الذكاء الاصطناعي وتحديات مستقبل الإعلام والصحافة

بعد الوسائط الرقمية.. مستقبل الإعلام والصحافة يواجه تحديات الذكاء الاصطناعي

يوسف بنده

تعزز تقنية الذكاء الاصطناعي النموذج التقليدي للصحافة من خلال توفير أدوات عمل جديدة، حيث يسمح بجمع الأخبار وإنتاج المحتوى والتوزيع المستهدف بكفاءة أكبر.


كتب – أحمد بدر 

استشاري وخبير تطوير النظم البرمجية والإدارية

شهد مجال الإعلام والصحافة تحولات كبيرة في السنوات الأخيرة خاصة بعد طفرات من التقدم التكنولوجي أظهرت تغيرات في أنماط استهلاك الوسائط وتطور الاحتياجات المجتمعية.

وكان لظهور الإنترنت والتقنيات الرقمية تأثير عميق في مجال الصحافة والإعلام؛ وبعد طفرة الذكاء الاصطناعي الحالية ازداد الحديث عن تلك التحديات.

ويدور الحديث هنا عن تحديات مستقبل الإعلام في ظل تقنية الذكاء الاصطناعي التي صُنعت ووجهت في المقام الأول من أجله والتي تمس أدواته بصورة مباشرة، حتى أنك ترى الآن برامج تليفزيونية تقدم من خلال تكنولوجيا “الذكاء الاصطناعي”.

الذكاء الاصطناعي وتحديات مستقبل الإعلام والصحافة 1

الذكاء الاصطناعي وتحديات مستقبل الإعلام والصحافة

صحافة وإعلام الذكاء الاصطناعي

لا شك أن صحافة الذكاء الاصطناعي أظهرت ثورة في صناعة الإعلام، سواء الصادق أو الكاذب أو حتى التافه، حيث لا توجد هناك أية حدود جغرافية أو قانونية، ولا أية قيود أو قوانين من تلك التي تضعها الحكومات أو الجهات المسؤولة في أية دولة على حرية الرأي ونقل الخبر والمعلومة.

بل سيكون المتلقي أو المتفاعل مع المواد الإعلامية هو الحكم، وهو من يقرر صلاحية أية مادة إعلامية من عدمها، من بعد أن تتراكم عنده الخبرة الكافية بعد وقت من الزمن لكن لن يطول، يستطيع من خلالها الفصل واتخاذ القرار.

هذا الأمر سيوجد منافسة شرسة للغاية بين المؤسسات الإعلامية المختلفة، وسيكون الرابح فيها دون شك الذي يقتنص الفرص، من المؤسسات التي حددت هدفها وواكبت تحقيقه عبر التقنيات الحديثة من خلال الحصول على أحدث التقنيات المتطورة في عالم الذكاء الاصطناعي، والعمل على دمجها في صناعتها أو صناعة الإعلام بشكل عام.

أما الخاسر فهو المتأخر أو المسوِف، الذي يدفع بيده تجاه الخروج من المجال أو الخضوع لجهة سبقته في التطور ومسيطرة على سوق إعلام الذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي وتحديات مستقبل الإعلام والصحافة 5

الذكاء الاصطناعي وتحديات مستقبل الإعلام والصحافة

الاتجاهات الجديدة للإعلام

تأثير الذكاء الاصطناعي على النموذج التقليدي للصحافة واضح خاصة في عمليات جمع الأخبار والإنتاج والتوزيع:

جمع الأخبار: يوفر الذكاء الاصطناعي القدرة على الحصول على المعلومات والأفكار الإخبارية من خلال عمليات مبتكرة خاصة التي تكشف اتجاهات المحتوى الذي ينشئه المستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعي واستخراج المعلومات منها

الإنتاج: يساعد الذكاء الاصطناعي على إنتاج المحتوى تلقائيًا وقد ظهرت عشرات التطبيقات التي تعمل على ذلك والتي تساعد في التبديل بين تنسيقات الوسائط، مثل تحويل البيانات إلى نص أو تحويل النص إلى فيديو وغير ذلك من الإمكانيات والقدرات التقنية.

التوزيع: يعد من أهم العناصر، لأنه المسبب للربح مباشرة فتجد الذكاء الاصطناعي يمهد الطريق للصحفيين لمراقبة مستهلكي الأخبار على المنصات الناشئة من خلال فهم سلوكياتهم، ويساعد هذا الفهم في تحسين استراتيجيات النشر وتحقيق الدخل في الوقت الفعلي.

تعزز تقنية الذكاء الاصطناعي النموذج التقليدي للصحافة من خلال توفير أدوات عمل جديدة، حيث يسمح بجمع الأخبار وإنتاج المحتوى والتوزيع المستهدف بكفاءة أكبر.

الذكاء الاصطناعي وتحديات مستقبل الإعلام والصحافة 3

الذكاء الاصطناعي وتحديات مستقبل الإعلام والصحافة

تطوير النموذج التقليدي للصحافة

يطور الذكاء الاصطناعي النموذج التقليدي للصحافة خاصة في جوانب التخصيص والتقنية والحصول على رأي الجمهور والتحقيق والتدقيق والابتكار وغيرها من الجوانب المهنية لمجال الصحافة.

التخصيص: يساعد الذكاء الاصطناعي المؤسسات الإخبارية من تقديم محتوى مخصص للمستخدمين بناء على تفضيلاتهم واهتماماتهم وسلوكياتهم، كما هو مشاهد من خلال خوارزميات تحليل بيانات المستخدم وتصرفاته.

التقنية: تعمل تقنية الذكاء الاصطناعي على انجاز المهام الصحافية، مما يوفر وقت الصحفيين لمزيد من التقارير والتحليل المتعمق؛ على سبيل المثال يمكن لروبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التعامل مع الاستفسارات الروتينية من القراء.

التغذية العكسية ورؤى الجمهور: توفر أدوات الذكاء الاصطناعي الحصول على رؤى و سلوك الجمهور وتفضيلاته من خلال تحليل البيانات المتعلقة بتفاعلات المستخدمين، فتساعد خوارزميات الذكاء الاصطناعي الصحفيين على فهم المحتوى الذي يتردد صداه مع جمهورهم.

التحقق والتدقيق: يساعد الذكاء الاصطناعي في عملية التحقق والتدقيق، وتحديد المعلومات الخاطئة أو الأخبار المزيفة واكتشاف المعلومات الكاذبة أو المضللة.

الذكاء الاصطناعي وتحديات مستقبل الإعلام والصحافة 2

الذكاء الاصطناعي وتحديات مستقبل الإعلام والصحافة

هل أصبح الصحفي موظف تقني؟

مخاوف العاملين في الإعلام من أن الذكاء الاصطناعي سيعمل على إلغاء بعض الوظائف التي يشغلها البشر حاليا هو تخوف مشروع، بل هو ما سيحصل دون شك، ولكن لن يتم تسريح العاملين بالسهولة التي يتوقعها البعض المتشائم، وإنما يتم توجيههم نحو القيام بالمهام التي لا يزال فيها البشر متفوقين على الذكاء الاصطناعي وبرمجياته وتطبيقاته، أو ما نسميها بالصحافة العميقة، من مثل المهام المتعلقة بالحوارات الإنسانية أو الصحافة الاستقصائية، التي لم تظهر بعد تطبيقات وأنظمة قادرة على تنفيذها حتى الآن.

لكن كما هو مطلوب من المؤسسات الصحفية والإعلامية مواكبة هذا التطوير كذلك الأمر مطلوب من الصحفي والإعلامي من مواكبة تعلم التطبيقات الحديثة واستخدامها في تنفيذ وإنجاز المهام بحيث يكون الصحفي والإعلامي موظف تقني أقرب منه الصورة التقليدية لعمله وإلا سيحدث الاستبدال.

الذكاء الاصطناعي يجعل الصحفيين يلعبون دور حماة الحقائق أكثر من دور المنقبين عنها.

الذكاء الاصطناعي وتحديات مستقبل الإعلام والصحافة 4

الذكاء الاصطناعي وتحديات مستقبل الإعلام والصحافة

الإعلام ولوبيات المال والسلاح

في ظل سيطرة اقتصاد الشركات على الاعلام، وفي ظل عصر الهيمنة الرقمية، ظهر ما يعرف باسم «لوبيات» المال العالمي، التي اتخذت الصحافة والاعلام بوابة وقناة لنشر وتمرير أهدافها وهذا ما قلل من نسب الموضوعية والحياد ودقة الأخبار، وبالتالي سيستخدم الذكاء الاصطناعي في زيادة تحقيق أهداف اللوبيات مما يزيد الأوضاع سوءاً.

وقد أصبح دور الإعلام هو التحقق من الأخبار بالدرجة الأولى، وذلك ما تعمل عليه المؤسسات الإعلامية بمساعدة تقنيات الذكاء الاصطناعي.

ألبا ريناي

ألبا ريناي

الذكاء الاصطناعي يقدم برامج

تطور الذكاء الاصطناعي أصبح يزيح العنصر البشري بشكل مباشر فالمتابع يعرف ألبا ريناي مؤثرة جذابة اشتهرت على موقع انستجرام وتيك توك، لكنها غير حقيقة، بل نتيجة توليد صورة بالذكاء الاصطناعي بناء على نتائج مجموعة من السمات الجسدية والشخصية، بل تعدي الأمر أنها تستطيع كسب وجمع الأموال من حسابتها على مواقع التواصل الاجتماعي!

وبعد نجاح ريناي على وسائل التواصل الاجتماعي، قررت إحدى المحطات التلفزيونية الإسبانية الاستعانة بها في تقديم فقرة في أحد البرامج التلفزيونية الشهيرة، حيث تقدم محتوى حصري على متسابقين في تلك الفقرة.

وتم تطوير ريناي من إحدى الشركات الإسبانية التابعة لشركة  Mediaset Spain، التي تمتلك عدة وسائل إعلام سمعية وبصرية في إسبانيا، وتمكنوا بفضل الذكاء الاصطناعي في هذا المشروع من إعادة انتاج رسوم متحركة واقعية لريناي لتصوير مقاطع فيديو، مصحوبة بصوت دقيق وطبيعي تخلص من أي نبرة آليه.

رغم أن المتابعين لبرامجها يعرفون أنها غير حقيقية إلا أنهم معجبين بها ويتواصلون معها باستفسارات وهذا يظهر نجاح ما يقوم الذكاء الاصطناعي به من تحليل سلوك المستخدمين والمتابعين واكتشاف وتوجيه الأنماط المطلوبة لجذب المستهلك.

ربما يعجبك أيضا