تسجيل مسرب يضع ألمانيا في مأزق.. ما مدى تورط الغرب في أوكرانيا؟

محادثة مسربة تكشف مناقشات ألمانية لمساعدة كييف في ضرب جسر القرم

آية سيد
المستشار الألماني أولاف شولتس

يمثل تسريب التسجيل إحراجًا شديدًا لبرلين، لأنه لا يُفترض خروج المحادثات السرية بين القادة العسكريين إلى العلن.


تسبب تسجيل صوتي مسرب لضباط ألمان رفيعي المستوى يناقشون الحرب في أوكرانيا في إثارة عاصفة دبلوماسية وتساؤلات بشأن الدور الغربي في الصراع.

وتطرق التسجيل، الذي نُشر في الأول من مارس 2024، إلى إمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ “توروس” الألمانية لتفجير جسر القرم، وأشار إلى وجود قوات بريطانية على الأرض في أوكرانيا.

تسريب التسجيل

حسب ما أوردت صحيفة “موسكو تايمز” الروسية، أمس الاثنين 4 مارس، نشرت رئيسة قناة “روسيا اليوم”، مارجريتا سيمونيان، تسجيلًا صوتيًا مدته 38 دقيقة على تطبيق تليجرام لضباط ألمان يناقشون شن ضربات محتملة على جسر كيرتش الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم.

ووفق سيمونيان، دار ذلك الحوار بين قائد القوات الجوية، إنجو جيرهارتز، و3 ضباط رفيعي المستوى في الجيش الألماني يوم 19 فبراير الماضي. ويحتوي التسجيل على مناقشات بشأن استخدام القوات الأوكرانية المحتمل لصواريخ “توروس” الألمانية وتأثيرها المحتمل.

وتطلب أوكرانيا منذ فترة طويلة تزويدها بصواريخ “توروس” الألمانية، لكن المستشار الألماني، أولاف شولتس، رفض حتى الآن إرسال الصواريخ خشية أن تؤدي إلى تصعيد الصراع مع روسيا.

صواريخ «توروس»

ناقش الضباط كذلك المشكلات اللوجيستية لضرب جسر كيرتش في القرم وقالوا إن الأوكرانيين سيحتاجون إلى المساعدة في التخطيط للمهمة، ما قد يُعتبر تدخلًا ألمانيًا و”خطًا أحمر للحكومة”، حسب ما أفاد تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

يتخفى-ويدمر-المخابئ..-ماذا-نعرف-عن-صاروخ-توروس-الألماني؟-

يتخفى-ويدمر-المخابئ..-ماذا-نعرف-عن-صاروخ-توروس-الألماني؟-

وفي جزء آخر من التسجيل، قال المسؤولون إن صواريخ “توروس” لن تغير مسار الحرب وإن ألمانيا لن ترسل أكثر من 100 صاروخ إلى أوكرانيا. وأضافوا أن الزخم السياسي لإرسال الصواريخ قد يأتي من حقيقة أن صواريخ “ستورم شادو” و”سكالب” بدأت في النفاد من البريطانيين والفرنسيين.

القوات البريطانية في أوكرانيا

حسب بي بي سي، تطرق الضباط الألمان إلى مناقشة تفاصيل العمليات البريطانية على الأرض في أوكرانيا، وألمحوا إلى أن بريطانيا ترسل أفراد لمساعدة الأوكرانيين في استخدام صواريخ “ستورم شادو”. وقال الضباط إن الأوكرانيين قد يحتاجون إلى مساعدة مماثلة وتدريب من القوات الألمانية، بسبب تعقيد منظومة “توروس”.

لكن، وفق تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية، لم تؤكد وزارة الدفاع البريطانية ما إذا كانت القوات البريطانية تساعد أوكرانيا على استخدام صواريخ “ستورم شادو”، رغم وجود إشاعات بأن هذا هو ما يحدث منذ فترة. وإذا كان هذا صحيحًا، فمن المرجح أن تكون الأعداد صغيرة نسبيًا.

صواريخ ستورم شادو بعيدة المدى

صواريخ ستورم شادو بعيدة المدى

وكشفت تسريبات سابقة أن بريطانيا لديها ما يصل إلى 50 من القوات الخاصة في أوكرانيا، وأن قوات المارينز البريطانية دعمت “عمليات سرية” هناك، مثل استعادة السفارة البريطانية في كييف.

إحراج لبرلين

أشارت الجارديان إلى أن تسريب التسجيل يمثل إحراجًا شديدًا لبرلين، لأنه لا يُفترض خروج المحادثات السرية بين القادة العسكريين إلى العلن. وعلى غير العادة، لم تُجرى هذه المحادثة عبر نظام عسكري مؤمن، وإنما عبر منصة “ويبيكس” التجارية. وكان أحد الضباط المشاركين متصلًا من سنغافورة، التي يُعتقد أنها الحلقة الأضعف.

وحسب ما نقلت صحيفة “موسكو تايمز”، قال وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، إن الجيش الألماني يستخدم المنصة لإجراء اجتماعات معينة، بإجراءات أمنية إضافية، لكن ربما استخدم المشاركون إعدادات أمنية خاطئة أو منصة خاطئة لهذه المحادثة عمومًا.

وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس

وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس

وأشار عضو البوندستاج المعارض، رودريك كيسيويتير، إلى احتمالية تمكن مشارك روسي من الوصول إلى المكالمة مباشرةً، رغم أنه ليس من الواضح كيف حدث ذلك. وقال، في تصريح لقناة “زد دي إف” الألمانية: “من المؤكد أنه جرى اعتراض عدد من المحادثات الأخرى، وربما يجري تسريبها في وقت لاحق لصالح روسيا”.

خطورة التسريب

في تصريح لبي بي سي، لفت عضو البرلمان البريطاني، توبياس إليوود، إلى أن التسريب “يثير القلق على عدة مستويات”. وقال إن التسريب كشف عن “توتر بين كبار قادة الجيش الألماني الذين يريدون إرسال توروس والمستشار الألماني الذي يبدو مركزًا على بقائه السياسي أكثر من مصلحة القارة”.

ومن جهة أخرى، يحاول وزير الدفاع الألماني تصوير الاختراق على أنه محاولة روسية لزرع الانقسام. وقال بيستوريوس إن التسريب “جزء من حرب معلومات” تشنها روسيا وتهدف إلى “تقويض وحدتنا”، فيما وصفه شولتس بأنه “خطير جدًا”.

كيف ردت موسكو؟

قال الكرملين، أمس الاثنين، إن محتوى التسجيل أثبت أن الدول الغربية تشارك في الصراع في أوكرانيا. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف: “التسجيل نفسه يشير إلى أن الجيش الألماني يناقش خططًا لضرب الأراضي الروسية.”

وفي السياق ذاته، كتب نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف، على تليجرام أن “ألمانيا تستعد لحرب مع روسيا”.

ربما يعجبك أيضا