التهجير الجماعي.. استراتيجية إسرائيل لتحقيق أهدافها في غزة

إسرائيل تستخدم التهجير الجماعي لسكان غزة كأداة حرب

آية سيد
التهجير الجماعي.. استراتيجية إسرائيل لتحقيق أهدافها في غزة

استخدام التهجير في الصراع يكون في الغالب استراتيجيًا، أي أنه يمكن أن يخدم أهدافًا محددة قصيرة أو بعيدة المدى.


تسببت الحملة الجوية والبرية الإسرائيلية على قطاع غزة في نزوح أكثر من 1.8 مليون فلسطيني من سكان القطاع.

وفي هذا السياق، أشار تحليل نشره موقع “ذا كونفرزيشن” الأسترالي، أول أمس الاثنين 11 ديسمبر 2023، ، إلى أن التهجير الجماعي يُعد عنصرًا مدروسًا في حملة إسرائيل العسكرية، مشددّا على أن التهجير القسري في حد ذاته جريمة بموجب القانون الدولي.

مخططات إسرائيلية

حسب الأستاذ المساعد في العلوم السياسية والشؤون الدولية بجامعة مين، نيكولاس ميسنيسكي، والمدير التنفيذي لمختبر سياسة الهجرة بجامعة ستانفورد، آدم ليشتنهيلد، وزميلة دراسات الشرق الأوسط بمعهد بيكر بجامعة رايس، كيلسي نورمان،  قال الجيش الإسرائيلي، في المراحل المبكرة من الصراع، إنه يُخلي المناطق من أجل سلامة المدنيين.

التهجير الجماعي.. استراتيجية إسرائيل لتحقيق أهدافها في غزة

سكان غزة يغادرون الشمال ويتجهون جنوبًا بسبب القصف الإسرائيلي

ومنذ ذلك الحين، تروّج بعض الأصوات داخل الحكومة الإسرائيلية وحولها لأهداف أخرى بعيدة المدى، ونشر معهد مسجاف الإسرائيلي للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية وثيقة تزعم أن الحملة العسكرية الحالية تقدم “فرصة فريدة ونادرة لإخلاء قطاع غزة بالكامل”.

إعادة التوطين

اقترحت وثيقة مسرّبة، منسوبة إلى وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، إعادة توطين كل سكان غزة، أو جزء منهم، في شبه جزيرة سيناء، وهو ما رفضته الحكومة المصرية رفضًا قاطعًا، وكذلك روّج وزير الاستخبارات الإسرائيلي لخطة تهدف إلى إعادة توطين سكان غزة في دول حول العالم.

وفي السياق ذاته، أوردت وكالة إخبارية موالية للحكومة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ينظر في خطة لـ”تقليل” عدد سكان غزة إلى “الحد الأدنى”.

وفي حين لم تؤكد الحكومة الإسرائيلية علنًا أي خطة بشأن سكان غزة بعد انتهاء الصراع الحالي، أشار الباحثون المتخصصون في الهجرة والحرب، في تحليلهم، إلى أن استخدام التهجير في الصراع يكون في الغالب استراتيجيًا، أي أنه يمكن أن يخدم أهدافًا محددة قصيرة أو بعيدة المدى.

التهجير كأداة حرب

أوضح التحليل أن التهجير الجماعي يُستخدم لـ3 أسباب استراتيجية في الصراعات، السبب الأول هو استخدامه كوسيلة للسيطرة على، أو طرد، السكان الذين يُنظر إليهم على أنهم عدائيون أو غير مرغوب بهم.

والسبب الثاني هو الاستيلاء على الأراضي والموارد، أما السبب الثالث فهو استخدامه كآلية فرز للتخلص من السكان غير المخلصين أو غير المطيعين.

وفي سياق الصراع الحالي في غزة، ألمح مسؤولون إسرائيليون، أو أشخاص على صلة بالحكومة، إلى استخدام الاستراتيجيات الـ3 لتهجير السكان، وفق التحليل.

التهجير الجماعي.. استراتيجية إسرائيل لتحقيق أهدافها في غزة

عدد النازحين في قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي

صعوبة التنفيذ

استبعد التحليل التهجير الجماعي للفلسطينيين من غزة إلى أي مكان في العالم بنحو دائم، لأن هذا سيتطلب موافقة الدول المضيفة وامتثال الفلسطينيين، رغم أن مدير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) حذر مؤخرًا أن إسرائيل تواصل متابعة هذه الاستراتيجية.

وإضافة إلى هذا، فإن إعادة التوطين الدائمة لفلسطينيي غزة ستُعد بمثابة تطهير عرقي، وهو شيء حذرت منه الأمم المتحدة. وكذلك فإن أي نزوح مؤقت من غزة سيتطلب ضمانًا بحق العودة للنازحين، والتزامًا من إسرائيل بإعادة إعمار غزة كي يعودوا إليها، لكن من غير المؤكد أن إسرائيل ستفعل أي من الأمرين.

احتلال غزة

أحد الخيارات التي يبحثها نتنياهو هي أن يعيش الفلسطينيون في غزة تحت ضوابط أمنية إسرائيلية “لأجل غير مسمى”. ووفق التحليل، هذه الخطوة ستتماشى مع هدف إسرائيل الأمني بالقضاء على حماس. وإعادة احتلال أجزاء من شمالي غزة، مصحوبةً بتقليص عدد سكان هذه المناطق، سيُمكّن الجيش الإسرائيلي من تحويلها إلى مناطق عازلة.

لكن الاحتلال يتطلب الكثير من الموارد والقوى البشرية. وستتردد إسرائيل في الالتزام بإعادة بناء غزة، وحراسة الشوارع، ومراقبة السكان وحكمهم. كما أن الاحتلال لأجل غير مسمى سيعرّض الجنود الإسرائيليين للخطر، ولن يحظى بدعم الإسرائيليين أو المجتمع الدولي.

دفع السكان جنوبًا

لفت التحليل إلى أن البديل للاحتلال الكامل هو أن تواصل إسرائيل دفع الفلسطينيين في غزة نحو الجنوب، والسماح فقط لمن تعتبرهم لا يشكلون تهديدًا عليها بالعودة إلى شمالي القطاع.

وبدعوى القضاء على حماس، تدفع إسرائيل المدنيين إلى مناطق صغيرة في الجنوب، مع الإشارة ضمنًا إلى أن من لا يغادرون مشتبه في كونهم مقاتلين أو داعمين لحماس.

إلا أن هذا يتجاهل محنة السكان غير القادرين على الحركة، مثل كبار السن، وأصحاب الإعاقات والأيتام، كما أنه يضع على عاتق المدنيين مسؤولية معرفة مواقع مناطق الإخلاء.

ربما يعجبك أيضا