تسليح تايوان.. هل تدشن أمريكا حربًا مع الصين؟

كتب – حسام عيد

يبدو أن النزاع الأمريكي-الصيني، غادر النطاق التجاري، وحدودهما أيضًا، ليصل إلى تايوان ويصبح سياسيًا. وقد بدأت التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين تتصاعد منذ الأزمة المالية التي ضربت العالم قبل أكثر من عقد. حينها بدأ الجيش الصيني في تعزيز وجوده في بحر الصين الجنوبي في الوقت الذي سعت فيه بكين لتحدي تفوق البحرية الأمريكية. في 2009 حظرت الصين أيضا جوجل وفيسبوك وعددًا من مجموعات الإنترنت الأمريكية الأخرى – بداية تقسيم عالم التكنولوجيا إلى مجالين، وهو تقسيم يتسارع الآن.

لكن أحد الأسباب الرئيسة لتصاعد التنافس بين الدولتين على مدى الأعوام القليلة الماضية – الذي يراه بعضهم الآن على أنه بداية حرب باردة جديدة – هو تصاعد الشكوك حول بكين عبر النخبة السياسية الأمريكية.

واليوم، مع إعلان البيت الأبيض عزمه المضي قدمًا في إبرام 3 صفقات أسلحة متطورة لتايوان، زادت التحذيرات من بوادر حرب عالمية بين أمريكا والصين، فمن المرجح أن تثير الخطوة التي تأتي قبل الانتخابات الأمريكية غضب الصين وسط التوتر المحيط بتايوان.

3 صفقات أسلحة أمريكية لتايوان

تدفع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قُدما نحو مجموعة من مبيعات الأسلحة إلى جزيرة تايوان، إذ تواجه الأخيرة ضغطا متزايدا من الصين إزاء قضية استمرار استقلالها.

وقد أرسل البيت الأبيض الإثنين الموافق 12 أكتوبر 2010، إخطارات إلى الكونجرس بثلاث من أصل سبع اتفاقات أسلحة مزمعة إلى تايوان للموافقة عليها، في خطوة من شأنها تأكيد دعم الإدارة الأمريكية لتايبيه في وجه حزم متزايدة من الحزب الشيوعي الصيني.

وكانت الإخطارات غير الرسمية تتعلق بقاذفة صواريخ على متن شاحنة من إنتاج شركة لوكهيد مارتن تسمى نظام صاروخ المدفعية عالي الحركة (HIMARS) ، وصواريخ جو – أرض بعيدة المدى من إنتاج شركة Boeing Co تسمى SLAM-ER ، وأقراص استشعار خارجية لمقاتلات إف-16 التي تسمح بنقل الصور والبيانات في الوقت الفعلي من الطائرة إلى المحطات الأرضية.

ولم تُرسل اتفاقات الأسلحة المتبقية، للكونجرس للتصديق عليها بعد؛ وهي اتفاقات تشمل طائرات بدون طيار متقدمة وصواريخ أرضية مضادة للسفن ومناجم تحت الماء. وهي كلها اتفاقات من شأنها ردع أي هبوط برمائي للصين على جزيرة تايوان.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: “كسياسة عامة، لا تؤكد الولايات المتحدة أو تعلق على مبيعات الدفاع أو عمليات النقل المقترحة حتى يتم إخطارها رسميًا إلى الكونجرس”.

وليس من المتوقع أن يعترض المشرعون، وهم بشكل عام قلقون مما يعتبرونه عدوانا صينيا ومؤيدون لتايوان، على مبيعات السلاح.

تحرك صيني لإلغاء الخطوة الأمريكية

وأثارت الخطوة التي تأتي قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 3 نوفمبر، غضب الصين التي تعتبر تايوان مقاطعة منشقة وتتعهد بإعادة توحيدها مع البر الرئيسي بالقوة إذا لزم الأمر.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، إن مبيعات السلاح الأميركية لتايوان تمس سيادة الصين وتلحق الضرر الشديد بمصالحها الأمنية، وحث واشنطن على الاعتراف صراحة بالضرر الذي تتسبب فيه مبيعات السلاح وإلغائها.

وأوضح تشاو للصحفيين في بكين دون الخوض في مزيد من التفاصيل “ستتخذ الصين الرد المشروع والضروري وفقًا لتطورات الموقف”.

وبدورها، حثت السفارة الصينية، واشنطن، في بيان على وقف مبيعات الأسلحة إلى تايوان والعلاقات العسكرية معها، خشية أن تضر بشكل خطير بالعلاقات الصينية الأمريكية والسلام والاستقرار عبر المضيق.

حرب عالمية محتملة

يذكر أن الولايات المتحدة طالما ساندت استقلال تايوان عبر بيع الأسلحة لها، على الرغم من الاحتجاجات المتكررة من بكين. حيث حذرت الحكومة الصينية بشكل متكرر من أن تهدد مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى جزيرة تايوان السلام الإقليمي وأن تضع تايوان في وضع أكثر خطورة، وعلى الرغم من أن واشنطن لا تعترف بتايوان رسميا، إلا أنها تلتزم ضمنيا بالدفاع عن الجزيرة وفق قانون العلاقات مع تايوان الصادر عام 1979.

وتتمتع تايوان باستقلالها منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية، باعتبارها آخر معاقل القوى القومية المهزومة. وطالما تعهد الحزب الشيوعي الصيني بضم الجزيرة تحت سيطرته كجزء من سياسة “الصين الواحدة”، سواء عبر الوسائل الدبلوماسية أو بقوة السلاح.

وكان وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر، قد حذر من حرب عالمية محتملة، طرفاها الرئيسيان الولايات المتحدة والصين، حيث قال “إن المهم الآن في السياسات العريضة للبلدين، هو وضع حدود للمواجهة”.

وأضاف أن “ذلك هو السبيل أمام عدم تكرار الحرب العالمية الأولى اليوم”.

وأوضح أن “ما يحصل اليوم أشبه بحرب عالمية باردة بين البلدين”، مشيرا إلى أنه يخشى أن تتطور هذه الحرب قريبًا.

ربما يعجبك أيضا