الذكاء الاصطناعي بتقنيات الشبكات العصبية وتحديات البحث الجنائي

يوسف بنده

إن تقنيات الشبكات العصبية تستطيع تزوير جميع الأدلة الجنائية، من الأدلة الفيزيائية والأدلة الحيوية والأدلة المتتبعة وحتى الأدلة الإليكترونية وكل ذلك يزداد تعقيدًا واتقانًا يومًا بعد يوم.


كتب – أحمد بدر

ماذا لو استنسخ شخصٌ صورةً أو تسجيلًا صوتيًّا أو فيديو لك بشكل يدينك، وقام بتهديدك وابتزك به؟!

لا شك أن الذكاء الاصطناعي وما سيفعله في حياة البشر ووظائفهم هو حديث العالم اليوم، فأصبحت البرمجيات التي تقدم خدمات الذكاء الاصطناعي منتشرة ويروج لها عبر الصفحات الاليكترونية بواسطة آلاف الناشطين من مقدمي المحتوي، ما بين برامج للتحكم في الصوت والصورة والفيديو وغير ذلك من الامكانيات المبهرة.

الذكاء الاصطناعي في افريقيا

الذكاء الاصطناعي بتقنيات الشبكات العصبية

واقع مخيف

الترويج لهذه البرمجيات كما أنه ساعد المستخدمين على أداء أعمالهم ووظائفهم، فإنه ساعد أيضًا في ارتفاع معدلات الجريمة بشكل لم يستطيع الخبراء التقليدين الكشف عن هذه الجرائم.

هذه النقطة بخصوص استخدام الذكاء الاصطناعي في الجريمة، لم يعد الأمر مجرد مخاوف بل هو واقع الآن، بنسبة ارتفاع في معدلات الجريمة تفوق 350% في كثير من البلدان على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية

وهنا تظهر تحديات أمام علم الأدلة الجنائية، كأحد أدوات البحث الجنائي للتأكد من الجريمة، وذلك بعد أن فقد طريقته التقليدية في التحقق من الأدلة مقابل هذا التطور التقني الضخم والمعقد.

هذه المهن معرضة للخطر بسبب الذكاء الاصطناعي .. هل وظيفتك من ضمنهم؟ 

الذكاء الاصطناعي بتقنيات الشبكات العصبية

الذكاء الاصطناعي – الشبكات العصبية

الذكاء الاصطناعي AI (Artificial intelligence)‏ هو فرع من علوم الحاسب يهتم بتقدم برمجيات تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها.

الشبكات العصبية NN (Neural Network) هي أحد أهم تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تعمل على محاكاة طريقة عمل المخ البشري من حيث قابلية التعلم وقابلية التذكر والقدرة على تمييز الأشياء والقدرة على اتخاذ القرارات بحيث تقدم منتجات تحاكي السلوك البشري أو تتفوق عليه.

WhatsApp Image 2023 12 16 at 11.53.08 AM

الذكاء الاصطناعي بتقنيات الشبكات العصبية

التزييف العميق ومحاكاة السلوك البشري

 تتيح تطبيقات الذكاء الاصطناعي إمكانيات الاستنساخ لكل مواد المؤثرات الحسية والبصرية وغيرها من المؤثرات، مثل استنساخ الأصوات وتزييف الصور والفيديوهات وغير ذلك، وهو ما يعرف بتقنية التزييف العميق، لكن ما هو مدى الاتقان لهذا الأمر؟

مثلاً: عندما تريد أن تقلد أحد التوقيعات أو الامضاء لشخص ما، فإنك بدايةً تحصل عليه ثم تنسخه بصورة ضوئية على الحاسب، ثم تقوم بمعالجته بأحد برمجيات معالجة الصور ثم تطبعه، لكن هل يمكن كشف هذا التزوير؟

بالطبع، سيكشف ذلك خبير التزوير بكل سهولة، رغم أن ما قمت بطباعته هو بالفعل يماثل امضاء الشخص المقصود، لكن لم يحاكي النمط البشري من حركة اليد، وسيعرف ذلك الخبير من نتوءات طباعة الحبر على الورقة وغيرها من آليات الأدلة الجنائية.

لكن في ظل وجود برمجيات الذكاء الاصطناعي بتقنيات الشبكات العصبية ووجود آلات الذكاء الاصطناعي كالطابعات ثلاثية الأبعاد، يمكن أن أقوم بتزوير الإمضاء بنفس المحاكاة البشرية ولن يستطيع أن يكتشف ذلك خبير التزوير والأدلة الجنائية!

إن تقنيات الشبكات العصبية تستطيع تزوير جميع الأدلة الجنائية، من الأدلة الفيزيائية والأدلة الحيوية والأدلة المتتبعة وحتى الأدلة الاليكترونية وكل ذلك يزداد تعقيداً واتقاناً يوما بعد يوم.

الوعي: في ظل هذه التقنيات يجب توعية المستخدمين بعدم الثقة في أي مقطع مصور أو صوتي أو حتى مكالمة هاتفية بصوت شخص يعرفه لأنها ربما تكون غير حقيقية ومختلقة!

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

تحديات البحث الجنائي وعلم الأدلة الجنائية

أمام كل هذا التطور التقني بالمحاكاة للسلوك البشري، ظهرت التحديات أمام خبراء الأدلة الجنائية، فكيف سيفرق الخبراء بين الحقيقي والمزور؟!

إن الخطر الأبرز في قدرة هذه التقنية، هو تبديد الخط الفاصل بين الحقيقي والزائف تقريباً، وتزويد المجرمين بأدوات فعالة وغير مكلّفة.

لذا فالاعتماد على الطرق التقليدية لم يعد يصلح في ظل هذه الطفرة التقنية لمفهوم التزييف العميق، فكان من الواجب تطوير أدوات البحث والتعرف والتعلم على التقنيات الحديثة والاعتماد على الأدوات المضادة من أدوات الذكاء الاصطناعي الحديثة.

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

التطبيقات المضادة لا يفل الذكاء الاصطناعي إلا الذكاء الاصطناعي

من الصعب التعرف على الأدلة التي تزويرها بواسطة تقنيات الشبكات العصبية والذكاء الاصطناعي، لكن ليس من المستحيل، فكلما تطوّرت تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن تطوير تقنيات أخرى تعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي لكشف الاستنساخ والتزييف، فكما يقال لا يفل الحديد إلا الحديد، فلا يفل الذكاء الاصطناعي إلا الذكاء الاصطناعي

فمثلاً الآن تتوفر تطبيقات لكشف المحتوى المكتوب من خلال تطبيق “شات جي بي تي”، وتحديد النسبة المئوية لهذا المحتوى، وكلما تطور التطبيق في صياغة العبارات والمحتوى ستتطور التقنيات المرتبطة بكشفه

حاليًّا يتم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في شن هجمات سيبرانية، وفي هذه الحالة تتم المواجهة بأنظمة دفاعية تعمل من خلال نفس تقنيات الذكاء الاصطناعي لمواجهة الهجمات

WhatsApp Image 2023 12 16 at 11.52.26 AM

الذكاء الاصطناعي بتقنيات الشبكات العصبية

خبير فني أم خبير تقني

في ظل هذا التزييف العميق والمعقد عبر هذه التقنيات الحديثة، نجد كخبراء ومتخصصين في علوم التقنيات البرمجية، أنه لم يعد من الممكن الاعتماد على الخبراء الفنيين التقليدين في كشف الأدلة الجنائية، بل يجب الاعتماد على خبراء أكثر تطوراً في المجال الهندسي التقني، نسبة لأن أدوات التزوير للأدلة متغيرة ومتطورة بصورة معقدة وسريعة تفوق تصور الخبير التقليدي، وليست خاضعة للصورة النمطية التقليدية التي يعتمد عليها الخبراء التقليديون، فهي تحتاج لتحديث ومتابعة لتطور التقنيات أول بأول، وهذا التطوير ربما يحدث كل يوم تقريباً!

لذا، فيجب توظيف خريجي مجالات البرمجيات والأمن السيبراني وخبراء تقنيات الذكاء الاصطناعي والشبكات العصبية في مجال البحث والأدلة الجنائية.

إن الأمر في اثبات الأدلة المزورة عبر هذه التقنيات أصبح مثل ما تحيله المحكمة من طلب شهادة طبية من خبير طبي في اثبات أو نفي دليل طبي ما، كخبير تقني متخصص وليس كخبير فني في الأدلة النمطية.

*استشاري وخبير تطوير النظم البرمجية والإدارية

badrmedia@dewsoft.net

ربما يعجبك أيضا