هل تقود “ألمانيا وفرنسا” الآلية المالية لإنقاذ الاتفاق النووي مع إيران؟

يوسف بنده

رؤية

تعمل أوروبا على تقديم مبادرة خاصة تهدف إلى حماية التجارة مع إيران من عقوبات جديدة أعادت الولايات المتحدة فرضها على طهران. وذلك بعدما رفضت لوكسمبورج استضافة ما يُعرف بالآلية ذات الغرض الخاص، وكذلك بعدما رفضت النمسا إدارة الخطة وتركتها على شفا الانهيار.

والآلية ذات الغرض الخاص هي نوع من المقايضة قد تُستخدم في تقدير قيمة صادرات إيران من النفط والغاز مقابل منتجات أوروبية؛ من أجل تفادي العقوبات الأمريكية.

ويُنظر إلى الآلية ذات الغرض الخاص على أنها عنصر حيوي في الجهود الأوروبية الرامية إلى إنقاذ الاتفاق النووي، الذي انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منه في مايو/ أيار الماضي، قائلًا إنه يصب في صالح إيران.

وبموجب اتفاق 2015، فرضت إيران قيودًا على برنامجها النووي، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع في الغرب على أنه مجهود مستتر لتطوير وسائل لإنتاج قنابل نووية، مقابل رفع العقوبات الدولية عنها.

وتضغط أوروبا على إيران من أجل الإنضمام إلى اتفاقيات مجموعة العمل الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وتهدف هذه الاتفاقيات إلى جعل التشريعات الايرانية متوافقة مع المعايير الدولية، ما يتيح لطهران الانضمام الى مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة تمويل الإرهاب.

ألمانيا وفرنسا

وقد أفادت صحيفة وال استريت جورنال الأمريكية نقلا عن دبلوماسيين غربيين بأنه وبعد امتناع لوكسمبورج والنمسا عن استضافة الآلية المالية الخاصة بالتعامل مع إيران أبدت ألمانيا وفرنسا استعدادهما لاستضافة وتفعيل هذه الآلية.

وأوضحت الصحيفة بأنه في حال استضافت فرنسا هذه الآلية وتفعيلها فإن ألمانيا ستترأس هذه الآلية وقد يكون الأمر بالعكس أيضًا.

ويقول الدبلوماسيون أن ساسة بريطانيا يدرسون حاليا لحسم موقهم بشان الانخراط إلى صف ألمانيا وفرنسا.

وستكون الآلية محددة الهدف مثل دار مقاصة يمكن استخدامها لمبادلة صادرات النفط والغاز الإيرانية بمبيعات السلع من الاتحاد الأوروبي في اتفاق مقايضة من الناحية العملية.

وقال المفوض الأوروبي لشؤون المناخ والطاقة ميجيل أرياس كانيتي في تصريحات صحفية، إنه ”ينبغي ألا تساور الشكوك أحدا بشأن مستوى الطموح السياسي والعزم لدى الدول المعنية، لا سيما فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، على تفعيل الآلية محددة الهدف بسرعة“.

وحول الآلية بخصوص التجارة مع إيران، قال: “هذه مبادرة معقدة وفريدة من نوعها، والعمل الفني جار في القيادة السياسية للدول الأعضاء”.

وكانت وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موجيريني أعلنت في 26 أيلول/ سبتمبر في الأمم المتحدة قرار الاتحاد الأوروبي إنشاء كيان يتيح لإيران الاستمرار في بيع النفط بعد دخول المجموعة الثانية من العقوبات الأمريكية حيز التطبيق في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر.

الجولة الرابعة

تزامن مع هذه الأنباء، انعقاد الجولة الرابعة من المحادثات السياسية بين إيران وأوروبا، مساء أمس الإثنين، برئاسة نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية عباس عراقجي ومساعدة مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي هيلجا أشميد.

ووفقا لمركز الدبلوماسية الإعلامية في وزارة الخارجية، فقد شارك في هذه الجولة من المحادثات، أيضا وفد من مجلس الشورى الإسلامي ووزارة الخارجية الإيرانية ومدراء الأقسام المختلفة التابعة للجنة الأوروبية.

ومن المواضيع المدرجة على جدول أعمال المحادثات بين إيران والاتحاد الأوروبي، التعاون الثنائي في مجالات الزراعة والتعليم والبحوث والتجارة والطاقة وتغير المناخ والنقل والمصارف واللاجئين والمخدرات والكوارث الطبيعية وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب .

واستعراض الطرفان أداء العام الماضي في كل من هذه المجالات، واتفقا على كيفية تطوير الخطط المستقبلية. وتم تخصيص الجزء الثاني من هذه الجولة من المحادثات لتبادل الآراء حول القضايا الإقليمية.

وأكد عباس عراقجي، في الاجتماع، على الأهمية الاستراتيجية للاتفاق النووي للسلام والأمن الدوليين والإقليميين، منوها إلى الالتزام الكامل للجمهورية الإسلامية الإيرانية بتعهداتها بموجب التقرير الثالث عشر للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشددا على ضرورة الإسراع بالتنفيذ الفعال والدائم والمتبادل لالتزامات الأعضاء الآخرين في الاتفاق النووي وخاصة الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية، في ظروف انسحاب أمريكا غير القانوني من الاتفاقية.

وأشار إلى أن تأخير تنفيذ الالتزامات سيشكل تحديا خطيرا لهذا الإنجاز الدبلوماسي الهام بالنسبة للمجتمع الدولي، وفي هذه الحالة ستقرر الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أساس استقلالها ومصالحها.

وأوضح عراقجي، إن “إعادة فرض العقوبات الأمريكية قد جعلت فوائد إيران من الاتفاق النووي تصل إلى الصفر”.

وأضاف عراقجي “إذا لم تتمتع إيران بالمزايا والفوائد من الصفقة النووية مع الدول الموقعة على هذا الاتفاق، فإن هذه الاتفاقية لن يكتب لها النجاح ولن تستمر”، مشيرًا إلى أن “إنشاء آلية مالية أوروبية محددة لمواصلة التعاون النووي السلمي، وتنفيذ الملحق الثالث المتعلق ببنود الاتفاق النووي أمر ضروري”.

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني: “إنه واجب دولي للحفاظ على طموحاتنا، ونحن ملزمون جميعًا باتخاذ خطوات لتنفيذ هذه الاتفاقية”.

وعقدت الجولة الرابعة من المحادثات الرفيعة المستوى في نفس الوقت الذي عقدت فيه الندوة الثالثة تحت عنوان ‘التعاون السلمي النووي بين ايران والاتحاد الاوروبي’، الرفيعة المستوى في العاصمة البلجيكية بروكسل بحضور مساعد رئيس الجمهورية رئيس منظمة الطاقة النووية علي أكبر صالحي والمفوض الأوروبي لشؤون المناخ والطاقة ميجيل أرياس كانيتي.

صالحي يحذر

وقد أشار رئیس منظمة الطاقة الذریة الإیرانیة، علی أکبر صالحي، إلى أنه رغم أن الاتفاق النووي لا یحقق کل طموحات إیران إلا أنه أفضل ما یمکن التوصل الیه.

وحذر صالحي، الدول الموقعة على الاتفاق النووي المبرم عام 2015 من عواقب وخيمة ما لم تتحرك للحفاظ على الفوائد الاقتصادية للاتفاق.

وأضاف صالحي في مؤتمر صحفي مشترک مع المفوض الأوروبي للطاقة میجیل أریاس کانیته في بروکسل، أمس الإثنین، خلال الندوة الثالثة للتعاون النووي بین إیران والاتحاد الأوروبي: إننا نعتبر الاتفاق النووي مکملا لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النوویة، منوهًا إلى أن الاتحاد الأوروبي أعلن عن موقفه بکل وضوح من خلال مساندته الاتفاق النووي.

ووصف الاتفاق النووي بأنه معرکة على الجمیع أن یربحوها مشددًا بالقول: إذا لم یتم تنفیذ الاتفاق النووي فإنه لا یمکن التکهن بما سیحصل.

کما لفت رئیس منظمة الطاقة الذریة الإیرانیة إلى أن الاتحاد الأوروبي یقوم بما في وسعه لتوفیر الآلیة المالیة للتبادل مع إیران.

من جانبه، قال المفوض الأوروبي للطاقة: إننا نتابع حتى هذه اللحظة توفیر التسهیلات المالیة لإیران ونرفض إجراءات الحظر الأمریکیة وأضاف: نعمل على تطبیق الاتفاق النووي وهناك تأکید من الاتحاد الأوروبي علیه.

وقال کانیته إن الهدف من هذه الزیارة هو تطویر التعاون أکثر في المجال النووي المدني لاسیما على صعید الأمن النووي والقضایا المتعلقة بها وفقا للاتفاق النووي، فالاتفاق النووي یصون هیکلیة حظر الانتشار النووي ویضمن أمن أوروبا والمنطقة وفي النهایة کل العالم .

وأعاد المسؤول الأوروبي التأکید على أن إیران تنفذ ما یتعلق بها من الاتفاق النووی بشهادة الوکالة الدولیة للطاقة الذریة، وقال: (نحن حازمون ومصممون على العمل للحفاظ على هذا الاتفاق الذي نعتبره مهماً لأمننا ولأمن العالم)، على حد تعبیره.

وأشار إلى أن العمل یتسارع من أجل إقامة الآلیة الخاصة الرامیة للالتفاف على الحظر الأمریکي وتمکین إیران من بیع نفطها، منوهاً بمجموعة إجراءات اتخذت من قبل بروکسل خلال الأشهر القلیلة الماضیة، بهدف الحفاظ على استثمارات الشرکات الأوروبیة خاصة المتوسطة والصغیرة منها فی إیران، وقال: (نحن نؤمن أن الدبلوماسیة أفضل من المواجهة).

ربما يعجبك أيضا