ما تداعيات مقتل بريجوجين على سلطة بوتين؟

آية سيد
ما تداعيات مقتل بريجوجين على سلطة بوتين؟

قد يساعد مقتل بريجوجين في تعزيز سلطة بوتين لكنه قد يعزز أيضًا أسطورة أن قائد فاجنر كان وطنيًّا يقول الحقيقة.


تحطمت طائرة قائد مجموعة فاجنر العسكرية الروسية، يفجيني بريجوجين، بالقرب من موسكو، مساء أمس الأربعاء 23 أغسطس 2023، لسبب مجهول.

وأسفرت الحادثة عن مقتل جميع الركاب الـ10 الذين كانوا على متن الطائرة، ومن ضمنهم بريجوجين والقيادي البارز في فاجنر، ديمتري أوتكين، وفق ما أوردت هيئة الطيران الروسية ووسائل إعلام روسية.

تكهنات بشأن الحادثة

يظل سبب تحطم الطائرة مجهولًا حتى الآن، لكن شهود عيان أفادوا بسماع انفجارات قبل سقوطها، ما أثار الكهنات بأن الدفاعات الجوية الروسية ربما أسقطتها. وحسب تقرير لمجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية، أمس الأربعاء، من الاحتمالات أن سقوط الطائرة كان حادثة، رغم قلة المعلقين على الإنترنت الذين يعتقدون ذلك.

ما تداعيات مقتل بريجوجين على سلطة بوتين؟

حطام طائرة يفجيني بريجوجين

وأشارت المجلة إلى أن أوكرانيا نفذت 15 هجومًا بالمسيّرات على موسكو والمنطقة المحيطة منذ 3 مايو الماضي، منها ضربات لمدة 7 ليالٍ متتالية حتى 23 أغسطس. ولذلك ربما تسرعت الدفاعات الجوية المحلية.

اقرأ أيضًا| يفجيني بريجوجين.. مشوار زعيم فاجنر

إلا أن من المستبعد أن يخلط مشغلو الرادار الروس بين الطائرة والمسيّرة، لأن المسيّرات أبطأ وأصغر وتحلق على ارتفاع أقل.

غضب من بريجوجين

قال مصدر رفيع في الاستخبارات الأوكرانية إن العديد من الشخصيات البارزة في روسيا كانت غاضبة من بريجوجين، لدرجة أنها أرادت موته، ومن ضمن هذه الشخصيات وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، الذي كان هدفًا لانتقادات بريجوجين اللاذعة على مدار الصيف.

وبعد انتهاء التمرد القصير الذي قاده بريجوجين في يونيو الماضي، توقع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، ويليام بيرنز، أن ينتقم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من بريجوجين، لأن بوتين “يعتقد أن الانتقام طبق يُقدم باردًا”.

وفي حوار في يونيو الماضي، قال مدير الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، كيريلو بودانوف، إنه جرى تكليف جهاز الأمن الفيدرالي الروسي باغتيال المتمرد. ووفق “ذي إيكونوميست”، لا يمكن تنفيذ عملية من هذا النوع من دون موافقة بوتين نفسه.

توقيت الحادثة

ما تداعيات مقتل بريجوجين على سلطة بوتين؟

خريطة توضح موقع تحطم طائرة بريجوجين

أشارت المجلة البريطانية إلى أن حادثة مقتل بريجوجين وقعت في يوم شهد انتقامًا أوسع. ففي وقت مبكر من يوم أمس الأربعاء، جرى إعفاء قائد القوات الجوية والفضائية الروسية، الجنرال سيرجي سوروفيكين، الذي عمل قائدًا للقوات الروسية في أوكرانيا حتى يناير الماضي، من منصبه.

وكان الجنرال سوروفيكين مقربًا من بريجوجين، وثارت الشكوك بشأن مساعدته للتمرد أو علمه المسبق به. وتواترت أنباء عن خضوع الجنرال الروسي للإقامة الجبرية.

التداعيات على أوكرانيا

حسب “ذي إيكونوميست”، لن يكون لموت بريجوجين تأثير يُذكر في مجريات الحرب في أوكرانيا. وفي هذا الشأن، قال الملحق الدفاعي البريطاني السابق بموسكو، جون فورمان، إن رئيس هيئة الأركان العامة الروسية، الجنرال فاليري جيراسيموف، الذي هاجمه بريجوجين بانتظام، “جلب بعض النظام إلى الفوضى العسكرية التي حدثت العام الماضي”.

وبعد أن قادت قوات فاجنر معركة الاستيلاء على باخموت الأوكرانية في مايو الماضي، جرت تنحيتها جانبًا. وقال فورمان إن “قوات الصدمة التابعة لفاجنر لم تعد بنفس الأهمية بمجرد شروع أوكرانيا في هجومها المضاد، وكذلك أصبح الجنود المشتبه بهم سياسيًّا غير مرحب بهم في الصفوف الأمامية”.

التداعيات على إفريقيا

في ما يتعلق بتأثير مقتل بريجوجين في الدول الإفريقية، حيث احتفظت فاجنر بنشاطها، لفتت “ذي إيكونوميست” إلى أنه يظل غير واضح. ويُزعم أن بريجوجين كان في إفريقيا، لمنع مديرية المخابرات الرئيسة للقوات المسلحة الروسية من طرد قواته من القارة.

اقرأ أيضًا| فرص وتحديات.. لماذا لن تغادر فاجنر إفريقيا؟

لكن فاجنر ليست شركة المرتزقة الوحيدة التي تعمل في إفريقيا، والقادة الأفارقة الذين يحتاجون إلى القوة لن يهتموا بما إذا كانت القوات الروسية تعمل تحت إمرة بريجوجين أو أي موظف آخر في الكرملين.

التداعيات على روسيا

ما تداعيات مقتل بريجوجين على سلطة بوتين؟

قائد فاجنر، يفجيني بريجوجين، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين

رأت المجلة البريطانية أن التداعيات الأكبر ستكون على الداخل الروسي. وإذا كان بريجوجين قُتل بأوامر من بوتين، فسيعزز هذا صورة الرئيس كرجل قوي منتقم مستعد للاستغناء عن الإجراءات والقانون. وعلى مدار السنوات، عانى أعداء بوتين سلسلة من أساليب الهجوم والاغتيال الغريبة، التي تهدف إلى ترويع منافسيه المحتملين.

إلا أن هذه الأساليب قوضت فكرة أن روسيا دولة عادية، وفضحت نظام بوتين كمشروع “أشبه بالمافيا تحركه الأهواء الشخصية والخلافات الدموية”، حسب المجلة. وكان وجود فاجنر في حد ذاته، وهي جيش خاص يحظره القانون الجنائي الروسي رسميًّا، علامة على عدم ثقة بوتين بمؤسسات الدولة، واعتماده على العلاقات غير الرسمية.

تأثير مزدوج

قد يساعد مقتل بريجوجين في تعزيز سلطة بوتين، لكنه قد يعزز أيضًا أسطورة أن قائد فاجنر كان وطنيًّا يقول الحقيقة، ويزعزع استقرار الجمهور المؤيد للحرب عن طريق إبعاد أتباعه وأنصاره، حسب “ذي إيكونوميست”.

وفي هذا السياق، حذرت قناة “جراي زون”، المرتبطة بفاجنر، على موقع تليجرام قائلة: “سيكون للاغتيال عواقب كارثية”، مضيفةً أن “الأشخاص الذين أصدروا هذا الأمر لا يفهمون الحالة المزاجية والمعنوية في الجيش على الإطلاق”.

ربما يعجبك أيضا