خطورة حرب تكنولوجيا المعلومات والأمن القومي المصري

يوسف بنده

"هناك حروب تقوم بالأساس علي تكنولوجيا المعلومات وأشهرها الحرب الأمريكية الروسية الباردة، وفيها يتجلي معني خطورة المعلومة وما تمرره"


 كتب – أحمد بدر

ظهر الشكل الحديث لحرب المعلومات من خلال الحرب الأهلية الأمريكية، حيث كان أول استخدام تكتيكي للتلغراف في يونيو عام ( 1861م)، حيث أمكن مد 15 ألف ميل من كوابل التلغراف كان يتداول عليها يوميًّا 133 ألف رسالة.

وقد خصصت القوات الاتحادية الأمريكية نصف جنودها المتخصصين لحماية خطوط الاتصال لضمان تدفق المعلومات حتي نهاية الحرب، ومن هنا تطورت وظهرت تكنولوجيا حرب المعلومات الحديثة، فالحرب هي منبع الفكرة لشدة الاحتياج علي أساس قاعدة الحاجة أم الاختراع!

“هناك حروب تقوم بالأساس علي تكنولوجيا المعلومات وأشهرها الحرب الأمريكية الروسية الباردة، وفيها يتجلي معني خطورة المعلومة وما تمرره”

إلي أي مدي وصلت حرب تكنولوجيا المعلومات 5

إلي أي مدي وصلت حرب تكنولوجيا المعلومات؟

إلي أي مدي وصلت حرب تكنولوجيا المعلومات

في ظل وجود شبكة الانترنت وهذه الطفرة التي أحدثتها الشبكة خاصة بعد عام 2011، ووصولها لجميع الفئات عبر الهواتف الذكية، ومواقع التواصل الاجتماعية الغارق فيها الناس اليوم، أستطيع أن أخبرك أنها قد وصلت لمدى الاختراق لجميع جوانب حياة الفرد، فلم يعد الأمر مقتصر علي أفراد تحمل بعض المعلومات وتنشرها بالنقل بين مجموعاتها، بل لم يعد الفرد يحتاج لمن ينقل له المعلومة المرغوب في توصيلها، إذ تصل إليه مباشرة من خلال كل شئ في مسار حياته اليومي.

ما هي الخطورة التي تمثلها حرب المعلومات علي الأمن القومي المصري؟

حرب المعلومات قائمة على صناعة المعلومات، وهذه هي أخطر نقطة في بنية هذا المفهوم، حيث إن صناعة المعلومة تعتمد علي نفسية المتلقي والفئة العمرية وما يريد سماعه، والشعب المصري يغلب عليه صفة العاطفة الحالمة، فيتمني الحياة الأفضل، حيث أنه شعب مطلع علي الشعوب الأكثر رفاهية وليس منعزلًا عن المؤثرات المحيطة من حوله، فهو شعب واعي في الاطلاع بنسبة جيدة.

نظراً لهذه النقطة السابقة بجانب عوامل أخري، يكون من السهل تلقي كثير من الأخبار والمعلومات المقصودة.

وفي ظل هذه الفترة التي تمرفيها المنطقة بحالة مضطربة من الصراعات والحروب الداخلية، بجانب التدخلات لقوات أجنبية في محيط المنطقة، نجد أن أخطر ما يمر علي الدولة المصرية هو الإرهاب العابر للحدود والذي كان مشهود خلال العقد السابق، بجانب الصراعات المصنوعة والمفروضة على المنطقة كما يتضح ويظهر للمتابع كل يوم، وما يتم صناعته من صراعات داخل الدول المجاورة للعمل على التطويق الأمني للحدود، بإنشاء صراعات وانقسامات مباشرة تكون متاخمة للحدود المصرية.

هنا يظهر مدي اختراق وتأثير حرب المعلومات علي الأفراد، وهي نزع الثقة بين الفرد والدولة.

إلي أي مدي وصلت حرب تكنولوجيا المعلومات 4

ما هي أسباب هذه الحرب المعلوماتية في هذا التوقيت تجاه الأمن القومي المصري؟

للأمر بعد قديم، لكن دعنا نلخصه في المشهد المعاصر

بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003، ومع تعيين بول بريمير كأول حاكم أمريكي للعراق قام باتخاذ قراره الأول بحل الجيش العراقي!، وهو الأمر الذي لم يحدث في أي دولة في العالم من قبل، فالجيش يعني هوية الدولة، كما يعني الاستقرار لها ومواجهة أي عمليات داخلية أو خارجية، وحتى لو كان منكسراً بعد حرب لا يمكن أن يتم حله إلا لو كانت هناك أسباب تهدف الي ذلك‏، وهي أسباب تصب جميعها في مصلحة الولايات المتحدة‏، وأهمها جعل العراق بلا هوية لإعادة تشكيله من جديد والعمل علي تقسيمه دون أية مقاومة‏.

وهنا يظهر كما هو مشاهد، أن المحتل الأمريكي استطاع أن يضع خططه من أجل الوصول لذلك الهدف من خلال تدمير الجيوش العربية وجعلها بلا أي قوة قد تعمل علي مواجهة أي خطط يرغب هو في تنفيذها، ويبقي من فضل الله تماسك الشعب المصري ومؤسساته وعلي رأسها قوته العسكرية بتاريخها المعروف، والحمد لله علي ذلك.

إلي أي مدي وصلت حرب تكنولوجيا المعلومات 2

الشرق الأوسط الجديد

لم يتوقف المخطط الأمريكي الجهنمي عند هذا الحد فقط، بل إن الولايات المتحدة قامت في عام ‏2004 ‏ بإقرار مشروع الشرق الأوسط الموسع في قمة الثماني، ثم من بعدها في قمة اسطنبول لحلف الناتو، بحيث جعلت للحلف مهام أمنية وإستراتيجية داخل المنطقة من أجل أن يكون له الغلبة من خلال إعادة نشر قواته في مواقع استراتيجية مثل البحر الاحمر والخليج العربي وقواعد عسكرية في دول اخري.

وهذا ما زاد من طمع بعض القوي الحالمة مثل الحلم الطوراني التركي بالسيطرة علي المنطقة وخاصة منطقة شرق المتوسط وعلي رأسها مصر ويعقبها في ذلك الحلم الساساني الفارسي لإيران.

ما خطورة تكنولوجيا المعلومات علي الأمن القومي المصري

الخطورة تتمحور حول، أنه كلما كانت الجهات المستخَدمة ضد الدولة أكثر خبرة بالتكنولوجيا يصبح المواجهة مع وهم (illusion)، لا يمكنك تعقبه أو الوصول له بالصورة المحكمة إلا بالتعرف والتعلم لهذه التكنولوجيا.

 خطورة هذه التكنولوجيا أنها لا يمكن أن تعتمد على عدوك في الحصول عليها والاكتفاء بذلك!

بناء على المشروع السابق ذكره لحلم الشرق الأوسط الموسع، تفتح الإدارة الأمريكية قنوات اتصال مع قوي معارضة حالمة من الكيانات صاحبة الشعارات التحررية، أو الجماعات الدينية صاحبة المشروع الخاص لتكون موالية لها بصورة مباشرة، وأيضا أصحاب المشاريع المرتبطة بحلم التوسع.

إلي أي مدي وصلت حرب تكنولوجيا المعلومات 3

إلي أي مدي وصلت حرب تكنولوجيا المعلومات؟

ما يجب علي الدولة تجاه هذا النوع من الحروب المؤثرة علي الأمن القومي؟

لا يوجد دولة ليس لديها جهاز لمكافحة مثل هذا النوع من الحروب، وإن كانت مصر لها تحرك جيد في هذا التحديث لكن يجب الاهتمام بهذا الجانب والعمل علي زيادة الكليات المتخصصة في هذه التكنولوجيا، وتسليط الضوء على قوة مصر من امتلاك الموارد البشرية المتخصصة في هذا الجانب من خريجي الكليات الهندسية البرمجية، والعمل على توسيع الاستفادة من تخصصاتهم.

العمل على توعية الشعب وخاصة الشباب بالمعلومات الصحيحة ليفهم ما يواجهه، عن طريق مهنيين وخبراء مختصين، وليس عبر إعلاميين سطحيين لم يرتقوا لمهنة الإعلام فضلاً علي أن يقدموا معلومات تكنولوجية بحتة.

الاعتماد علي الوسائل الحديثة المهنية لجمع المعلومة الأمنية وليس عبر الصورة الفردية المبنية علي الأهواء.

إقامة المسابقات وتحفيز المختصين في مجال البرمجيات لزيادة حجم الخبرة والتوعية.

إدماج الكيانات المدنية المتخصصة صاحبة الخبرة في مجال الاعلام وإعلام الانترنت داخل منظومة المواجهة الأمنية للمعلومات.

*استشاري وخبير تطوير النظم البرمجية والإدارية

badrmedia@dewsoft.net

ربما يعجبك أيضا