«البحر الأحمر سيكون مقبرتكم».. مؤشرات تكشف عن فشل مبادرة «حارس الرخاء» الأمريكية

هل تنجح المبادرة الأمريكية «حارس الرخاء» في صد هجمات الحوثيين؟

شروق صبري
مبادرة أمريكية لمواجهة تهديدات الحوثي في البحر الأحمر

قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، إن واشنطن وتحالف من 11 دولة أخرى سيحمون البحر الاحمر، تحت مظلة عملية "حارس الرخاء"، فهل ستنجح المبادرة؟


تعد الخطة الأمريكية للحد من الهجمات على السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر هي أحدث خطوة في انحدار الشرق الأوسط إلى صراع متعدد الجبهات يضع واشنطن وحلفائها في مواجهة شبكة إيران الإقليمية.

وقد انطلقت عملية “حارس الرخاء وسط تساقط مستمر لهجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ والهجمات البحرية ضد السفن التجارية في البحر الأحمر قبالة الساحل اليمني، والتي شنتها جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران، والتي تخوض حربًا مع الغرب منذ عام 2014.

«حارس الرخاء»

قالت مجلة نيوزويك الأمريكية، أمس الجمعة 22 ديسمبر 2023، أن الولايات المتحدة ستقوم بمعظم الأعباء الثقيلة. خاصة أن الشركاء العرب الإقليميين الرئيسيين كانوا مترددين في الانضمام، وكذلك بعض الدول مثل هولندا والنرويج، لم تلتزم إلا بعدد قليل من الأفراد ولم ترسل أي سفن.

يأتي هذا الارتفاع في نشاط الحوثيين ردًا على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث تعمل القوات الإسرائيلية على القضاء على جماعة حماس. لذلك لم يظهر الحوثيين أي مؤشر على تخفيف هجماتهم، وقال وزير دفاع الحوثيين اللواء محمد ناصر العطا في هذا الأسبوع، بحسب ما نقلت عنه وكالة تسنيم الإخبارية الإيرانية: “لدينا القدرة على إغراق أسطولكم وغواصاتكم وسفنكم الحربية، البحر الأحمر سيكون مقبرتكم”.

غزة

غزة

ضرب مواقع عسكرية

قال مدير معهد دراسات الحرب المستقبلية التابع للكلية الحربية البحرية الأمريكية، سام تانجريدي، لمجلة نيوزويك، لن يتوقف الحوثيون حتى يتم استهداف منصات إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار، وسيتطلب الأمر جهدا مكثفًا أكثر لاستهداف تلك المواقع، لكنها ستكون عملية أقصر وأكثر فعالية.

وقال مسؤول في البنتاجون لمجلة نيوزويك إنه لم تكن هناك هجمات على الشحن منذ أن أعلن أوستن بدء عملية حارس الرخاء يوم 18 ديسمبر 2023، مشيرًا إلى سياسة وزارة الدفاع “طويلة الأمد” التي تهدف إلى “حماية الأمن التشغيلي”.

حماية السفن التجارية

عملية “حارس الازدهار” في مراحلها الأولى، وغير واضح كيف ينوي التحالف حماية السفن التجارية في مرمى الحوثيين، فقد اعترضت السفن الحربية الأمريكية والفرنسية والبريطانية طلقات متعددة من الطائرات بدون طيار والصواريخ الحوثية خلال الأسابيع الأخيرة. وستكون قدرات الدفاع الجوي بعيدة المدى لهذه السفن البحرية الحديثة أساسية لضمان سلامة الشحن.

وقال تانجريدي: “ربما يتم توفير الدفاع الجوي للسفن الفردية بغض النظر عن مكان عبورها في البحر الأحمر”، مضيفًا أن هذا النهج سيكون أرخص بالنسبة لشركات الشحن، وأكثر تكلفة بالنسبة للحكومات، وربما يكون نظام القوافل أكثر اقتصادا حيث تقوم مدمرة واحدة بمرافقة قافلة صغيرة من السفن التجارية.

نظام القوافل

أوضح تانجريدي أنه سيتعين على السفن التجارية انتظار انضمام السفن الأخرى، ربما خارج قناة السويس مباشرة أو في بحر العرب، والبقاء في الداخل، مسافة قريبة نسبيًا من الدفاع الجوي للمدمرة المغطاة (ربما مسافة ميل منفصل) بالإضافة إلى وسائل الدفاع الحربية الإلكترونية للمدمرة.

وأشار تانجريدي إلى أن واشنطن  اتبعت نهجا مماثلا في الخليج العربي في “حرب الناقلات” في الثمانينيات، وهي أحد عناصر الحرب المدمرة بين إيران والعراق، موضحا أن “السفن معًا ستخلق هدفًا أكبر، لكنها ستوفر أيضًا دفاعًا أكثر فعالية”.

السفن التجارية

رأى تانجريدي أنه “صاروخ SM-2 التابع للبحرية الأمريكية  يمكنه حماية السفن التجارية على مسافة ما، لكن الصاروخ الباليستي يمكن أن يتجاوز مداه، فخلال مواجهة غواصات “يو” في الحربين العالميتين، فُقِد عددًا من السفن عندما أبحرت بشكل فردي أكثر مما فقد في القوافل، ورغم أن الوضع ليس مشابهًا تمامًا، لكن القوافل شيء يجب أخذه في الاعتبار.

وقال تانجريدي إن الاعتماد على SM-2 يؤدي إلى دفع مشروع قانون كبير للتحالف، إذ يكلف كل صاروخ حوالي 2.5 مليون دولار، وهو أغلى بكثير من الذخائر التي يطلقها الحوثيون، إنها مبادرة مكلفة للغاية من حيث التكلفة مقابل تكلفة صواريخ الحوثيين أو طائراتهم المسيرة.

تآكل قدرات البحرية

أشار تانجريدي إلى أنه سوف يؤدي العمل في البحر الأحمر أيضًا إلى تآكل قدرات البحرية التي تكافح بالفعل لمواجهة تحديات تجدد تنافس القوى العظمى، خاصة مع روسيا والصين، حيث أن واشنطن بحاجة إلى الحفاظ على قوتها البحرية والعسكرية لمواجهة التهديدات التي يمكن أن تقتلها، وليس فقط التي تزعجها.

وأضاف: لقد تم استثمار البحرية الأمريكية  بشكل غير كاف، وأهدرت الموارد الدفاعية في “حروب الاختيار” في العراق وأفغانستان، ويتعين عليها أن تكون مستعدة لخوض حروب الضرورة، فهي لا تشتري ما يكفي من الصواريخ، أو السفن بشكل عام، لردع الحرب عبر مضيق تايوان لفترة طويلة.

أمن البحر الأحمر

أمن البحر الأحمر

ضربات داخل اليمن

فيما يتعلق بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تضع خططاً لضربات صاروخية محتملة على أهداف الحوثيين داخل اليمن، قال المسؤول في مجلس الأمن القومي، مايكل ألين، إن الخسائر التي سيجنيها بايدن من الضربات ستكون موت أي مواطن أمريكي في البحر الأحمر، سواء كان عسكريًا أو مدنيًا.

وأضاف، إذا تمكن الحوثيون من إطلاق النار وضرب إحدى المدمرات الأمريكية في حال فشل الدفاع الصاروخي، أو حدث شيء ما، فسيكون هناك جحيم أكبر، فيما أشار تانجريدي إلى أن عملية القرصنة ضد الحوثيين دون مهاجمة نقاط انطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار ستكون محدودة بطبيعتها.

الذهاب إلى موانئهم وتدميرها

أوضح تانجريدي أن هناك درسا آخر من التاريخ وهو  قمع القرصنة العالمية في القرنين السابع عشر والتاسع عشر، وجدت قوات مكافحة القرصنة أنه يمكن حماية قوافل السفن ومحاربة سفن القراصنة في أعالي البحار، لكن ذلك لم ينه القرصنة بشكل عام. لقد انتهت القرصنة عندما قامت الدول بإرسال قوات إلى موانئ القراصنة وتدمير البنية التحتية لدعم القرصنة.

وقال تانجريدى إذا كنت تريد إنهاء القرصنة، فعليك الذهاب إلى موانئهم وتدمير البنية التحتية التي تدعمهم، وبالتالي سينتهي بك الأمر إلى إيذاء أولئك الذين يبيعونهم الوقود، وأولئك الذين يستفيدون من الفدية أو البضائع المسروقة، وأولئك الذين يبيعونهم سيارات بي إم دبليو.

وأضاف تانجريدى أن استهداف الطائرات بدون طيار أو الصواريخ واحدة تلو الأخرى في البحر الأحمر لن ينهي التهديد، ولا أعتقد أن الحوثيين سيتوقفون عندما ينتهي الصراع في غزة، وربما يكونون أكثر جرأة. والأمر أشبه بكوريا الشمالية، فهم يخشون أنهم إذا توقفوا عن إطلاق الصواريخ التجريبية على بحر اليابان، فسوف ينسى الجميع مطالبهم ولن يعودوا يعتبرونها قوية.

ربما يعجبك أيضا