استقالة نواب التيار الصدري يعمق الأزمة السياسية في العراق

محمود سعيد

الخطوة الصدرية تعني تفكك تحالف "إنقاذ وطن" الذي ضم معهم تحالف السيادة السني والحزب الديمقراطي الكردستاني.


يمر العراق بأزمة سياسية حادة منذ 8 أشهر تعمقت باستقالة نواب كتلة التيار الصدري في البرلمان، ما يعني دخول البلاد فراغًا سياسيًّا كاملًا.

وتصدرت الكتلة الصدرية الانتخابات البرلمانية، في أكتوبر 2021، بـ73 مقعدًا من أصل 329، واتحدت مع “تحالف السيادة” السني صاحب الـ71 مقعدًا، والحزب الديمقراطي الكردستاني، ولكن قوى الإطار التنسيقي المقربة من إيران رفضت تشكيل التحالف الثلاثي للحكومة.

مبررات مقتدى الصدر

طلب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، من نواب كتلته في البرلمان بكتابة استقالاتهم، وقال وفقًا لوكالة الأنباء العراقية: “ما طلبت إلا كشف كل فاسد بغي، واسترجاع حق الشعب”، مشددًا على أن إصلاح البلد لن يكون إلا بحكومة أغلبية وطنية وأن كل نواب الكتلة مستعدون للاستقالة “هذان خياران إما المعارضة وإما الانسحاب”.

وأضاف أن العراق ليس بحاجة إلى مطلق الحكومة، بل إلى الحكومة المطلقة ذات أغلبية تخدم شعبها وترجع هيبته، موجهًا نواب الكتلة الصدرية بكتابة استقالاتهم من مجلس النواب استعدادًا لتقديمها إلى رئاسة البرلمان بعد الإيعاز لهم في قابل الأيام.

مجلس النواب يقبل استقالة الصدريين

رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، حاول إثناء الزعيم الشيعي عن الاستقالة، وكتب في تغريدة عبر حسابه الشخصي بموقع تويتر “نزولا عند رغبة السيد مقتدى الصدر، قبلنا على مضض طلبات إخواننا وأخواتنا نواب الكتلة الصدرية بالاستقالة…”، مشددًا على أنه بذل جهدًا “مخلصًا وصادقًا” لثني الصدر عن هذه الخطوة، ولكنه آثر أن يكون مضحيًا وليس سببًا معطلًا من أجل الوطن والشعب، والمضي بهذا القرار.

وبالتوازي مع الاستقالات الصدرية الجماعية، أعلن مرشح التيار لمنصب رئيس الوزراء، جعفر الصدر، انسحابه، وكتب عبر حسابه على تويتر: “كنت قبلت ترشيح السيد الصدر دعمًا لمشروعه الوطنيّ الإصلاحيّ، وقد حان الآن وقت الاعتذار والانسحاب، شكرًا لسماحته ولتحالف إنقاذ الوطن على ثقتهم”.

احتمالات حلحلة الأزمة العراقية

المحلل السياسي العراقي، رائد الحامد، رأى أن الخطوة الصدرية “ستفضي إلى الخروج من أزمة تشكيل الحكومة”، متوقعًا أن تعلن قوى الإطار التنسيقي أنها الكتلة النيابية الأكبر بعد أول جلسة لمجلس النواب ينتخب فيها رئيس للجمهورية، خصوصًا بعد عودة العلاقات بين الحزبين الكرديين، معتبرًا الاستقالة خطوة لتكليف مرشح الإطار التنسيقي لتشكيل حكومة جديدة.

بدوره رأى الباحث والمحلل السياسي العراقي، نظير الكندوري، أن الصدر أصر على موقفه للمرة الأولى وضحى بمكاسبه، متوقعًا أن خطوة الصدر القادمة ستكون تأجيج الشارع وانتزاع السلطة بالقوة، ولكن “الطرف المقابل لن يسكت وسيقوم بالرد”، وأشار إلى احتمال الذهاب لانتخابات مبكرة ولكن أوضح أن هذا يصطدم برغبة الإطار بتغيير قانون الانتخابات ما يعني مزيدًا من التعقيد.

الأجندات الإقليميّة والدوليّة

صرح الأمين العام للتحالف الوطني لعشائر العراق، الشيخ عصام البوهلالة، لشبكة رؤية الإخبارية بأن الأحزاب والقوى السياسية غير قادرة على الخروج من الانسداد السياسي نتيجة تدخل الأجندات الإقليميّة والدوليّة في قراراتها، ورأى أن التيّار الصدري لن يستطيع تطبيق مشروعه لأن حلفاءه لهم أجندة خاصة.

وأضاف أن هذه الأحزاب تعيش حالة من الفوضى في القرارات والرؤية الاستراتيجيّة الواضحة، ورغم بعض التصريحات التي تحاول أن تبث الطمأنينة في الشارع، فإن التناقضات “كبيرة وواضحة” وغير قادرة على إنتاج حكومة أغلبيّة عراقيّة في هذه المرحلة، وإذا ولدت حكومة فهي ولادة عسيرة ستزيد من حالة الفوضى، على حد تعبيره.

هل تتكرر تجربة عادل عبدالمهدي؟

جاءت استقالة نواب الكتلة الصدرية على نحو جماعي لتدخل الدولة العراقية في نفق مظلم قد ينتهي بحل البرلمان الذي لم يحقق آمال العراقيين الذين عولوا عليه للخلاص من أزماتهم السياسية والاقتصادية والأمنية، ولعل أبرز أسباب هذه الاستقالة فشل التيار في تشكيل الحكومة طوال 8 أشهر، أو تحقيق وعوده التي وعدها حاضنته الشعبية.

وتعني الخطوة الصدرية تفكك تحالف “إنقاذ وطن” الذي ضم بجانبهم “تحالف السيادة” السني والحزب الديمقراطي الكردستاني، وقد يسعى حلفاء الصدر أنفسهم لتشكيل حكومة مع بعض قوى الإطار للخروج من هذه الأزمة، ولكن في حال نجح “الإطار” في تشكيل الحكومة، فإن الصدر سيلجأ إلى المظاهرات والاحتجاجات لإسقاطها، ما يعني الدعوة لانتخابات مبكرة كما حدث في وقت سابق مع رئيس الوزراء السابق، عادل عبدالمهدي.

ربما يعجبك أيضا