في زمن هيمنة الأسلحة الإلكترونية على الحروب.. هل يمكن التغلب على التقنية؟

تحديات التكنولوجيا في مفهوم الحرب الحديثة وكيفية التغلب عليها

رؤية

العصر الحالي هو عصر التكنولوجيا والأسلحة الاليكترونية التي تقلل من كثافة العنصر البشري مقابل الإمكانات التقنية.


كتب – أحمد بدر

استشاري وخبير تطوير النظم البرمجية والإدارية

لا يختار الإنسان الحرب ولكنها تفرض عليه بناءً على التفاعلات المختلفة بين الثقافات والحضارات التي ينتج عنها تضارب المصالح والاتجاهات.

ولكل عصرٍ نوعه الخاص من الحروب، التي تنشأ مع ظروفه المحددة وأيديولوجياته الخاصة، بما يؤثر بدوره على أنواع الأسلحة المستخدمة تقنيًا وتكنولوجيًا.

الأسلحة الإلكترونية

لا شك أن العصر الحالي هو عصر التكنولوجيا والأسلحة الإلكترونية التي تقلل من كثافة العنصر البشري مقابل الإمكانات التقنية، وبالتالي لم يعد التفاخر بالعدد البشري كافياً، إذا لم تواكب القدرات التسليحية التكنولوجيا الحديثة.

وكثيرًا ما وجهت أفلام السينما الأمريكية الأنظار نحو فكرة الحروب التي تستخدم التكنولوجيا الحديثة حتى وصل الأمر لاستخدام الانسان الآلي (الروبوت) والأقمار الصناعية الموجهة في الحروب، وهنا يدور التساؤل: “هل كل هذا العرض المفزع قابل للتطبيق أو هل هو مطبق فعليًا؟

بالفعل كل ذلك موجود، ويطبق عمليًا، ومشهود في الحروب المعاصرة والحالية، ولذلك وجب التنويه على أهمية التعرف على تحديات هذه التكنولوجيًا.

تحديات التكنولوجيا في مفهوم الحرب الحديثة وكيفية التغلب عليها 1

تحديات التكنولوجيا في مفهوم الحرب الحديثة وكيفية التغلب عليها

المواكبة والاستقلالية

لم يعد الأمر مقتصرًا فقط على وجوب مواكبة التكنولوجيا الحديثة في عمليات التسليح الحربية ، بل تخطي الأمر لوجوب الاستقلالية في بناء الترسانة الحربية دون الاعتماد على شرائها فقط!

  • ماذا لو أخبرتك أن بتكنولوجيا radio frequency identity (RFID) يُمكن تتبع القطع التي تم بيعها لك، وذلك عبر الأقمار الصناعية!

حتى أنها حاليًا تُزرع في الجنود، من أجل تتبع أماكن تواجدهم وإن وقعوا في الأسر!

  • ماذا لو أخبرتك أن تكنولوجيا embedded systems التي تتحكم في تشغيل الأجهزة الاليكترونية داخل المعدات يمكن إيقافها عن بعد والسيطرة عليها!

بل تخطي الأمر ذلك، ليس التحكم أو تدمير البرمجيات المدمجة في القطع الالكترونية فحسب، بل حتى ظهرت اللوحات الاليكترونية  ذاتية التدمير، لكي تصبح بعدها المُعدة العسكرية كالطائرات المُسيرة مجرد قطعة من المعدن!

لذا ظهر أهمية الاستقلالية في عملية التسليح والبناء التكنولوجي دون الاعتماد على المورد الذي قد يستخدم ذلك ضد المشتري.

تحديات التكنولوجيا في مفهوم الحرب الحديثة وكيفية التغلب عليها 2

تحديات التكنولوجيا في مفهوم الحرب الحديثة وكيفية التغلب عليها

كيفية التغلب على التقنيات التكنولوجية ومواجهة هذه التحديات؟

التغلب على تحديات التكنولوجيا، هو أمر أشبه بخطة المباراة، إذ هناك شقين يجب التحرك عليهما:

1 – وضع الخطة الخاصة، وهي هنا كما ذُكر أعلاه، ببناء الأدوات الخاصة التي تواكب العالم الحديث والمتقدم تكنولوجيًا دون الاعتماد على أدوات الموردين التي لن تسلم من عدم المصداقية.

2 – العمل على كشف ثغرات خطة الخصم وهي هنا ثغرات التكنولوجيا والتي نستعرض بعضها للسيطرة على هذه التحديات التقنية، على النحو التالي:-

ثغرات التكنولوجيا

التكنولوجيا صناعة بشرية (humanity):

أي إنها لا تحمل صفة الكمال وهذه الصورة الذهنية يجب أن تظل مسيطرة على محللي التكنولوجيا الذين يعملون على تحجيم هذه التقنيات وفهم ثغراتها، مقابل ما تدعيه الآلة الإعلامية والسينمائية العالمية.

فيمكن فهم نمط عملها البرمجي وطريقة معالجتها للبيانات، بل وحتى كيفية التأثير عليها بإيقافها أو إتلافها.

إذ إن التكنولوجيا تعتمد على أدوات مرئية مثل الكاميرات والحساسات الاستشعارية التي يمكن استهدافها مباشرة وإتلافها عبر أسلحة الموجات والإشارات وحتى الأسلحة الغازية والمغناطيسية.

قاعدة التضخم في التطوير (Complex Component)

يحكم عالم التطوير قاعدة رئيسية ثابتة وراسخة في مجال أمن المعلومات والبرمجيات، وهي:
more component more trouble  ، أي إنه كلما زادت التقنيات المستخدمة زادت المشاكل المتوقعة من الثغرات والاحتياج للصيانة وسد الثغرات، وهي قاعدة ثابتة في الحكم على كل نظام متسع ومتشعب ومعقد.

ولتقريب الصورة للقارئ، قبل عام 2011 عندما كنتَ تحمل الهاتف المحمول في صورته البسيطة، فإن مشاكله كانت معك محدودة ومعروفة ويسهل التعرف عليها وحلها وسد ثغراتها، وعندما انتقلتَ للهاتف الذكي بصورته الحديثة، فقد زادت معك مشاكله بلا حصر لها، ومنها ما لا تستطيع أنت السيطرة عليه.

الانتفاخ والغرور (Vanity Risk):

التوسع في استخدام التكنولوجيا يسبب حالة من الزهو والغرور والإحساس بالسطوة والتحكم، وهذا بحد ذاته ثغرة كبيرة يقع فيها العنصر البشري، فيرفض التحليلات الميدانية البشرية مقابل هذه السيطرة التكنولوجية التي قد تخدعه وقد تكون مصنوعة وموجهة، ويؤدي هذا الغرور للتكاسل والاعتماد على التكنولوجيا بصورة كلية دون إعمال قيمة العقل البشري.

اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي وكاميرات المراقبة وخطورتها على الأمن القومي

بناءً على ما تم عرضه، يتضح لنا أهمية التطوير والتسليح الذي قام به الجيش المصري، بإدخاله الأدوات والتقنيات الحديثة، بجانب امتلاك الهيئات المختصة بالتصنيع الحربي، وهذا ما تناوله المقال من توعية بأهمية مواكبة التكنولوجيا الحديثة وأيضًا امتلاك قدرة التغلب على تقنياتها تحت مظلة أنها في النهاية من صنع البشر.

وكذلك، تسليط الضوء على قوة الموارد البشرية التي تملكها الدولة المصرية، بإظهار أهمية الكليات الهندسية في مجال البرمجيات والالكترونيات وغيرها من المجالات الهندسية، والسعي للتوسع في الاعتماد عليها في صناعة التكنولوجيا الحربية الخاصة بنا.

 

 

ربما يعجبك أيضا