هل ينتزع الأكراد “حكما لا مركزيا” من نظام الأسد؟

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

بدأ وفد مجلس سوريا الديمقراطية الخميس الماضي زيارة إلى دمشق، بدعوة من نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في محلولة لتقريب وجهات النظر المشتركة ووضع حد للحرب الدائرة منذ سنوات والتي أنهكت الشعب السوري.

وتُعد هذه المحادثات الأولى الرسمية العلنية بين مجلس سوريا الديمقراطية ودمشق لبحث مستقبل مناطق الإدارة الذاتية في الشمال السوري، في خطوة تأتي بعدما استعاد النظام مناطق واسعة من البلاد خسرها في بداية النزاع المستمر منذ 2011.

مفاوضـات بين دمشـــق والأكراد

وأعلن مجلس سوريا الديمقراطية الذراع السياسية لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن، السبت 28 يوليو، إثر لقاء مع ممثلين عن النظام السوري، تشكيل لجان بين الطرفين لتطوير المفاوضات بهدف وضع خارطة طريق تقود إلى حكم “لامركزي” في البلاد.

وأفاد البيان بأن وفد مجلس سوريا الديمقراطية  تحدث مع النظام عن إجراءات حقيقية على الأرض وتطرق لمستقبل مناطق الإدارة الذاتية في الشمال الشرقي السوري التي تقع تحت سيطرة المجلس.

خريطة طريق تقود لحكم لا مركزي

الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية رياض درار، أوضح أن اللجان التي سيتم تشكيلها ستكون خدمية بالدرجة الأولى، لأن مثل هذه النوعية من الخدمات “سوف تزرع عوامل الثقة بين الطرفين”، حسب تعبيره.

وستناقش اللجان “إعادة تأهيل سد الفرات بمدينة الرقة، وتوزيع الكهرباء والمياه، وقضايا أخرى في مجالات الصحة والتعليم والسجل المدني.

يقول درار “إذا لمسنا تقدما بشأن عمل هذه اللجان الخدمية، يمكن أن تتطور لمناقشة الوضعين السياسي والعسكري”، موضحا أن الاجتماع لم يتطرق إلى تسليم أو تسلم مناطق الأكراد.

هل دمشق مستعدة لـ “اللامركزية”؟ 

يقول الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية رياض درار إن “أقصى ما يطمح إليه النظام هو تعديل قانون الإدارة المحلية  الفاشل الذي سبب كثيرا من الأزمات.. النظام يريد أن يمنح المناطق شيئا من التفويض لتدير نفسها بنفسها”.

ومضى يقول: “نحن نطرح مشروعنا بشأن لا مركزية إدارية، من خلال تجربتنا في إدارة مناطقنا في شمال شرق سوريا، وهو تطبيق ناجح حتى الآن”.

من جهتها قالت الرئيسة المشتركة للمجلس أمينة عمر: “نأمل أن تكون هذه الموافقة الضمنية للنظام بشأن اللامركزية خطوة في الاتجاه الصحيح”.

دمشق سبق وأن كررت إصراراها على استرداد كافة مناطق البلاد، بما فيها مناطق الأكراد، فهل من الممكن أن يتنازل المجلس عن إدارة المناطق الذاتية التي يحكمها في الشمال الشرقي من البلاد؟.

تقول أمينة عمر: “لم يتطرق اجتماعنا إلى ذلك، لم يحدث اتفاقا بشأن ذلك، لا يمكننا مناقشة التنازل بل الاتفاق على إدارة مناطقنا، وهذا يعتمد على نوع التفاوض بيننا (المجلس والحكومة)”.

وعن شروط المجلس الرئاسي لسوريا الديمقراطية إذا ما استدعت المفاوضات أن يتنازل الأكراد عن إدارة مناطق نفوذهم قالت: “لا شروط مسبقة لدينا، المفاوضات ستعتمد على مصلحة الطرفين”.

وكان عضو المجلس الرئاسي لسوريا الديمقراطية حكمت حبيب قال إن المجلس “يرغب في إدارة المناطق التي يسيطر عليها بإدارة ذاتية وديمقراطية، وذلك بالتزامن والتنسيق مع العاصمة المركزية دمشق، وتحت راية جيش واحد، وبنك مركزي واحد، وعلم واحد”.

يذكر أن نفوذ الأكراد في سوريا تصاعد مع انسحاب قوات النظام تدريجيا من مناطقها في العام 2012، ليعلنوا لاحقا الإدارة الذاتية ثم النظام الفدرالي قبل نحو عامين في منطقة “روج أفا”.

وتضم هذه المنطقة الجزيرة (محافظة الحسكة)، والفرات (شمال وسط، تشمل أجزاء من محافظة حلب وأخرى من محافظة الرقة)، وعفرين (شمال غرب) التي باتت منذ أشهر تحت سيطرة قوات تركية وفصائل سورية موالية لها.

لماذا الاتفاق الآن بين دمشق والأكراد؟

كان نظام الأسد فرض السيطرة في الآونة الأخيرة على معظم المناطق التي كانت خاضعة للمعارضة، بعد 7 سنوات من الصراع.

وفي تصريحات أعقبت سيطرته، وصف الأسد الإدارة الكردية في شمال شرقي البلاد بأنها “هياكل مؤقّتة”، وهو الأمر الذي دفع -ربما- إلى هذا الاتفاق.

ويرى كبير المحللين المختصين في الشأن السوري بمجموعة الأزمات الدولية نوح بونسي “أنه من الصعب التكهن بكيفية توصل الطرفين إلى اتفاق أكثر موضوعية في الشهور المقبلة لأن هناك فجوة ضخمة بين الجانبين بشأن شكل هذه المنطقة في المستقبل”.

وستثير أي مفاوضات بين دمشق وأكراد سوريين أسئلة جديدة عن السياسة الأمريكية في سوريا، حيث انتشر الجيش الأمريكي في منطقة خاضعة لهذه القوات خلال الحملة على تنظيم داعش.

من جانبهم، يتوخى الأكراد السوريون الحذر تجاه واشنطن بسبب تصريحات متضاربة صادرة عن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيال خططها في سوريا وكذلك بسبب ضغوط تركيا على الولايات المتحدة.

ربما يعجبك أيضا