أكثر أشكال الغباء انتشارًا

رؤية
أشكال الغباء البشري

كتب – محمد مصطفى 

الغباء الذي نتناوله هنا هو الغباء الكارثي والمستمر. وفي عام 1976، نشر أستاذ التاريخ الاقتصادي في جامعة كاليفورنيا كارلو شيبولا مقالًا يبرز القوانين الأساسية لقوة يعدها التهديد الأكبر للوجود الإنساني، ألا وهي: الغباء.

السؤال النقدي: ما هو أكثر أشكال الغباء انتشارًا؟
قد يستفزنا للتفكير في الإجابة بيت أخير من قصيدة للعزيز ريلكه، الشاعر والروائي النمساوي: “عندما تكون السعادة شيئًا يسقط (منا)”؛ في هذا البيت يتحدث عن السعادة بوصفها شيئًا يسقط منا، نملكه ولا ندرك وجوده!
وكان مولانا جلال الدين الرومي أكثر استفزازًا في رباعياته، وكتب تحت عنوان “الحماقة”:
في زقاق الوهم
بجانب النهر ترقد عطشان
ثقيلًا قرب الكنز، ملعونًا
وتموت فقيرًا
نولد جميعًا سعداء أكثر أوقاتنا حتى عمر السابعة! ربما لو تُركنا لطبيعتنا التي ولدنا بها… لكنّ شيئًا ما طرأ على هذه الطبيعة الإنسانية، ولنا أن نسأل: ما هو؟
لن نذهب بعيدًا لسؤال السيد المسيح، كما فعل لوركا شاعر إسبانيا:
وسأذهب بعيدًا جدًّا،
أبعد من تلك التلال،
أبعد من البحار،
قرب النجوم،
لأسأل السيد المسيح
أن يعيد إليّ
روحي الطفلة الغابرة.
ولن نكتفي بالغناء في “ليالي الحلمية”: “ليه يا زمان ما سبتناش أبريا”.
كما نتحفظ على إيجاز ديستويفسكي: “لا تكبر، إنه فخ”.
شيء ما خطأ، كارثي غبي، وراء تعاسة ومعاناة البالغين من البشر.

دائرة الغباء

قصة هذه الدائرة تبدأ ببرمجة مسبقة خضعنا لها جميعًا، وعندما تمر أول 10 سنوات من عمرنا نكون قد بدأنا العمل بنجاح على إنكار ذاتنا وأرواحنا وبناء “الأنا البديلة” الزائفة. وكلما اشتدت خيانة الذات/الروح التي يضطر الأطفال إلى ممارستها تقاقم معها أيضًا ما ينالهم من الضرر.

والتكرار المزمن لهذا الإنكار والتجاهل، كون لدينا ما يشبه العَرَض القهري لدائرة نشطة لا تتوقف عن العمل… نعيش ونفكر في إطارها ونعاني داخلها! وهذا أكثر أشكال الغباء انتشارًا!

بإمكانك ملاحظة أن 80% أو 90% من تفكيرنا هو تفكير قهري في الزمن المستقبل والزمن الماضي، وهو تفكير مشوش ومنتج لكثير من الألم والمعاناة!

قد يتوقف عمل هذه الدائرة (مؤقتًا) تحت تأثير الكحوليات أو المخدرات، و عند المرور بتجارب استثنائية.

فاصل تقني

دائرة الغباء النشطة هذه هشة وزائفة، ويمكن كسر هذه الدائرة بمجرد التوقف ومراقبتها من نقطة ما خارجها، وأنت منفصل عنها. والحس النقدي يساعد كثيرًا للتنبه إلى دائرة الذات البديلة، والتعرف على حدودها.

معظم الناس الذين يعتنقون أحد الآراء لا يفككونه، ولا يعرفون حتى من أين أتى. ليس لديهم الانتباه أو اليقظة النقدية للتحليل الذاتي وفهم كيفية برمجتهم.

توقف وراقب: إن فينا جزءًا موجودًا في مكان ما في الذات يستطيع أن ينظر إلى حالنا عن بعد، وهو منفصل عنها، يراقب ويشهد على ما يحدث في حياتنا، وهذا سرنا الصغير.

شيء من التفكير الناقد سيكون كافيًا لاستعادة ذاتنا الحقيقية، وهى شيء من الله فينا جميعًا. وهذا خبر جيد كما قدمه لنا نيل دونالد والش:

ستبكون فرحًا
ستبكون، لأنكم قابلتم أرواحكم.

نضع النقاط
1. نحن نعاني ليس بسبب ما لا نملكه، بل بسبب أننا نسينا ما نملك.

2. في كل كائن بشري مخزون من القوة لا حدود له، وهذا المخزون يستطيع التغلب على أية مشكلة في العالم.

3. تعرف السعادة الواقعية الدائمة طريقها إلى حياتك، في اليوم الذي تدرك فيه أن القوة هذه تستطيع أن تحل مشكلتك، وتعالج جسمك، وتحقق لك ازدهارًا يفوق أحلامك.

ملحق شعري

غيبوبة غبا
انتباه
غيبوبة غبا
دوامة وهم
تأخذك بعيدًا بعيدًا
عن المهم
..
انتباه
توقف واسأل،
مع أصدقاء ستة:
ماذا؟ لماذا؟
متى؟ أين؟
كيف؟ ومن؟
وننتهي بيبي
نبتدي بيبي وننتهي بيبي
نعود لطبيعتنا الباسمة
لماذا ننتظر هكذا طويلًا؟
لاستعادة روح طفلة غابرة؟

ربما يعجبك أيضا