ستيفن والت: الولايات المتحدة أشعلت النار في الشرق الأوسط

كاتب أمريكي يحمل الولايات المتحدة مسؤولية إشعال الشرق الأوسط

بسام عباس
متظاهرون إيرانيون يحرقون الأعلام الأمريكية

كشف الرد الإيراني على العدوان الإسرائيلي على قنصليتها في دمشق، من خلال شنّ هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ على إسرائيل، عن مدى سوء إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في التعامل مع الشرق الأوسط.

وأدى سوء الإدارة إلى منح إسرائيل دعمًا غير مشروط لم يمنح قادتها سوى القليل من الحافز للاستجابة للنداءات الأمريكية الداعية إلى ضبط النفس، وليس من المستغرب أن تتجاهل هذه النداءات.

إشعال الشرق الأوسط

حمَّل الكاتب ستيفن والت، في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، 15 إبريل 2024، الولايات المتحدة المسؤولية عن إشعال الشرق الأوسط، ووصوله إلى حاله اليوم، موضحًا أن الدعم الإيراني للمقاومة الفلسطينية، سواء في غزة أو الضفة الغربية، هو دعم مشروع.

وأضاف أن رد إدارة بايدن على هجوم حماس في الـ7 من أكتوبر كان له 3 أهداف رئيسة، أولاً، إبداء دعمها الثابت لـ”إسرائيل” من خلال التشاور مع كبار المسؤولين الإسرائيليين، والدفاع عنها ضدّ اتهامات الإبادة الجماعية، واستخدام حق النقض لصالحها في مجلس الأمن الدولي، وتزويدها بالأسلحة الفتّاكة.

وذكر أن واشنطن حاولت منع تصعيد الصراع في غزة، وأخيرًا، حاولت إقناع إسرائيل بالتصرف بضبط النفس، سواء للحد من الضرر الذي يلحق بالمدنيين الفلسطينيين، أو لتقليل الضرر الذي يلحق بصورة الولايات المتحدة وسمعتها.

دعم غير محدود

قال والت إن الولايات المتحدة هي التي تغرق الشرق الأوسط بالأسلحة منذ عقود، فهي تزوّد إسرائيل بمعدات عسكرية متطورة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات سنويًّا، وتقدم التأكيدات المتكررة بأن الدعم الأمريكي غير مشروط، ولم يتزعزع حتى بعد قيام إسرائيل بقصف المدنيين في غزة وتجويعهم.

وأضاف أنه لم يتأثّر كذلك عندما استقبلت إسرائيل وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بإعلانها أكبر مصادرة للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، منذ عام 1993، ولم تبدِ واشنطن استغرابها عندما قصفت إسرائيل القنصلية الإيرانية، رغم أنها أدانت هجوم الإكوادور الأخير على السفارة المكسيكية في كيتو.

وبدلاً من ذلك، توجه كبار مسؤولي البنتاجون إلى القدس لإظهار دعمهم، كما حرص بايدن على التأكيد أن التزامه تجاه إسرائيل لا يزال صارمًا، فهل من المستغرب أن يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أنّ بإمكانهم تجاهل نصيحة الولايات المتحدة؟

إساءة التصرف

أوضح الكاتب الأمريكي أن الدول التي تتمتّع بسلطة غير مقيّدة تميل إلى إساءة استخدام هذه السلطة، وأن إسرائيل ليست استثناءً، ولأنها أقوى بكثير من الفلسطينيين، وأكثر قدرةً من إيران أيضًا في هذا الصدد، فأساءت التصرف ضدهم من دون عقاب، لافتًا إلى أن الدعم الأمريكي دفع إسرائيل إلى هذا السلوك.

وعقد الكاتب مقارنة بين هذا السلوك الإسرائيلي وبين ما كان سيحدث إذا انتصر العرب في حرب 1967 وتبدلت الأحوال وصار الإسرائيليون مكان الفلسطينيين وانتهى بهم الأمر كلاجئين محصورين في جيب ضيّق، رافضين الاعتراف بالدولة الفلسطينية الجديدة.

وأضاف أن المفارقة هنا هي أنّ الأفراد والمنظمات في الولايات المتحدة الذين كانوا الأكثر حماسًا بشأن حماية إسرائيل من الانتقادات ودفع الإدارات المتعاقبة إلى دعمها، بغض النظر عما تفعله، ألحقوا أضرارًا جسيمة بها أثناء محاولتهم مساعدتها.

بعيدة المنال

قال والت إن إدارة بايدن لو اتبعت النصيحة، لكانت إسرائيل أكثر أمانًا اليوم، ولكان عشرات الآلاف من الفلسطينيين ما زالوا على قيد الحياة، ولكانت إيران أبعد عن امتلاك القنبلة النووية، ولكان من المؤكد تقريبًا، أنّ الشرق الأوسط سيكون أكثر هدوءًا.

وتابع أن الأسباب التي دفعت إيران إلى تهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية لم تكن لتوجد إذا كانت هذه الأراضي جزءًا من دولة فلسطينية قابلة للحياة، ولن يكون هناك من الأسباب ما يدفع قادة إيران إلى التفكير في ما إذا كانت بلادهم قد تصبح أكثر أمانًا إذا امتلكت رادعها النووي.

واختتم مقاله بالقول إن تلك الاحتمالات المفعمة بالأمل ستظل بعيدة المنال، ومن المرجح أن تتكرر الأخطاء التي تسببت في هذا الوضع الحالي في الشرق الأوسط، ما لم يحدث تحول أكثر جوهريةً في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط.

ربما يعجبك أيضا