التكتيكات القديمة تظهر بهجوم كركوك.. متى ينتهي داعش من مدن العراق؟

عاطف عبداللطيف
قوات الأمن العراقي في محافظة كركوك

كتب – عاطف عبداللطيف

جاء هجوم تنظيم داعش الإرهابي الأخير في محافظة كركوك (استمر ساعات) مستهدفًا قوات الشرطة بمثابة لفت نظر إلى أن نهاية دولة “داعش” الفعلية على الأرض لم تتم بالصورة الكاملة ويظل خطرها قائمًا ليس في الصحاري والجيوب الإرهابية البعيدة عن أعين الأمن والجيش فقط، بل يزداد الخطر كل يوم ويهدد العراقيين في كل مكان بـ”أرض الرافدين”.

هجوم كركوك المباغت يؤكد أن إخراج داعش من المدن إلى قرب الحدود السورية والصحارى لم يقض على التنظيم في العراق، وبات الأمر في حاجة إلى إعادة رسم الخطط لمواجهة التكتيكات الجديدة للتنظيم الإرهابي. ويعد هجوم كركوك من أكثر الهجمات دموية التي تعرضت لها القوات الأمنية العراقية منذ بداية العام 2021 في مناطق جنوب كركوك، حيث توجد خلايا نائمة للتنظيم الذي هُزم رسميًا.

ويبدو أن داعش بمعاودة اللجوء إلى ذبح ضحاياه وتنظيم الهجمات الكبيرة ذات الصدى الواسع وقطع طرق الإمداد للمناطق والكمائن الأمنية التي يشرع في مهاجمتها بزرع القنابل والمفخخات، يعمل مرة أخرى على استحضار أدواته وأساليبه الإرهابية التي اشتهر بها أيام صعوده واحتلاله مناطق واسعة في كل من العراق وسوريا، خاصة خلال الأعوام من 2014 إلى 2017.

كر وفر

تنظيم داعش لجأ إلى أساليبه القديمة ومرحلة ما قبل إعلان الدولة التي سقطت سريعًا، وعلى الرغم من هزيمة تنظيم داعش المتشدد في عام 2017، فقد تحول فلوله إلى أسلوب هجمات الكر والفر ضد القوات الحكومية العراقية في مناطق مختلفة، كما عاود طريقته القديمة ببث استراتيجية الرعب من جديد القائمة على (الأسر والنحر)، بعدما نصب كمينًا للجيش العراقي وأسر جنديًا عثر عليه مقطوع الرأس قرب الحدود السورية العراقية.

عناصر من الشرطة العراقية

أعلن تنظيم داعش، أمس الإثنين، مسؤوليته عن هجوم وقع- قبل أيام- على موقع حراسة قرب مدينة كركوك العراقية، قالت مصادر في الشرطة إنه أسفر عن مقتل أكثر من 10 أشخاص من رجال الشرطة وإصابة آخرين. وأعلن تنظيم داعش، الذي ينشط أعضاؤه في المنطقة، المسؤولية عن الهجوم عبر حساب له عبر تطبيق تليجرام.

وقالت المصادر إن المهاجمين اشتبكوا لمدة ساعتين مع الشرطة المتمركزة في قرية ببلدة الرشاد، على بعد 30 كيلومترًا جنوب غربي كركوك. وأضافت المصادر أن المسلحين استخدموا قنابل مزروعة على جانب الطريق لمنع تعزيزات الشرطة من الوصول إلى الموقع، مما أدى إلى تدمير ثلاث سيارات للشرطة.

وردا على الهجوم الداعشي الإرهابي في كركوك، أعلن المتحدث باسم الجيش العراقي اللواء يحيى رسول، اليوم الثلاثاء، مقتل وحدة عسكرية كاملة من عناصر تنظيم داعش كانت تستعد للهجوم على القوات الأمنية في محافظة كركوك. وأضاف رسول أن جهاز مكافحة الإرهاب وبأسلوبه التكتيكي الحديث تمكن من قتل وحدة كاملة لعناصر داعـش كانت تحاول التعرض على قواطع مرابطات القوات الأمنية في كركوك.

ولفت إلى أن هذه الوحدة سقطت بكمائن فرسان الجهاز بعد رصد حركتهم بواسطة القناصين بالقرب من «التون كوبري» وتمكنوا من قتل عدد منهُم بنيران مباشرة، وجرت مُطاردة لباقي العناصر الإرهابية الفارة من المواجهة بواسطة طائرات التحالُف الدولي التي تمكنت من تدمير الوكر الذي انطلقت منها العناصر التكفيرية.

ورغم الهجمات الدموية للدواعش، أكد العقيد واين ماروتو، المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وسوريا، اليوم الثلاثاء، أن تنظيم “داعش” غير قادر على احتلال أي أرض عراقية. وقال في تصريح صحفي، إن “عصابات داعش الإرهابية مستمرة في الاستفادة من الفراغ الأمني، كونها تنشط كحركة تمرد بمستوى متدن، مقارنة مع تنظيم القاعدة عام 2010”.

وأضاف، أن “القوات الأمنية العراقية والتحالف الدولي يعملان بشكل استباقي على اعتراض وتدمير خلايا داعش النائمة والمخابئ، وأماكن تواجدها ومعسكراتها المؤقتة، والموارد المالية، والنيل من قادتها الرئيسيين”.

هجمات وتكتيكات

الهجوم العنيف للدواعش صوب الحاجز الأمني العراقي في كركوك، كان كبيرًا وحظي بإدانة واسعة من الدول العربية وقوى دولية، وبحسب ما أكدت مصادر أمنية عراقية، وفقًا لموقع “سكاي نيوز عربية”، استخدمت في الهجوم مختلف أنواع الأسلحة، مثل العبوات الناسفة، والأسلحة المتوسطة والخفيفة، حيث باغتت عناصر داعشية، حاجزًا أمنيًا، ليلًا.

فيما شرعت مجموعة أخرى، في نصب عبوات ناسفة، بشكل سريع، على الطريق، استعدادًا لاستهداف التعزيزات الأمنية، وهو ما تسبب بسقوط ضحايا، وهي تكتيكات حربية تلجأ إليها داعش في الهجمات الكبيرة التي تخطط لها بمختلف الأماكن لمنع وصول الدعم والإمدادات للمناطق التي تستهدفها بالهجوم.

وكان العراق قد أطلق في الآونة الأخيرة سلسلة عمليات ضد تنظيم داعش الإرهابي، في العديد من المناطق على خلفية شنه هجمات في البلاد، خاصة تلك التي استهدفت أبراج الكهرباء.

تهديد كبير

في سياق متصل، قال المحلل الاستراتيجي، ميثاق القيسي، إن “ما حدث في محافظة كركوك، يمثل نكسة كبيرة، وضربة للاستقرار الأمني الذي تحقق، خلال الفترة الماضية، وهو ما يؤشر إلى وجود تراخٍ أمني، لدى القوات العسكرية، وتهاون في تنفيذ الخطط الموضوعة لملاحقة داعش، خاصةً وأن التنظيم نشط خلال الأيام القليلة الماضية، وهو ما يؤكد الحاجة إلى إطلاق عمليات غير تقليدية، تعتمد الجهد الاستخباري، وزرع العناصر الموالين للمؤسسة العسكرية داخل تلك التنظيمات”.

وأضاف القيسي بحسب موقع “سكاي نيوز عربية” أن “طريقة تنفيذ تلك العملية توحي بوجود قدرة للتنظيم، إذ لا يمكن له نصب عبوات ناسفة، على الطريق، إلا في حال حصوله عن معلومات بخصوص تحركات القوات الأمنية، وموعد وصولها، إلى الحادثة، ليتمكن من تفجيرها”.

وعلى مدار الأيام الماضية، شهد العراق هجمات لداعش قتلت 19 شخصًا وجرحت 23 في بعقوبة والأنبار وصلاح الدين، مما دفع الجيش العراقي لتمشيط الوديان، حيث تتواجد بقايا التنظيم الذي هاجم أيضًا مواقع عسكرية في الرقة شمالي سوريا، الشهر الماضي، والسؤال: بعد سقوط دولة الدواعش المزعومة، متى ينتهي تهديدهم من مدن العراق؟

ربما يعجبك أيضا