كيف تتعامل الولايات المتحدة مع الصراعات المتعددة؟

5 قواعد أساسية كي تتعامل أمريكا مع «الجبهات المضطربة»

آية سيد
كيف تتعامل الولايات المتحدة مع الصراعات المتعددة؟

تواجه الولايات المتحدة اختبارات متزامنة في أوكرانيا، والشرق الأوسط، وتايوان، الذين يمثلون جزءًا من "جبهة مضطربة".


في ظل التهديدات المتزامنة التي تواجهها الولايات المتحدة في عدة جبهات، تزداد الحاجة إلى صياغة استراتيجية مناسبة للتعامل معها.

وفي تحليل بمجلة فورين بوليسي الأمريكية، طرح أستاذ السياسة بالجامعة الكاثوليكية الأمريكية، جايكوب جريجيل، ومساعد وزير الخارجية السابق لشؤون أوروبا وأوراسيا، آرون ويس ميتشيل، 5 قواعد أساسية كي تتعامل أمريكا مع ما وصفوه بـ”الجبهات المضطربة”.

تهديدات متزامنة                                

أشار الكاتبان، في التحليل المنشور أمس الأول الاثنين 12 فبراير 2024، إلى كتابهما المنشور في 2017، الذي حذرا فيه أن الولايات المتحدة تواجه اختبارات متزامنة من روسيا والصين وإيران. وقالا إن هذه الاختبارات تحدث في المحيط الخارجي للقوة الأمريكية، ما وصفاه بـ”الجبهة المضطربة”.

تحالف روسيا والصين.. تهديد جديد للقوة العسكرية الأمريكية

فلاديمير بوتين وشي جين بينج

واليوم، أصبحت هذه الجبهة مشتعلة. ففي الجبهة الأوروبية، تدخل أكبر حرب منذ 1945 عامها الثالث. وفي جبهة الشرق الأوسط، تستخدم إيران شبكة وكلائها لشن حرب غير معلنة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل. وفي جبهة آسيا-الباسيفيك، تحشد الصين المعدات العسكرية لعبور مضيق تايوان.

وهذه التحركات تشير إلى أن خصوم الولايات المتحدة لا يتحققون فقط من صلابة الجبهة المتاخمة لهم، بل يتوقعون أيضًا فرصة هائلة لزعزعة النظام الأوسع الذي ضمن الأمن والرخاء الغربي لعقود.

5 قواعد

على مر التاريخ، كانت قدرة القوة العظمى والنظام السياسي الذي تجسده تتشكل بالأحداث على الجبهة أكثر من الأحداث في المناطق الآمنة نسبيًا في الداخل. ولفت الكاتبان إلى أن القوى العظمى في الماضي اتجهت لاتباع 5 قواعد أساسية للتعامل مع الجبهة المضطربة.

القاعدة الأولى هي أن الجبهة مكان عنيف حيث تكون الحرب ممكنة دائمًا. وهكذا، فإن الجبهة منطقة للتنافس بين الخصوم. والاستراتيجية الواقعية لإدارة العنف على طول الجبهة تبدأ بإدراك حقيقة أن الحفاظ على الوضع الراهن يتطلب يقظة دائمة في هذه المناطق البعيدة.

وحسب الكاتبين، لن تمنع أي مؤسسات دولية أو مجموعة من القواعد خصوم الولايات المتحدة من السعي لتوسيع سيطرتهم على المناطق المهمة في أوراسيا، حيث تمتلك واشنطن شركاء اقتصاديين وسياسيين حيويين.

الرادع الأفضل

القاعدة الثانية هي أن دول الجبهة المسلحة والمحفزة جيدًا هي أفضل رادع على الجبهة. ووفق الكاتبين، ما يحفز سكان الجبهة والقوة العظمى البعيدة هي الرغبة المشتركة في عدم سقوط الجبهة في يد الخصم.

والتحفيز الأكبر يجعل دول الجبهة المصدر الأكثر فاعلية للمقاومة ضد التهديدات، لأنها أول المستجيبين، وعزمها يشكل الأساس لجبهة مستقرة. وتشكل الدول على الجبهة مصدرًا للمقاومة المحفزة والفاعلة والمشروعة لأعدائها. ومن دون تلك المقاومة، ستضطر القوة العظمى الراعية للمغامرة بالمزيد من الأرواح والموارد.

استراتيجية دفاع

أشار الكاتبان إلى أن القاعدة الثالثة هي أن الدفاع الوقائي هو الاستراتيجية المفضلة. ويقوم الدفاع الوقائي على حماية الجبهة عبر وضع قوات كافية لصد هجوم مبدئي وتنفيذ هجمات مضادة محلية.

وتتمثل قيمة حلفاء الجبهة في أنهم يخلقون إمكانية للضرب خارج حدود الجبهة، في أراضي الدولة المفترسة نفسها. وحسب الكاتبين، يصبح الردع أقوى بكثير عندما يمتلك المدافع القدرة على ضرب معسكرات المهاجم. ولذلك، فإن منح الأسلحة، حتى القوية منها، لدول الجبهة استثمار جيد.

ترابط الجبهات

القاعدة الرابعة التي طرحها الكاتبان هي أن السُمعة التي تكتسبها القوة العظمى أو تخسرها في جبهة ما مهمة للجبهات الأخرى. وتراقب الدول المفترسة كيف تتعامل القوة العظمى مع الجبهات الأخرى، خاصة البعيدة، لقياس مستوى قوتها وكفاءة قيادتها.

مرصد مراكز الأبحاث

الرئيس الإيراني والرئيس الروسي

ولذلك، من المفيد وقف العدوان على الجبهة في وقت مبكر متى وأينما يحدث أولًا، لأن كيفية التعامل مع النيران الأولية سيكون لها تأثير كبير في ما إذا كانت ستنتشر إلى أزمة أوسع في النظام أم لا.

وحذر الكاتبان من خطورة تجاهل الأزمات الأولى من أجل الاستعداد للأزمات اللاحقة، لافتين إلى أن الاستراتيجية الأفضل هي ترتيب الجبهات بنحو حاسم.

الخسارة مكلفة

القاعدة الخامسة والأخيرة هي أنه إذا تعرضت الجبهة للاختراق أو التخلي، ستكون استعادة استقرارها مكلفة، لأن الدفاع أرخص من الهجوم، وكذلك الحال بالنسبة للحفاظ على الجبهة مقابل استعادة الوضع السابق. وعندما تُطرد القوة العظمى، أو تغادر، منطقة خط المواجهة، تصبح العودة صعبة للغاية لأسباب عسكرية وسياسية.

ونوّه الكاتبان إلى أنه إذا تخلت الولايات المتحدة عن أوكرانيا أو إسرائيل أو تايوان اليوم، ووقعت هذه المناطق في مجال نفوذ الخصم، فمن المستبعد تغيير الوضع دون تكبد تكلفة في الأرواح والموارد أكبر بكثير مما كانت ستتكبده واشنطن إذا ساعدتهم في الدفاع عن أنفسهم في المقاوم الأول.

ربما يعجبك أيضا