عقل بوتين.. من هو ألكسندر دوجين الذي خطط للهيمنة على أوروبا وآسيا؟

آية سيد
ألكسندر دوجين

يمتلك دوجين نفوذًا لدى النخب السياسية والعسكرية الروسية، وأطلق عليه المحللون "عقل بوتين"


في الأيام التي سبقت الحرب الروسية الأوكرانية في شهر فبراير الماضي، ألقى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خطابًا متلفزًا، أعلن فيه رفضه فكرة أوكرانيا كدولة مستقلة.

وقال إن أوكرانيا الحديثة “أنشأتها روسيا بالكامل، أو لكي أكون أكثر دقة، روسيا الشيوعية البلشفية”. هذه الكلمات تعكس كتابات رجل روّج لهذه الفكرة على مدى 3 عقود تقريبًا. هذا الرجل هو ألكسندر دوجين، الذي أطلق عليه المحللون “عقل بوتين” و”راسبوتين بوتين”.

من هو ألكسندر دوجين؟

بحسب موقع إندبندنت أستراليا، في 13 مارس 2022، وُلد ألكسندر دوجين في موسكو عام 1962، وهو فيلسوف وأستاذ جامعي ومحلل سياسي واستراتيجي، والمنظم الرئيس للجبهة البلشفية القومية وعضو بارز في حزب بوتين الحاكم “روسيا الموحدة”، وأول مؤسس وزعيم للحزب البلشفي القومي وحزب أوراسيا، الذي تجمع فلسفته الوثنية الجديدة والعقيدة السلافية والغنوصية والتقاليد الأرثوذكسية الشرقية.

وفقًا لتقرير لسي بي إس نيوز، في 12 إبريل 2022، درّس دوجين في جامعة روسية كبيرة، وخطط الدورات الدراسية للمؤسسات العسكرية الروسية، وظهر على أبرز قنوات التليفزيون الروسي. ولكونه فيلسوفًا سياسيًا، يمتلك دوجين نفوذًا لدى النخب السياسية والعسكرية الروسية. وبسبب قربه من الكرملين، فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات في 2015، عقب ضم روسيا للقرم في 2014.

كيف يرى دوجين روسيا؟

بحسب تقرير سي بي إس نيوز، في حوار لم يُذاع مع مراسلة برنامج 60 دقيقة في 2017 قال دوجين “لطالما آمنت بمستقبل العظمة الروسية لأن روسيا كانت دائمًا وحاولت أن تكون قوة عظمى”، وأن هدفه ليس أن تصبح روسيا القوة العظمى دون منازع، بل إنه يتطلع إلى عودة روسيا إلى مكانة القوة العظمى وسط العديد من الدول التي تقود النظام العالمي.

ولفعل هذا، ذكر دوجين أن الأمر سيحتاج لما هو أكثر من القوة العسكرية، مضيفًا: “نحتاج للتحرر، ليس فقط كدولة، بل كشعب، ولإحياء الشعارات والروح والهوية الروسية”. وأشار التقرير إلى أن هذه الهوية الروسية عنصرًا أساسيًا في الأيديولوجية القومية المعروفة بـ”الأوراسية” التي أوضحها دوجين في كتابه “أسس الجيوبولتيكا: مستقبل روسيا الجيوبولتيكي”.

الهيمنة على أوروبا وآسيا في إمبراطورية واحدة

ويعتقد دوجين أن روسيا يجب أن تتبنى تميزها الجيوسياسي وتهيمن على أوروبا وآسيا في إمبراطورية واحدة يحكمها الروس. ووضع دوجين الأوراسية في تعارض مباشر مع الليبرالية.

وعند سؤاله ما إذا كان بوتين يتبع توصياته، رفض دوجين الفكرة وأشار إلى أن توصياته السياسية موجودة منذ عقود، وأن بوتين ينفذ الخطوات الأولى فقط، متابعًا: “نطالبه بأن يصبح أكثر استبدادية مما هو عليه. إنه يخذلنا بعض الشيء لأن الأمر يستغرق وقتًا طويلًا”.

ما علاقة مؤلفات دوجين بحرب أوكرانيا؟

كتب دوجين أكثر من 30 كتابًا، لكن أشهرهم هما “النظرية السياسية الرابعة” و”أسس الجيوبولتيكا: مستقبل روسيا الجيوبولتيكي”. وبحسب التقرير، فكتاب أسس الجيوبولتيكا، الصادر عام 1997، يحدد أنه لكي تعيد روسيا بناء قوتها عالميًا، ستحتاج لاستخدام المعلومات المضللة وزعزعة الاستقرار وضم الأراضي، وأن أحد أهداف الضم يجب أن تكون أوكرانيا، لأنها تقف في طريق روسيا لكي تصبح قوة عظمى عابرة للقارات.

كتب دوجين في كتابه، “أوكرانيا كدولة مستقلة بطموحات إقليمية معينة تمثل خطرًا هائلًا على كل أوراسيا، وبدون حل المشكلة الأوكرانية، ليس من المنطقي التحدث عن السياسة القارية”، مبينًا أن السيطرة الكاملة على كل الساحل الشمالي للبحر الأسود “ضرورة مطلقة” للجيوسياسة الروسية، وأن أوكرانيا يجب أن تصبح “قطاع إداري خالص من الدولة المركزية الروسية” لتتحقق أهداف روسيا.

خطة دوجين

في تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، في 22 مارس 2022، أوضح الكاتب ديفيد فون دريل الخطة التي رسمها دوجين في كتابه لتحقيق الأهداف الروسية وكيف تؤثر في سياسات بوتين. فوفقًا لخطة دوجين، يجب أن يثير العملاء الروس الانقسامات العرقية والدينية والطائفية داخل الولايات المتحدة مع تعزيز الفصائل الانفصالية.

وفي بريطانيا العظمى، يجب أن تركز العمليات النفسية على مفاقمة الخلافات التاريخية مع أوروبا القارية والحركات الانفصالية في إسكتلندا وويلز وأيرلندا. وفي الوقت نفسه، يجب جذب غرب أوروبا في اتجاه روسيا عن طريق إغراء الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والغذاء، وسينهار الناتو من الداخل.

وأضاف التقرير أن دوجين يتصور تقسيمًا تدريجيًا لأوروبا إلى مناطق من النفوذ الألماني والروسي، تتولى فيها روسيا القيادة بفضل قبضتها على احتياجات ألمانيا من الموارد. وبينما تنهار بريطانيا العظمى وتستجمع روسيا قوتها، ستتمدد إمبراطورية أوراسيا “من دبلن إلى فلاديفوستوك”.

الشرق الأوسط والصين

بالنسبة إلى تجاوزات بوتين وتعاملاته المزدوجة في الشرق الأوسط، ذكر التقرير أنها متأثرة بفكرة دوجين عن محور موسكو-طهران. وأن إغواء بوتين للحكومة القومية في نيودلهي هو انعكاس لإصرار دوجين على أن الإمبراطورية الأوراسية يجب أن تمتد إلى المحيط الهندي.

وفيما يتعلق بالصين، يرى دوجين أنها يجب أن تسقط، وذكر في كتابه أن طموحات روسيا في آسيا ستتطلب “التفكك الإقليمي، والانشقاق والتقسيم السياسي والإداري للدولة الصينية”. وبحسب دوجين، فإن شريك روسيا الطبيعي في الشرق الأقصى هي اليابان.

ربما يعجبك أيضا