محلل أمريكي: بايدن يتحمل مسؤولية مصير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

بايدن ربط الولايات المتحدة بالصراع بين إسرائيل وحماس ومستقبل غزة بعد الحرب

آية سيد
محلل أمريكي: بايدن يتحمل مسؤولية مصير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

إذا انسحب بايدن أو اتبع سياسة أدائية، ستضعف مصداقيته الشخصية، ومصداقية أمريكا، في المنطقة والعالم.


رأى الزميل بمؤسسة كارنيجي للسلام، آرون ديفيد ميلر، أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يتحمل مسؤولية مباشرة عن مصير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وفي تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أمس الثلاثاء 14 نوفمبر 2023، قال ميلر إن بايدن ربط الولايات المتحدة بالصراع بين إسرائيل وحماس ومستقبل غزة بعد الحرب عندما دعم إسرائيل وصرّح أنه لا عودة للوضع الراهن ما قبل 7 أكتوبر.

صدمة إسرائيلية

أشار محلل شؤون الشرق الأوسط السابق بوزارة الخارجية الأمريكية إلى أن بايدن سيواجه مجتمعين مصدومين بشدة، كل واحد منهما سيدخل في فترة من المحاسبة السياسية المطولة.

وقال ميلر إن إسرائيل واجهت أحد أسوأ الهجمات التي تعرضت لها في تاريخها، وتكبدت أكبر فشل استخباراتي منذ حرب 1973، كما أن أخذ أكثر من 200 أسير صدم الإسرائيليين، وزاد مخاوفهم من الصواريخ والمجازر عبر الحدود، ليس فقط من غزة، بل أيضًا على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية وفي الضفة الغربية.

محلل أمريكي: بايدن يتحمل مسؤولية مصير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

هجوم حماس على إسرائيل، المعروف بـ”عملية طوفان الأقصى”

وكذلك تسببت أحداث 7 أكتوبر في تقويض جوهر العقد بين الحاكم والمحكوم، وهو التزام الحكومة بضمان سلامة وأمن مواطنيها. ورجح ميلر أن تُستبدل حكومة الطوارئ التي شكلها بنيامين نتنياهو بعد الهجوم، وأن الإسرائيليين لن يرغبوا في تقديم تنازلات من أجل إقامة دولة فلسطينية قريبة من حدودهم.

غضب فلسطيني

بالنسبة للفلسطينيين، ستكون المحاسبة أكثر صعوبة. فالموت والدمار الذي تُلحقه إسرائيل بغزة سيترك الفلسطينيين في غزة غاضبين، وفقراء، وبلا قيادة، وفق ميلر.

وإذا نجت حماس وتمكنت من التمرد على قوة إسرائيلية محتلة، أو قوة متعددة الجنسيات، في غزة، ستظل الحركة الوطنية الفلسطينية منقسمة، بين حماس أو من يخلفها في غزة والسلطة الفلسطينية بقيادة فتح في الضفة الغربية، في ظل وجود رؤيتين مختلفتين بشأن أين وماذا ينبغي أن تكون فلسطين.

والسلطة الفلسطينية، بقيادة محمود عباس، ستُشوَّه أكثر بسبب عجزها عن فعل أي شيء سوى مشاهدة الفلسطينيين يُقتلون بالآلاف في غزة، أو حماية الفلسطينيين في الضفة الغربية من هجمات الجنود والمستوطنين الإسرائيليين. وستواصل الجماعات المسلحة من الشباب الفلسطينيين الكفاح ضد الاحتلال وسط استمرار الزحف الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.

قادة جدد

لفت ميلر إلى أن محمود عباس، الذي أجّل الانتخابات في 2021، سيصبح تحت ضغط شديد لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية. لكن تظل ثمة تساؤلات بشأن إمكانية إجراء انتخابات في غزة وإذا كانت حماس ستربح الأغلبية مجددًا.

ووفق المحلل الأمريكي، توجد حاجة إلى قيادة جديدة وإصلاح للممارسات الفاسدة والاستبدادية للسلطة الفلسطينية كي تحل محل عباس والمؤسسة التابعة لحركة فتح. وينتشر الحديث عن أن القيادي الفلسطيني، مروان البرغوثي، الذي يقضي حاليًا 5 أحكام بالسجن مدى الحياة في سجن إسرائيلي، يمكن أن يؤدي هذا الدور.

وإذا كانت إدارة بايدن تأمل في دفع عملية موثوقة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ستحتاج إلى قادة على كلا الجانبين لديهم القدرة على، والرغبة في، اتخاذ قرارات صعبة وتاريخية. لكن من الصعب تصور ظهور هذا النوع من القادة في أعقاب هذه الأزمة.

مهمة شاقة

إن أي جهد بعد الحرب سيحتاج إلى منح الأولوية لإعادة بناء قطاع غزة، ودعم السكان النازحين، وإعادة التأهيل النفسي للسكان، خاصة الأطفال، ما تُعد مهمة شاقة.

مرصد مراكز الأبحاث| قمة «أبيك».. والدعم الغربي لإسرائيل.. ونهاية حكم نتنياهو

العدوان الإسرائيلي على غزة

وحسب ميلر، ليس من الواضح بعد من سيتولى مسؤولية هذا الجهد. لكنه سيحدث في بيئة ما بعد الصراع، مع احتمالية أن تظل القوات الإسرائيلية في غزة حتى يجري التوصل إلى آلية انتقالية لضمان الأمن والنظام. ووجود إسرائيل في غزة سيزيد من تعقيد الموقف، وقد يعرقل جهود إعادة الإعمار.

من يحكم غزة؟

رأى المحلل الأمريكي أن أكثر حل منطقي وعملي هو حكومة فلسطينية تستمد شرعيتها من الانتخابات. ومثلما اتضح من اجتماع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلنيكن، مع عباس، تعتبر إدارة بايدن السلطة الفلسطينية عنصرًا أساسيًا في حكم غزة المستقبلي.

لكن شرعية عباس وزملاءه في فتح ضئيلة في الضفة الغربية، وغير موجودة في غزة، ولا يمكن توقع الترحيب بهم في غزة بعد 16 عامًا من الغياب. ولذلك، قال ميلر إن تمكين السلطة الفلسطينية سيتطلب ربط إعادة الإعمار والحكم في غزة بعملية جادة وموثوقة لمعالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وهذا يعني، إضافة إلى إجراء الانتخابات، ربط شرعية السلطة الفلسطينية بجهد حقيقي للتفاوض على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، على أساس حل الدولتين. لكن هذه الخطوة تبدو مستبعدة في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية.

مسؤولية مباشرة

أشار ميلر إلى أن بايدن يشارك الآن مسؤولية مباشرة عن مصير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بعدما أعلن دعمه لحرب إسرائيل في غزة وألزم نفسه علنًا بالتغيير الجوهري في الوضع الراهن. لكن هذه المهمة محفوفة بالمخاطر.

وإذا انسحب بايدن أو اتبع سياسة أدائية، ستضعف مصداقيته الشخصية، ومصداقية أمريكا، في المنطقة والعالم. وسيكلفه ذلك سياسيًا أيضًا، خاصة في ولاية مثل ميشيجان، المزدحمة بالأمريكيين العرب والتقدميين والديمقراطيين الشباب.

وفي الختام، قال المحلل الأمريكي إن الجميع قد يتذكرون بايدن بصفته الرئيس الأمريكي الذي ترأس المرحلة الأكثر دموية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وربما نهاية المسار الوحيد الذي يحمل أمل إنهاء الصراع، وهو حل الدولتين.

ربما يعجبك أيضا