هل تنهي واشنطن مسيرة عباس مع نهاية 2017؟

محمود

كتب – محمد عبد الكريم

القدس المحتلة – كثيرًا ما أوردت وسائل إعلام غربية أو عربية أو حتى عبرية، أنباء عن سعي الولايات المتحدة الأمريكية استبدال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لرفضه تمرير “صفقة العصر” الأمريكية_الإسرائيلية، فهل بات الأمر وشيكا مع انتفاضة العاصمة، كحال عرفات الذي انهيت مسيرته مع نهاية انتفاضة الأقصى نهاية عام 2004.

–  فما هي السناريوهات المطروحة لمصير الرئيس الفلسطيني مع نهاية العام الجاري:

الاغتيال:

يجمع العالم على أن عرفات قد مات مسموما وأن الخبراء الدوليين الذي عاينوا جثمانه، اتفقوا على أن دولة نووية يمكن لها أن تكون الفاعل ما يحصر الفاعل بالاحتلال الإسرائيلي لجهة القدرة ولجهة الاستفادة، خاصة بعد رفض أبو عمار تقديم أي تنازلات فيما يتعلق بعملية التسوية، وهو ما يجعل من ذات السناريو ممكن التكرار في حالة عباس الذي يرفض تمرير صفقة القرن الأمريكية.

ومع انعدام أي معلومات صرفة عن الموضوع يبقى الأمر طور التحليلات، وفي هذا السياق يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ذو الفقار سويرجو: “ان كل الأطراف التي عملت على إنجاح خطة ترامب منذ سنوات وخططت لذلك ما زالت مصرة ورغم كل الرفض العارم الذي جوبه من قبل الفلسطينيين والعرب والعالم، إلا أن الإدارة الأمريكية لا زالت تراهن على هذا المشروع.

وأضاف سويرجو لذلك الإدارة الأمريكية لم ترى أن الخلل في مشروعها، بل رأت أن الخلل في القيادة الفلسطينية، ويجب تغيير هذه القيادة، وإيجاد قيادة قادرة على حمل هذا المشروع الهابط سياسيا و الذي يصل لدرجة الخيانة”.

لذلك أقول أن هذه المسألة لن تنجح فيها الولايات المتحدة، إلا إذا تعرض الرئيس محمود عباس لمحاولة اغتيال في الطريقة المشابهة التي قتل بها ياسر عرفات، أو بطريقة أخرى، وغير ذلك الأمور ذاهبة نحو تصعيد كبير جدا، وأبناء الشعب الفلسطيني لن يقبلوا من اى طرف خارجي أن يفرض عليهم قيادتهم، كون الرئيس محمود عباس هو رئيس منظمة التحرير ، قبل أن يكون رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية، وهو أيضا رئيس لحركة فتح، ولذلك هذا المسعى هو فاشل قبل أن يبدأ.

 الاستبدال:

في توقيتٍ لافتٍ جدًا ركزّ الإعلام العبريّ على ما أسماه بالانفصال بين السلطة الفلسطينيّة بقيادة محمود عباس وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّه آخذ في الأتساع، وجاء في تقريرين بثهما التلفزيون الإسرائيليّ أنّ عبّاس أبلغ جميع المسؤولين في السلطة الفلسطينية بإنّ ترامب هو “قضية خاسرة”، وأمر السلطة الفلسطينية بتشديد جميع الاتصالات مع المسؤولين الدبلوماسيين الأمريكيين، بمن فيهم القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية المسؤولة عن الشؤون الفلسطينية.

وزعمت التقارير العبريّة أنّ الإدارة الأمريكيّة، من جانبها، أشارت إلى أنّها تسعى إلى محاور فلسطينيّ غير عباس والذي قد تتمكن من العمل معه، مُشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ رئيس السلطة رفض أيّ علاقة مع فريق ترامب للسلام في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي في السادس من الشهر الجاري، اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونية نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب. ووفقًا لأخبار “حدشوت”، فقد أوضح عباس لمساعديه أنّه لا يغلق الباب فحسب بشأن المزيد من التعامل مع إدارة ترامب، بل يرمي المفتاح أيضًا.

وكان عباس ألغى اجتماعًا كان مقررًا عقده الأسبوع الماضي مع نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس (الذي أجّل بعد ذلك رحلته إلى المنطقة بسبب الضرورات المحلية)، وقال بوضوح إنّه لن يجتمع هو أوْ أيٍّ من قادة السلطة الفلسطينية مع مبعوث ترامب للسلام جيسون غرينبلات الموجود هنا منذ الأيام الأخيرة، كما اصدر تعليماته إلى جميع مسؤولي السلطة بقطع الاتصالات مع جميع المسؤولين الأمريكيين بمن فيهم القنصلية الأمريكية. ونقل التقرير ذاته عن مصدر مسؤولٍ أمريكيٍّ لم يذكر اسمه قوله إنّ الإدارة الأمريكيّة لن تقدم خطتها للسلام طالما أنّ عباس يقاطع فريق ترامب.

وقال المصدر أيضًا، بحسب التلفزيون الإسرائيليّ، إنّ واشنطن تعترف بأنّ الفلسطينيين بحاجة إلى فترة تهدئة بعد إعلان القدس، وأنّ الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بتحقيق اتفاق، وأنّها لا تنوي السعي لفرض اتفاق، لكنها لا تزال تأمل أنْ يُغيّر عباس موقفه، لكن عبّاس، الذي يدرك أنّ الخطة الأمريكية لن تفي بالمطالب الفلسطينية، ليس لديه نية بإنهاء مقاطعته لإدارة ترامب.

وفي التقرير الثاني الذي بثته القناة العاشرة الإخبارية عرض سردًا مختلفًا نوعًا ما، استنادًا إلى مصادر فلسطينية حسب قول القناة، ووفقًا لهذا التقرير، أشارت الولايات المتحدة إلى أنّها ترغب في إيجاد زعيم فلسطيني بديل، زعيم مستعد للتعامل مع الإدارة الأمريكيّة.

كما ذكر تقرير القناة العاشرة أنّ ترامب يضغط على عباس لقبول خطة السلام الأمريكية المخطط لها، وإذا لم يفعل ذلك، فسيضطر إلى الاستقالة.

واتهمّ الأمريكان والاحتلال الإسرائيلي عبّاس بأنّه قام بتشجيع سلسلة من أيام الغضب في الأراضي الفلسطينيّة منذ إعلان ترامب، في الوقت الذي طالبت فيه حماس، التي تقود غزة وتسعى إلى تدمير إسرائيل بانتفاضةٍ جديدةٍ، على حدّ تعبير المصادر عينها.

التطويع بشكل غير مباشر:

وكشفت مصادر إعلامية، عن أن الإدارة الأمريكية تجري اتصالات غير مباشرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بهدف إقناعه بالعودة إلى المسار السياسي.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول فلسطيني مقرّب من الرئيس عباس قوله إن “الاتصالات الأمريكية مع الرئيس تتم من خلال دول عدة، بينها الصين وروسيا”، موضحاً: “وصلتنا رسائل من الإدارة الأميركية تطالبنا بالعودة إلى المسار السياسي، وتقول إن قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس لا يعني بأي حال من الأحوال تحديد حدود المدينة والتي سيتم رسمها في المفاوضات بين الجانبين”.

وقال المسؤول إن الجانب الفلسطيني “يدرك تماماً نيات الإدارة الأميركية من العملية السياسية الجاري التحضير لها، وهي محاولة فرض حل جزئي وموقت لا يستجيب الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية”.

وأضاف: “يريد الفريق المتصهين للرئيس الأمريكي، وفريق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، استغلال الأوضاع الإقليمية والدولية من أجل فرض حل يكرّس الوجود الاستيطاني على نصف الضفة الغربية، بما فيها القدس، ولهذا قطعنا عليهم الطريق”.

في السياق ذاته، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتور أحمد مجدلاني لـصحيفة “الحياة”، أن القيادة لن تعود إلى أي عملية سياسية برعاية أميركية،

وقال مجدلاني العائد من زيارة رسمية للصين: “لم ننسحب من العملية السياسية، لكننا نبحث عن مسار آخر… أجرينا اتصالات مع قوى دولية وإقليمية عدة، مثل الصين وروسيا وغيرهما، وهذه الدول وافقت على المشاركة في رعاية دولية للعملية السياسية”.

وأضاف: “الطرف الأمريكي منحاز لإسرائيل، وأثبت أن دوره غير فاعل، ولا يتعدى دعم إسرائيل، لذلك نريد رعاية دولية، وهناك أطراف دولية عدة مهمة مستعدة للمشاركة في هذه الرعاية”.

 وتابع: “لن يكون هناك خيار آخر أمام الإدارة الأمريكية، إن أرادت فعلاً العودة إلى العملية السياسية، سوى الموافقة على المطلب الفلسطيني وجود رعاية دولية، وإلا فلن يكون هناك أي عملية سياسية”.

وقال إن الجانب الفلسطيني يرفض أي مفاوضات مباشرة مع الحكومة الإسرائيلية لأنها عملت على تقويض حل الدولتين من خلال الاستيطان. وأضاف: “نتانياهو دفن حل الدولتين، ولم يعد هناك ما يمكننا أن نتفاوض عليه، والمطلوب موقف ودور دوليان في إنهاء الاحتلال”. وأكد أن المجلس المركزي، وهو البرلمان المصغر لمنظمة التحرير الفلسطينية، سيبحث في اجتماعه المرتقب منتصف الشهر المقبل، تحديد العلاقة مع إسرائيل بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، مستطرداً: “المرحلة الانتقالية انتهت، وعلينا إعادة صوغ علاقتنا مع دولة الاحتلال”. وكشف أن النية تتجه إلى وقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل. لكن مراقبين يرون صعوبة ذلك، خصوصاً في الشقيْن المالي والأمني، بسبب السيطرة الإسرائيلية على الأرض والمعابر والطرق.

وكان عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” عزام الأحمد، قال إن المجلس المركزي لمنظمة التحرير سيبحث إعلان الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 دولة تحت الاحتلال، كما سيُجري مراجعة سياسية شاملة لمسيرة عملية السلام والخطوات المطلوبة فلسطينياً.

ربما يعجبك أيضا