“يسرى” صوت اللاجئين في الأمم المتحدة

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

لم تكن تعرف اللاجئة السورية “يسرى” والأمواج تتخبط بها أن شاطئ النجاة ليس فقط مجرد أرض تقف عليها لتعيد تنظيم أنفاسها بل هي حياة ومستقبل لم تكن في الحسبان فقد تركت الحرب والدمار في سوريا بصماتها في ذاكرتها لن يمحوها المستقبل.

“مارديني” البالغة من العمر 19 عاما أصبحت أصغر سفيرة للنوايا الحسنة للمفوضية العليا من حيث السن.

صراع من أجل البقاء

ولدت “يسرى مارديني” في العاصمة السورية دمشق عام 1998 ، وفي أغسطس 2015، صارعت يسرى البالغة 19 عاماً مع شقيقتها الأكبر منها “سارة” الأمواج هرباً من الصراع في سوريا، وسبحتا لساعات متواصلة عندما كاد قاربهما المطاطي يغرق في طريقهما إلى اليونان حيث اضطرت هي وأختها وامراة أخرى إلى سحب القارب لمدة ثلاث ساعات وإيصاله إلى الشاطئ، وذلك بعد محطّتين في لبنان وتركيا، حيث دفعتا المال لمهرّبين من أجل إيصالهما إلى اليونان.

ووصلت “مارديني” وأختها إلى النمسا ثم استقرتا في ألمانيا، وبعد فترة وجيزة من وصولهما إلى برلين تبنت جمعية خيرية محلية تدريبهما على السباحة في أحد النوادي القريبة من مخيم للاجئين في المدينة.

أول فريق أوليمبي للاجئين

شاركت مارديني في أول فريق أوليمبي للاجئين خلال أولمبياد “ريو دي جانيرو” 2016، وناقشت تحديات اللاجئين مع عدد من القادة مثل البابا فرانسيس والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.

عملت “مارديني” بشكل وثيق مع المنظمة الأمم المتحدة منذ اختيارها للمشاركة في دورة الألعاب الأوليمبية، وودعت اللاجئة السورية منافسات السباحة ضمن ألعاب ريو دي جانيرو الأوليمبية، بعد أن حلت في المركز 41، وقالت في حديثٍ لصحيفة “بيلد” الألمانية في أغسطس الماضي إنها “تلقت عروضًا من شركات عالمية لتجسيد قصّتها على شكل فيلم، ومن بينها عرض من هوليوود”. 

شاركت أيضا في العديد من المحافل الدولية، آخرها مؤتمر “دافوس” الاقتصادي، في يناير الماضي، في محاولة إيصال صوت اللاجئين إلى العالم، واختيرت اللاجئة ضمن عينة من 10 أشخاص حول العالم، لكل منهم قصة شجاعة شخصية يرويها أمام ثلاثة آلاف مشارك من قادة العالم وصناع سياساته، ليثبتوا للمؤتمرين أن الإرادة والتصميم يمكن أن يجعلا العالم أقل وحشية وسوداوية مما هو عليه الآن.

لاجئة سورية في الأمم المتحدة

” إنها شابة ملهمة، تجسد من خلال قصتها الشخصية القوية آمال ومخاوف وإمكانات ملايين اللاجئين الشباب حول العالم” ، بهذا الكلمات بدأ المفوض السامي لشؤون اللاجئين “فيليبو غراندي”حديثه، بعد أن أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أمس الخميس، عن تعيين اللاجئة السورية والرياضية الأولمبية “يسرى مارديني” سفيرة للنوايا الحسنة ، لتنضم بذلك إلى سفراء آخرين مثل الممثلة “كيت بلانشيت” والمؤلف “خالد حسيني”.

وأكّدت الأمم المتحدة في بيان لها : “أنّ يسرى مارديني، التي شاركت في فريق اللاجئين في أولمبياد “ريو” 2016، أصبحت صوتا قوياً للنازحين قسراً بأنحاء العالم ومثالًا على صمودهم وعزمهم على بناء حياتهم والمساهمة بشكل فعال في المجتمعات المضيفة”.

من الألم يولد الأمل

وقالت بعد تعيينها سفيرة للنوايا الحسنة: «أشعر بسعادة للانضمام إلى أسرة مفوضية الأمم المتحدة، وأنا حريصة على متابعة نشر رسالة مفادها أن اللاجئين أشخاص عاديون يعيشون في ظروف مؤلمة ومدمّرة، ويمكنهم القيام بأمور رائعة إذا ما أتيحت لهم الفرصة».

وأعربت “مارديني” في مؤتمر بمكتب الأمم المتحدة، بمدينة جنيف السويسرية، عن اعتزازها بتمثيل اللاجئين، وقالت: “أعيش في برلين، وألقي خطابات للتعريف بقضيتي”، داعية جميع اللاجئين إلى استئناف تعليمهم وحياتهم من النقطة التي توقفوا عندها.

ربما يعجبك أيضا