“واشنطن” تضغط للحوار .. و”طهران” تهرب من سيناريو الحرب

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

أعلن وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، الجمعة، أن بلاده لا تسعى إلى تغيير النظام في طهران، وإنما دفعه إلى تغيير أسلوبه، ومن ضمنه تهديداته في المنطقة، وتغيير أسلوب وكلائه، وهو ما قد يهدئ من المخاوف في إيران من تلميحات ترامب بالرد القوي وغير المتوقع.

وكانت الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق النووي العالمي مع إيران في آيار/مايو الماضي، وقالت إنها ستعيد فرض عقوبات يبدأ سريان بعضها في السادس من آب/ أغسطس القادم بينما تسري بقية العقوبات، لا سيما في قطاع البترول، في الرابع من تشرين ثان/نوفمبر.

ويعتقد المراقبون أن إيران تتخوف من تأثير العقوبات على اقتصادها، وزيادة الغضب الشعبي في البلاد أكثر مما تتخوف من أي ضربة مفاجئة وتأثيراتها.

ورغم أن المسؤولين الإيرانيين يلوحون بأن بلادهم لن تقبل حوارا تحت التهديد، إلا أن مراقبين سياسيين يعتقدون أن التصريحات شيء والواقع شيء آخر، وأن إيران ستعمل ما في وسعها لتجنب العقوبات الأمريكية التي ستكون هذه المرة قاسية وملزمة للجميع.

فقد ربطت أوساط دبلوماسية عربية في الولايات المتحدة بين زيارة وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، إلى واشنطن ولقائه وزير الدفاع جيمس ماتيس أمس الجمعة بمساع إيرانية للتهدئة وفتح قناة تواصل مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وتأتي زيارة الوزير العماني بعد قيام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بزيارة سلطنة عمان قبل أسبوع، وهو ما يؤكد أن طهران بحثت عن توسيط مسقط في إخراجها من الأزمة، وفتح قناة تواصل مع الأمريكيين مثلما حصل في 2013 وأفضى ذلك إلى الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني في صيف 2015.

وحسب تقرير صحيفة العرب، فقد لاحظت الأوساط، أن اللقاء بين بن علوي وماتيس جاء بعد يوم واحد من تصريحات قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، التي لوح فيها بالاستعداد للمواجهة في البحر الأحمر، معتبرة أن إيران التي تبحث عن التهدئة بأي ثمن لتجنب العقوبات المقررة في تشرين ثان/نوفمبر القادم، تريد أن تغطي عليها بتصريحات قوية لخداع الشارع الإيراني، فضلا عن أذرعها في المنطقة.

وفي مقاله حول ضرورة المحادثات السرية مع الولايات المتحدة الأمريكية، على صحيفة “ايران امروز” المعارضة، كتب الدكتور “مهدي نوربخش”، أستاذ العلاقات الخارجية والتجارة الدولية في جامعة هريزبورج بالولايات المتحدة الأمريكية، أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي خلال خطابه أمام الإيرانيين في كاليفورنيا، الأسبوع الماضي، حملت رسالتين:-

الأولى: رغبة واشنطن الدخول في محادثات مع واشنطن.

والثانية: رغبة أمريكية في تعديل سلوك النظام الإيراني.

وأكد الأستاذ الإيراني، أن خروج حكومة ترامب من الإتفاق النووي والضغوط السياسية والإقتصادية كان الهدف منها هو الضغط على إيران من أجل إخضاعها للحوار.

وأضاف، أن الأمريكان لا يبحثون عن الحرب؛ بل عن المكاسب السياسية، وتجارب الحروب السابقة تجبرهم على ذلك. فالولايات المتحدة الأمريكية لم تستطع تحقيق النجاح حتى الآن في حربها التجارية مع أوروبا. ومعظم الشعب الأمريكي والجمهوريين لا يوافقون على الحرب مع إيران.

وكتب نوربخش حول التهديدات الإيراني بإغلاق مضيق هرمز، أن إغلاق هذا المضيق سيضع الجميع في مواجهة إيران، بل حتى حلفاءها في أوروبا والصين وروسيا. وسيؤدي هذا إلى تدمير جزء كبير من اقتصادها، وهو البنية الاقتصادية النفطية الموجودة في غرب إيران.

وحول المسألة السورية، كتب الخبير الإيراني، أن روسيا قد اقترحت بقاء إيران في سوريا في مناطق محددة بعيدة عن حدود إسرائيل لحفظ الاستقرار والأمن، إلا أن إسرائيل رفضت تواجد إيران بشكل قطعي، وتصر على خروج كافة قواتها مليشياتها.

وأضاف، لقد استطاعت إيران أن تعقد محادثات حول اليمن مع دول أوروبية، وكذلك يُمكنها تكرار هذه المحادثات حول سوريا بحضور الروس والأتراك؛ لأن إسرائيل لن تسمح باستمرار التواجد الإيراني، ولن تتوقف ضرباتهم على الأهداف الإيرانية داخل سوريا.

كما توقع الخبير الإيراني في الشئون الدولية، نوربخش،  أن مستشار المرشد، “ولايتي” قد ذهب إلى موسكو تزامنًا مع تواجد نتنياهو للتفاوض حول سوريا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بوساطة الرئيس “بوتين”.

وقال أعتقد أيضًا أن روحاني من الممكن أن يذهب إلى محادثات سرية مع الأمريكان بوساطة أوروبية؛ من أجل عدم وقوع الحرب.

وعلق قاسم محب علي، مدير عام شئون الشرق الأوسط خلال حكومة “خاتمي”، على مقال “مهدي نوربخش” الذي طالب فيه بمحادثات سرية بين طهران وواشنطن، وقال إن كافة القوى الدولية باتت تطالب بمحادثات علنية وليست سرية حتى يتم الإنتهاء من الأزمة؛ وهو ما دفع المرشد الأعلى للتأكيد على ضرورة استمرار الحوار مع أوروبا خلال اجتماعه مع سفراء إيران في الخارج.

وأضاف، أن إعلان المرشد جاء بعد اصرار أوروبي على إعلان إيران نواياها بشكل صريح. وكذلك تصر روسيا على إعلان إيران موقفها بشكل مُعلن، وهو ما دفع ولايتي للذهاب إلى روسيا، وامتنعت الصين عن استقباله، طالما لم تحدد طهران سياستها بشكل واضح.

ربما يعجبك أيضا