جدل في مصر بسبب “أكشاك الفتوى”

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

أعلن أحمد عبدالهادي، المتحدث الرسمي للشركة المصرية لمترو الأنفاق، عن بدء لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية عملها داخل محطات مترو الأنفاق، كتجربة أولية، من خلال استقبال الجمهور داخل محطة “الشهداء” للاستماع إلى أسئلتهم والإجابة عنها، ضمن البروتوكول الذي تم توقيعه بين المجمع والشركة، موضحاً أن اللجنة ستعمل فترتين يومياً، الأولى من الساعة ٩ صباحا حتى ٢ ظهراً، والثانية من ٢ إلى ٨ مساءً.

تأتي هذه التجربة تلبية لاحتياجات المواطنين للمعرفة، والإجابة عن أسئلتهم المتنوعة والمرتبطة بواقع حياتهم، ومواجهة الفتاوى المُضلِّلة، التي تحاول بعض التيارات المتطرفة ترويجها بأشكال ووسائل مختلفة، ويعمل مجمع البحوث على بيان معالم التيسير في الإسلام ومراعاته واقع الناس ورفع الحرج عنهم.

من جانبه، قال الدكتور محيي الدين عفيفي، أمين عام المجمع، إن بروتوكول التعاون الموقَّع بين المجمع وشركة المترو يهدف إلى تقديم برامج دعوية من خلال إذاعة المترو بشكل يومي، بحيث يستمع الركاب أثناء وجودهم في المحطات والقطارات للبرامج التي يلقيها وعاظ الأزهر.

وأضاف أن الخطوة تأتي استكمالا لخطة المجمع للوصول إلى الناس في أماكن وجودهم المختلفة من خلال طرح المفاهيم الصحيحة للإسلام والتركيز على التربية الدينية والجانب الأخلاقي في حياة الناس، خاصة أن المجمع استقبل عبر موقعه الإلكتروني نحو ١٣ ألف طلب فتوى خلال النصف الأول من العام الجاري، تمت الإجابة عنها من خلال اللجنة الرئيسية للفتوى بمنهجية الأزهر، موضحًا أن الأحوال الشخصية تصدرت الأسئلة، تلتها المعاملات، ثم العبادات، التي زادت الأسئلة فيها خلال شهر رمضان.

جدل بمواقع التواصل

بمجرد طرح الفكرة والإعلان عنها، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” و”تويتر” حالة من الجدل بين مؤيد ومعارض، إذ رأى بعض النشطاء أن خدمة “مترو الأنفاق” بحاجة إلى تجديد مثلها مثل باقي مرافق الدولة والأمر ليس بحاجة إليها، فيما رحب آخرون بالفكرة ولكنهم طالبوا بوجود علماء أزهريين مستنيرين لتوجيه الناس إلى الصواب.

الأمر لم يقتصر على الجدل في مواقع التواصل بل تطرق البعض إلى أن الفكرة تهدد مبدأ المواطنة في مصر وتنمي سياسة التفرقة العنصرية، مطالبين الكنيسة بإنشاء أكشاك مماثله إسوة بالمسلمين.

من جانبها، قالت الكاتبة الصحفية فاطمة ناعوت في تدوينه لها على حسابها الخاص بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، “إن “أكشاك الفتوى في محطات مترو الأنفاق دفع ثمنها المسيحي والمسلم من ضرائب المصريين الكادحين الذين لم يعودوا قادرين على الحياة وإقامة الأوَد”.
وتابعت: “فهل وافق الدافعون أموالهم على مشتريات طائفية عنصرية من كدّهم ونزف جيوبهم وقوت أولادهم؟”.

وأضافت ناعوت: “مترو الأنفاق، الذي يملكه الشعبُ بكل طوائفه، يتم اختراقه واحتلاله بتعدٍّ سافر على الدستور الذي يساوي بين حقوق المواطنين، أكشاك ليس لها إلا هدف واحد هو توسيع الفجوة بين المسلم والمسيحي وتعميق شعور المسيحي بالغربة في وطنه وطنه وطنه مصر”.

البحوث الإسلامية: أكشاك الفتوى لمواجهة التشدد

قال الدكتور محيي الدين عفيفي، إن إنشاء أكشاك للجنة الفتوى في مترو الأنفاق يستهدف حماية المواطنين من المتشددين والتكفيريين الذين يستحلون دماء الغير من خلال الفتاوى، لافتا إلى أن هذه الأكشاك ستكون في عدد من محطات المترو، إلى جانب إنشاء مقرات للفتوى في كل محافظات الجمهورية.

وأكد عفيفي، أن فكرة إنشاء تلك الأكشاك يمثل جزءًا من مواجهة الإرهاب من خلال علماء الأزهر المؤهلين، ويحميهم من المتطرفين، فأنتم دائما ما تنادون الأزهر بالتحرك لمواجهة التطرف، والآن نعمل من خلال جهود متواصلة تصب في إطار مجهود الدولة لقطع الطريق على غير المؤهلين للفتوى وحماية الإنسان من أي فكر متشدد.

وحول حديث البعض بشأن الأمر وقولهم إنه كان الأفضل للأزهر أن يراجع الأفكار والمناهج التعليمية الدينية، قال أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، إن الأزهر لديه استراتيجية تسير في خطوط متوازية، لمراجعة المناهج واستحداث قضايا جديدة، فالمشيخة حريصة على الاحتكاك بالمواطنين وتطوير أفكارهم.

“أكشاك الفتوى” أم “مشايخ الفضائيات”

استطلعت صحيفة “الوطن” المصرية، آراء عدد من المواطنين، داخل محطات المترو، عن رؤيتهم لأكشاك الفتوى، حيث سألت مجموعة من المواطنين عن أيهما يفضلون مشايخ الفضائيات أم لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية في الكشك.

أوضح عاطف سامي أحد المواطنين، أنه لو أراد أن يسأل عن أمرًا فقهيًا سيذهب لكشك الفتوى الموجود في محطة الشهداء، معللا ذلك بأن القنوات التليفزيونية تستغل حاجة المواطنين للسؤال وتتركهم فتراتً طويلة على الهاتف، وذلك من أجل تحقيق الاستفادة المادية.

وأضاف “سامي”: “صحيح أننا نحب العديد من المشايخ الذين يظهرون عبر شاشات التليفزيون، لكن في بعض الأحيان نريد الاستفسار عن أشياء كثيرة في وقت أطول، إللا أن المذيع أو المذيعة لا يترك لنا الفرصة من أجل مزيد من الاتصالات”.

فيما قالت محسنة محمود، سيدة تبلغ من العمر 52 عامًا: إنها تتابع أحد الشيوخ منذ فترة طويلة، بل وتنتقل معه كلما انتقل من مكان لآخر، وتشعر براحة لجميع فتواه وإجاباته على أسئلتها فيما يخص المسائل الفقهية “مش ممكن أسيبه بعد ما دلنا على الخير”.

وبررت “محسنة” عدم قبولها لفكرة “أكشاك الفتوى” بقولها: “مش عارفة إذا كان الموجود في الكشك مؤهل للفتوى ولا لأ، وعلشان كدا هروح للشخص اللي بثق فيه من زمان”.
وقال ماجد عبده، مواطن يبلغ من العمر 23 عامًا: “لم أسمع عن الأكشاك، لكن لو احتجت شيئا، سأبحث عنه من خلال الإنترنت أو الكتب”.

أما خالد عبدالحق شاب يبلغ من العمر 32 عامًا، فكان له رأي آخر، أوضح فيه أنه لجأ لدار الإفتاء سابقا للحصول على فتوى شرعية فيما يخص أحد المسائل الفقهية وتحديدا أزمة طلاقه من زوجته، لكنه وجد حالة من اللامبالاة -حسب وصفه- بين الشيوخ القائمين على سماع شكوى المواطنين.

ووصف الشاب تجربته مع دار الإفتاء، بـ”بيسلقوا الفتوى”، مشددا على أنه لايثق في الإفتاء سواء التليفزيوني أو الأكشاك.

وتابع: ربط الفتوى بكشك يعني “تسليع الفتوى”، ومن غير المنطقي أن يحول الدين إلى سلعة، مشيرًا إلى أن الموضوع يدعو للسخرية، معتقدا أنه عقب مرور عدة أسابيع لن يذهب أحد لهذه الأكشاك، وسيتحول مشايخها لمجرد مجموعة من الموظفين كهؤلاء الذين يعملون في المساجد.
 

جدير بالذكر أنه تعالت الأصوات مؤخرًا لمطالبة مؤسسة الأزهر بضرورة تجديد الخطاب الديني ومواجهة الفكر المتشدد بعد استقطاب التنظيمات الإرهابية عدد كبير من الشباب وتجنيدهم في أعمال إرهابية.  

ربما يعجبك أيضا