هل يدرج الرئيس الأمريكي ملف حقوق الإنسان ضمن عمل الاستخبارات؟

آية سيد
لماذا يجب أن تصبح حقوق الإنسان أولوية لمجتمع الاستخبارات؟

يتعين على الرئيس الأمريكي ومستشاره للأمن القومي جعل حقوق الإنسان أولوية استخباراتية.


نشرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية تحليلًا تدعو فيه إلى إدراج ملف حقوق الإنسان ضمن عمل مجتمع الاستخبارات في الولايات المتحدة.

وفي التحليل، المنشور يوم الأربعاء 31 مايو 2023، قالت مديرة منظمة هيومان رايتس ووتش بواشنطن، سارة ياجر، إنه يتعين على الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الاستثمار في تدريب مجتمع الاستخبارات على فهم أهمية حقوق الإنسان في صنع السياسات.

أوكرانيا «حالة استثنائية»

لفتت ياجر إلى أن مجتمع الاستخبارات الأمريكي يبذل جهدًا لتوثيق الأعمال الوحشية الروسية في الحرب في أوكرانيا، أكثر مما فعله لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في أي صراع في التاريخ.

وأوضحت إدارة بايدن أن عناصرها الاستخباراتية يراقبون كل خطوة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. وكذلك أنشأت وزارة الخارجية “مرصد صراع” جديد لأوكرانيا، الذي يجمع قدرًا كبيرًا من الأدلة مفتوحة المصدر على سوء السلوك الروسي.

لكن، وفق ياجر، تُعد أوكرانيا استثناءً، لأن محللي الاستخبارات يقولون إن وظيفتهم ليست جمع المعلومات عن انتهاكات حقوق الإنسان بأنحاء العالم، إنما مساعدة رؤسائهم في فهم التهديدات والفرص في السياسة الخارجية.

اقرأ أيضًا| «أسوشيتد برس»: العنف الروسي في أوكرانيا كان «استراتيجيًّا وممنهجًا»

الصورة الكاملة

يعتمد المسؤولون الأمريكيون على المواد السرية من محللي الاستخبارات، لأن تلك المواد تُعد دقيقة وموضوعية، وفق ياجر، التي حذرت من أنه إذا لم تكتمل المعلومات مفتوحة المصدر بالتحليلات السرية الروتينية بشأن حقوق الإنسان من مجتمع الاستخبارات، قد تصبح صورة صناع السياسة عن العالم مشوّهة أو مليئة بالثغرات.

وشددت ياجر على أن جمع المعلومات عن ملف حقوق الانسان وتحليلها ينبغي أن يصبح جزءًا أساسيًا من وظيفة أي ضابط استخبارات.

إهمال أمريكي

تسبب إهمال الحكومة الأمريكية لقضية حقوق الإنسان في السنوات الأخيرة في غياب التأكيد على أهميتها في جمع الاستخبارات. وقالت ياجر إن الرئيس السابق، دونالد ترامب، قوّض حقوق الإنسان عمدًا في سياسته الخارجية.

ولا يزال إرث ترامب واضحًا في عملية صنع السياسة، اليوم، في ظل نقص الموظفين وغياب المعرفة المؤسسية في الوكالات التي تتعامل مع حقوق الإنسان. وجاء بايدن إلى السلطة متعهدًا بإعادة حقوق الإنسان إلى قلب السياسة الخارجية الأمريكية، لكنه لم يستثمر بما يكفي لإصلاح الضرر، الذي سببته سنوات ترامب.

ولفتت ياجر إلى أن تكليف مجتمع الاستخبارات بجمع المعلومات عن حقوق الإنسان دوريًّا لن يصلح البيروقراطية المعيبة أو غياب الإرادة السياسية لمنح حقوق الإنسان المزيد من الأولوية السياسية، لكنه يقدم لصناع السياسة صورة أوضح عن الدول وشعوبها، وكيف يمكن أن تتعامل معهم الولايات المتحدة.

اقرأ أيضًا| دول تطلب جلسة عاجلة بمجلس حقوق الإنسان بشأن السودان

غياب التوجيه

يضم مجتمع الاستخبارات الأمريكي 18 وكالة مختلفة، وجميعها مسؤولة عن جمع المعلومات، بناءً على الأولويات القصوى للرئيس، ومستشار الأمن القومي، ومدير الاستخبارات الوطنية، وباقي الحكومة. وفي الوقت الحالي، تصل الاعتبارات المتعلقة بحقوق الإنسان إلى كتب الإحاطة الموجهة لصناع السياسة بطريقة ارتجالية.

وأوضحت ياجر أنه يمكن لكبار المسؤولين طلب معلومات استخباراتية متعلقة بحقوق الإنسان، مثلًا عن احتجاجات أصبحت عنيفة أو سكان يهربون من صراع. لكن التحقيق الاستباقي يتطلب فهمًا لدور حقوق الإنسان في الأحجية السياسية. ويتطلب كذلك قدرًا من المعرفة، لأنه من المستبعد أن يطلب المسؤولون معلومات عن قضايا متعلقة بأحداث أو مواقف لا يعلمون عنها شيئًا.

حدود وسائل التواصل الاجتماعي

تُعد المراسلات الدبلوماسية طريقة أخرى لوصول قضايا حقوق الإنسان إلى المناقشات السياسية، لأنها تفتح نافذة لصناع القرار على ما يحدث في الدول الأخرى. لكن لأن المسؤولين المتواجدين في العواصم هم من يكتبونها، كثيرًا ما يفوتون تطورات مهمة في مناطق أخرى بتلك البلاد.

ويجادل من يعارضون تكليف مجتمع الاستخبارات بجمع المعلومات عن حقوق الإنسان بأن وفرة المعلومات مفتوحة المصدر تمنح صناع السياسة موادًا كافية لاتخاذ قرارات مدروسة. لكن ياجر رأت أنه من الحماقة الاعتقاد بأن مسؤولي البنتاجون سيمضون ساعات في تمشيط الإنترنت، بحثًا عن الفيديوهات التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان، خاصة إذا لم يكونوا على علم بحدوثها.

أشارت ياجر إلى أن صناع السياسة يحتاجون إلى الوصول للمعلومات السرية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان. وذكرت عدة أمثلة على نجاح جهود المسؤولين الأمريكيين، عندما دعموا جمع المعلومات الاستخباراتية عن حقوق الإنسان.

اقرأ أيضًا| إدارة بايدن تركز على حقوق الإنسان في سياسة جديدة لمبيعات الأسلحة

توصيات للمستقبل

أوصت الناشطة الحقوقية بأن تدرج إدارة بايدن توجيهًا بجمع المعلومات الاستخباراتية عن حقوق الإنسان في وثيقة أولويات الاستخبارات الوطنية المقبلة. وأوضحت أن فعل هذا يسمح لمدير الاستخبارات الوطنية بإنشاء البنية التحتية الضرورية لتدريب الموظفين، وتوجيههم لجمع المعلومات الاستخباراتية عن حقوق الإنسان.

ويحتاج المحللون أيضًا إلى التدريب الروتيني على كيفية رصد انتهاكات حقوق الإنسان وتسليط الضوء عليها. ويجب على صناع السياسة استخدام هذه المعلومات الاستخباراتية لاتخاذ قرارات أفضل، وفق ياجر.

ربما يعجبك أيضا