شركات الاستخبارات الإلكترونية ومخاطرها على الأمن القومي

رؤية

 وجود الوحدات الالكترونية الرقمية داخل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية أصبح أمر ملزم وضرورة حتمية في ظل عصر تحديات سيطرة العولمة الاليكترونية.


كتب – أحمد بدر

استشاري وخبير تطوير النظم البرمجية والإدارية

مع الخطر الذي صُنع في بداية العقد الثاني للألفية الحالية، الخطر الذي ساد واقعنا العربي والعالمي وهو الإرهاب العابر للحدود، ظهر نوع جديد من شركات البرمجيات وهي شركات الاستخبارات الإلكترونية.

هذه الشركات تقدم خدمات ومنتجات تكنولوجية، على حسب زعمها، لمساعدة حكومات العالم على محاربة الإرهاب والجريمة!، ومن أشهر الشركات التي تصدرت المجال “مجموعة إن إس أو” الإسرائيلية و “هاكنج تيم” الإيطالية وشركة “جاينز” البريطانية، وغيرهم.

شركة التجسس الإسرائيلية إن إس أو

شركة «إن إس أو» الإسرائيلية مالكة برنامج “بيجاسوس” للتجسس

خطورتها على الأمن القومي

تكمن الخطورة أن هذه البرمجيات موجهة في المقام الأول للأنظمة الأمنية والمخابراتية التي تمثل الأمن القومي المحافظ على كيان الدولة وسلامتها، فهذه البرمجيات عبارة عن أدوات لتجميع المعلومات الاستخباراتية واختراق للأجهزة الإلكترونية، التي تحتاجها الأجهزة الأمنية كنوع من المفاهيم الحديثة للأسلحة الاليكترونية.

ولا تتوقف هذه الشركات عند حد البيع لهذه البرمجيات للأجهزة الاستخباراتية، بل يتخطى الأمر أنها تتجسس على أجهزة الدول نفسها التي تم بيع هذه المنتجات لها!

اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي وكاميرات المراقبة وخطورتها على الأمن القومي

هناك القضية المثارة خلال هذه الأيام، وهي قضية أشهر برامج شركات التجسس الإلكترونية وهو برنامج “بيجاسوس” (Pegasus) أحد منتجات شركة إن إس أو (NSO) الإسرائيلية، الذي تم بيعه لأكثر من 50 دولة!

ولأن الأمر كما ذكرنا لا يتوقف على بيع هذه المنتجات فحسب، فقد تسبب هذا المنتج في صدام دولي ضد إسرائيل من طرف أمريكا وفرنسا ودول أخرى، بعدما تسبب في ضرر مباشر لهذه الدول من عمليات اختراق وتسريب معلومات، حتى وصل الأمر لتسريب معلومات من أجهزة رؤساء الدول أنفسهم.

بيجاسوس 1

أزمة بيجاسوس (Pegasus) الإسرائيلي مع أمريكا

تم نشر تقارير أمنية أمريكية ضد أنشطة أنظمة بيجاسوس، وهذا ما أحدث توتراً مستمراً حتى الآن بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

وقد تم على آثره حظر بيع منتجات شركات “إن إس أو” الإسرائيلية، بعد قضية شهيرة رفعتها شركات أبل ضد الشركة، عقب اكتشافها تصرفات الأخيرة الاختراقية لأجهزة المستخدمين.

إسرائيل تستغل طوفان الأقصى

تستغل إسرائيل طوفان الأقصى وتستعين بشركة “إن إس أو” عبر برنامجها التجسسي “بيجاسوس” للمساعدة في تعقب الأسرى الإسرائيليين وحركة عناصر “حماس”.

وبناء على التحالف المشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية، فإن إسرائيل تحاول فك الحظر عن برمجيات بيجاسوس داخل الولايات المتحدة، والعمل على حذفها من القائمة السوداء، وقائمة الحظر على الوكالات الفيدرالية.

قاعدة حصان طروادة في الأمن السيبراني

لك أن تعلم، أن أغلب الفيروسات مَن صَنعها هي شركات مضادات الفيروسات نفسها، وإلا هذه الشركات ستبيع منتجاتها لمن؟!

كذلك على غرار قصة حصان طروادة الشهيرة، فإن من أهم قواعد التجسس والاختراق في الأمن السيبراني، أنه: “إذا أردت أن يصبح عدوك صديقك اخلق له مشكلة ثم قم بحلها

وهذا بالفعل ما تقوم شركات التجسس الاستخباراتية فإنها تصنع المشكلة أو تبحث عنها، فتصنع مفهوم الحاجة الذي يجعل الدول تستعين بها، ثم بعد ذلك تقوم بالعمل على الاختراق والتجسس على عملائها من هذه الدول.

بيجاسوس 2

خطورة الروابط المختصرة

ما شرحناه، حول كيفية استغلال شركات الاستخبارات الإلكترونية الحاجة لحل مشكلة، فتقدم الحل كي تسهل لنفسها الدخول والاختراق.

سنعرض ونتكلم عن خطورة الروابط المختصرة (Tiny URL) التي شاعت وانتشرت في عالم الانترنت بشكل مشهود ومعروف للمستخدمين، فأصبحت أحد وسائل التجسس والاختراق المنتشرة كما يتبين لنا في التالي:

نتيجة لطول عناوين الإنترنت وطول الرابط كما هو مشاهد ومعروف، ظهرت مواقع وشركات تقدم خدمة اختصار رابط عناوين الانترنت وهو ما يعرف بمفهوم (Tiny URL)

اقرأ أيضًا: في زمن هيمنة الأسلحة الإلكترونية على الحروب.. هل يمكن التغلب على التقنية؟

كل هذه المواقع التي تقدم هذه الخدمة، تمثل شركات تجسسية للاختراق وجمع المعلومات، وما هي إلا وسيلة للاختراق وتنزيل برمجيات ضارة للاختراق والتجسس.

فقد كانت هذه الوسيلة أحد طرق الاختراق التي استخدمها برنامج بيجاسوس لاصطياد الضحية عن طريق الروابط المختصرة لمحتوى ومقالات ومواقع صحفية حقيقية وليست مشبوهة، وهذه هي الخطورة فهي لا تنشر مواقع مشبوهة بل تستغل نشر محتوى لائق تصطاد عن طريقه الضحية.

وفي النهاية من نشر المحتوى اللائق عن طريق الروابط المختصرة، تكون نالت ما أرادته من زرع أداة الاختراق.

والقضية الأشهر في هذا الأمر قضية اختراق منظمة العفو الدولية عن طريق شركة “إن إس أو” الإسرائيلية مالكة برنامج بيجاسوس.

استقلالية إليكترونية

بناء على ما تم عرضه، يظهر أنه يجب الاهتمام بمجال البرمجيات الالكترونية، والاستقلال في إنتاجها، دون الحاجة لشركات الاستخبارات الإلكترونية، لأن ذلك سلاح ذو حدين، يترتب عليه الوقوع في براثن وفخاخ هذه الشركات.

وللخروج من حالة الاحتياج لهذه الشركات ومنتجاتها، يجب تسليط الضوء على قوة الموارد البشرية التي نملكها بإظهار أهمية الكليات الهندسية في مجال البرمجيات والأمن السيبراني، والسعي للتوسع في الاعتماد عليها في صناعة برمجيات مستقلة خاصة بنا.

 

 

ربما يعجبك أيضا