية نسبيًا.

فقد سجلت أسعار النفط، في مستهل تعاملات اليوم الإثنين، صعودًا لأكثر من 15%، بعد هجمات أثرت على أكثر من 5% من إمدادات النفط العالمية.

وقفزت العقود الآجلة لخام برنت ما يزيد على 19 % لتصل إلى 71.95 دولار للبرميل بينما صعدت العقود الآجلة للخام الأمريكي أكثر من 15% إلى 63.34 دولار للبرميل.

في غضون ذلك، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالسماح باستخدام الاحتياطي النفطي للبلاد، “إذا دعت الضرورة”.

وصرح ترامب في تغريدة له عبر “تويتر”، قائلًا: “استنادا إلى الهجوم على المملكة العربية السعودية، والذي قد يكون له تأثير على أسعار النفط، سمحت بالسحب من مخزون النفط الاستراتيجي إذا لزم الأمر وستكون الكمية التي سيتم تحديدها كافية للحفاظ على إمدادات السوق جيدة”.

وكان البيت الأبيض قد أكد أن الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على وفرة المعروض بأسواق النفط وذلك في أعقاب هجوم تبنته جماعة الحوثي الإرهابية المتحالفة مع إيران على معملي تكرير بالسعودية.

في سياقٍ متصل، أعلنت كوريا الجنوبية، اليوم الإثنين، إنها ستدرس سحب نفط من احتياطيات الخام الاستراتيجية إذا تدهورت أوضاع واردات النفط الخام في أعقاب هجوم يوم السبت على منشآت نفط سعودية.

وجاءت التصريحات مع ارتفاع أسعار النفط لأعلى مستوياتها في أربعة أشهر اليوم الاثنين بعد أن ثارت مخاوف حيال الإمدادات بسبب هجمات السبت على منشآت للنفط الخام في السعودية.

إدانات مستمرة

في إطار ردود الأفعال المنددة والمستنكرة، جاء أحدثها خلال محادثات هاتفية جمعت ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، بنظيره السعودي الأمير محمد بن سلمان.

فقد أكد الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي وقوف دولة الإمارات إلى جانب المملكة العربية السعودية الشقيقة تجاه كل ما يهدد أمنها واستقرارها ودعمها الثابت لكل ما تتخذه من إجراءات لحفظ أمنها وسلامة مواطنيها والمقيمين على أراضيها.

وأعرب الشيخ محمد بن زايد عن استنكار دولة الإمارات للهجوم الإرهابي التخريبي، مشددًا على أن أمن دولة الإمارات العربية المتحدة وأمن المملكة العربية السعودية واحد لا يتجزأ.. داعيا الله عز وجل ان يحفظ المملكة ويديم عليها الأمن والأمان.

كما أعربت حكومة كوريا الجنوبية، الإثنين، عن قلقها إزاء هجوم طائرات مسيرة على منشأتين نفطيتين تديرهما شركة “أرامكو” الحكومية السعودية الذي وقع فجر السبت بالمنطقة الشرقية من المملكة.

وقالت الحكومة، في بيان باسم المتحدث باسم وزارة الخارجية، وفق ما نقلته وكالة أنباء (يونهاب) الكورية الجنوبية، إن هذا الهجوم يمثل تهديدا خطيرا ضد منشآت الطاقة الدولية الرئيسية ويقوض أمن الطاقة العالمي والاستقرار الإقليمي.

فيما لا يحمل أي لبس، باتت أصابع الشك أقرب إلى اليقين، فيما يتعلق بتحميل طهران مسؤولية الهجوم الإرهابي، استنادًا إلى كثافته ودقة أهدافه، والتي تبرز خسة ونذالة إيرانية، والذي يأتي ردًا على العقوبات الأمريكية التي استهدفت قطاع النفط الإيراني، وكانت المملكة هي الأقرب، والذرائع والمبررات جاهزة، بتحميل الحوثي المسؤولية، ردًا على ضربات التحالف العربي في اليمن!

وبناءً على ما سبق، فقد استشهد مسؤولون أمريكيون بارزون بتقييمات الاستخبارات، ومن بينها صور الأقمار الصناعية، لتأكيد وجهة نظرهم بمسؤولية إيران عن هجمات السبت، التي استهدفت البنية التحتية النفطية الرئيسية في المملكة العربية السعودية.

وقال المسؤولون: إن المعلومات الاستخباراتية أظهرت أن الضربات لا تتفق مع نوع الهجوم الذي يمكن أن ينطلق من اليمن.

وأظهرت الأقمار الصناعية التي نشرتها الحكومة الأمريكية تأثر 19 نقطة على الأقل في اثنتين من منشآت الطاقة السعودية. وقال المسؤولون: إن الصور تظهر تأثيرات تتفق مع هجوم إيراني وليس هجوما يمنيا.

تنصل إيراني

بعد التلميحات والتصريحات، لم يكن لدى الإيرانيين خيار، سوى النفي، والنفي فقط لأي مسؤولية عن ضلوعهم مباشرةً في الهجمات الإرهابية الأخيرة في بقبق وخريص السعوديتين، وكأن الميليشيات الحوثية الانقلابية، لا تأتمر بأمرها، ولا تدين لها بالفضل على المستوى العسكري والتسليح!.

فقد كررت إيران، صباح اليوم الإثنين، نفيها الضلوع بالهجمات التي استهدفت، السبت، منشأتين للنفط في السعودية. وأفاد التلفزيون الرسمي بأن إيران نفت، الإثنين، الاتهامات بأن لها دورا في الهجمات على منشآت أرامكو، واصفة إياها بـ”غير مقبولة”، بعد أن قال مسؤول أمريكي كبير: إن إيران تقف وراء تلك الهجمات.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية عباس موسوي -في تصريحات نقلها التلفزيون الإيراني- “نستنكر هذه الاتهامات ونعتبرها غير مقبولة وبلا أساس على الإطلاق”.

يذكر أن موسوي كان قد نفى، الأحد أيضاً، تلك الاتهامات، ووصفها بـ”الفارغة”. وأضاف إن “مثل هذه الاتهامات عديمة الجدوى.. لا معنى لها وغير مفهومة”.

روحاني وترامب

على الرغم من تمسك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بـ”شعرة معاوية”، في خلافه مع الإيرانيين، إلا أنه يبدو الآن أكثر صرامة، تحديدًا فيما يتعلق بلقاء مباشر مع صناع القرار الإيراني، خاصةً مع مماطلات ومناورات إيرانية متوقعة، على غرار نظرائهم في كوريا الشمالية، وتعاطيهم غير المرحب أمريكيًا مع الملف النووي والصاروخي المثير للجدل.

ففي تغريدة له، عبر “تويتر”، بشأن لقائه المتوقع بالرئيس الإيراني حسن روحاني، قال ترامب: “ليس صحيحا أنني أرغب بلقاء الإيرانيين دون شروط”.

وقد أيد وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين، ما ذكره ترامب، فأكد في تصريحات له، يوم الخميس الماضي، أن الرئيس الأمريكي ليست لديه خطط للقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني أثناء وجوده في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لاحقا الشهر الجاري.

وبكل صلف، ردت الخارجية الإيرانية باستبعاد لقاء روحاني وترامب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس الموسوي، اليوم الإثنين، أنه لن يكون هناك لقاء بين الرئيسين الإيراني حسن روحاني، والأمريكي دونالد ترامب في نيويورك، موضحًا أن جدول أعمال روحاني لا يتضمن عقد لقاء مع ترامب، خلال زيارته إلى نيويورك، للمشاركة في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة.

تأثيرات اقتصادية

ربما يعجبك أيضا