حدود الرد الإيراني على هجوم دمشق.. استمرار حروب الظل بوتيرة أشد

إيران تبحث عن خيارات متوازنة للرد على إسرائيل

يوسف بنده

كان خطاب خامنئي مركزًا على عدم إخراج قضية غزة من الرأي العام الدولي والحفاظ على معادلة عدم المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل، بالالتزام بسياسة الصبر الاستراتيجي مع عدم إغفال ضرورة الرد.


يبدو أن هناك حالة إجماع بين المسئولين في إيران على ضرورة الرد على الهجوم الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق، يوم الأحد الماضي 1 إبريل 2024.

لكن تكشف تصريحات المرشد الأعلى في إيران، على خامنئي، خلال لقائه أول من أمس الثلاثاء 3 إبريل 2024، مع رؤساء السلطات الثلاث، أن الرد الإيراني يجب ألا يكون في حسابات العدو، لكن العملية قد وضعت طهران في حرج، لأنها ليست الأولى، وهو ما يلزمها بالرد للحفاظ على هيبتها داخليًا وخارجيًا.

اقرأ أيضًا: قصف القنصلية الإيرانية.. خامنئي يتوعد بالرد وروسيا متهمة بالتواطؤ مع إسرائيل

استهداف قنصلية إيران في دمشق 2

السفارة الإيرانية في دمشق تتلقى التعازي في ضحايا الحرس الثوري

الحفاظ على الصبر الاستراتيجي

كان خطاب خامنئي للرؤساء الثلاث مركزًا على عدم إخراج قضية غزة من الرأي العام الدولي، أي يجب الحفاظ على معادلة عدم المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل، بالالتزام بسياسة الصبر الاستراتيجي مع عدم إغفال ضرورة الرد.

ويبدو أن إيران لا تريد خسارة المكاسب التي حققتها منذ اندلاع عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، إذ أضرت هذه العملية بالتوازن الإقليمي لصالحها، ولذلك قال خامنئي: “الحسابات الإقليمية وأوضاع جبهة المقاومة والجبهة الأخرى قد تغيرت بعد طوفان الأقصى، وستتغير أكثر في المستقبل”.

استهداف قنصلية إيران في دمشق 1 1

مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق

احتضار حكومة إسرائيل

تتعامل إيران مع حكومة إسرائيل على أنها في حالة احتضار، وأن أية مواجهة مباشرة بمثابة طوق نجاة لها، خاصة أن حكومة رئيس الوزراء، نتنياهو، هدفت من وراء عملية استهداف القنصلية الإيرانية الضغط على إدارة الرئيس بايدن الأمريكية التي دخلت في خلاف مع تلك الحكومة.

ولذلك، نجد الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، خلال تلقيه اتصالًا هاتفيًا من نظيره السوري، أمس الأربعاء يقول: إن “هذا العمل الإجرامي مؤشر على عمق اليأس والعجز لدى الكيان الصهيوني“.

كذلك، قال خامنئي: إن “وحشية الكيان الصهيوني في ارتكابه المجازر بحق النساء والأطفال الأبرياء ناتجة عن عجزه أمام مجاهدي المقاومة، من المؤكد ستستمر هزيمة الصهاينة وإن محاولاته اليائسة مثل تلك التي قام بها في سوريا لن تنقذه من الهزيمة، وبالطبع سيتلقى الصفعة جراء هذا الاجراء“.

اقرأ أيضًا: مهمة صعبة.. من ينتقم لإيران بعد استهداف قنصليتها؟

استهداف قنصلية إيران في دمشق 1

مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق

حدود الرد

يبدو أن جبهة المقاومة ستظل الخيار الأفضل بالنسبة للرد الإيراني، بما يحافظ على معادلة عدم المواجهة المباشرة والاستمرار في سياسة “حروب الظل”، ولذلك قال الرئيس الإيراني، خلال كلمته في مراسم “منبر القدس”، أمس الأربعاء: “سيعاقب النظام الصهيوني الغاصب على يد رجال جبهة المقاومة وسيندمون على هذه الجريمة وأمثالها“.

كذلك خلال مكالمته مع الرئيس السوري، قال رئيسي: “لا شك أن هذا الكيان وحماته سيلقون جزاء عملهم القبيح جراء هذه الجريمة الإرهابية والجرائم الوحشية في غزة وان معاقبة المتورطين في هذه الجريمة حتمية ولا تقبل التغيير“.

ما يعني أن إيران مُصرة على مُعاقبة إسرائيل، لكن سيكون ذلك في إطار الرد المتوازن بما لا يفتح الباب لسيناريوهات لم تكن في حسابها، منها اتساع دائرة الحرب في المنطقة.

كذلك وكما كشفت صحيفة “آرمان أمروز” الإيرانية، اليوم الخميس 4 إبريل، فإن الاتصالات التي تمت من جانب واشنطن تجاه طهران، بعد الهجوم على قنصلية دمشق، تشير إلى أن إيران لن تهاجم أهدافًا أمريكية بما يقنع الولايات المتحدة الأمريكية بمساندة إسرائيل في مواجهة إيران.

القوة العسكرية بين إيران وإسرائيل في 2024 1

ولا يُستبعد أن تكون طهران قد ناقشت مع واشنطن حدود ردها المتوقع على ضربة إسرائيل، بما يحفظ لإيران ماء وجهها وكذلك يحفظ لعبة التوازنات التي تصر عليها واشنطن من استمرار محادثاتها النووية مع طهران.

أيضًا، ذهاب إيران إلى مجلس الأمن وإن لم تحصل على ما يرضيها هناك، لكنها تسعى للحفاظ على صورتها أمام القانون الدولي، وهو سيجعلها تسعى وراء رد لا يلزمها بأية مسئولية قانونية، خاصة أن إسرائيل لم تعترف أيضًا بالوقوف وراء حادثة دمشق.

لذلك، وإن كانت السفارات والقنصليات الإسرائيلية تحيط إيران في تركمانستان وأرمينيا وأذربيجان وكردستان العراق، لكنه من المستبعد استهداف أية قنصلية إسرائيلية إذا كان الرد الإيراني سيأتي سريعًا، فإن طهران لا تريد الانتقال إلى صورة الجلاد في عين المجتمع الدولي.

استهداف قنصلية إيران في دمشق 3

لافتات في طهران تدعو للانتقام من تل أبيب وبجانبها صور خمسة من قيادات الجيش الإسرائيلي

حروب الظل

على منصة إكس، اليوم الخميس 4 إبريل 2024، نشر خامنئي، تغريدة باللغة العبرية، قال فيها: “بعون الله، سنجعل الصهاينة يندمون على جريمة عدوانهم على القنصلية الإيرانية في دمشق“، ما يعني أن طهران لن تتأخر في عمليات الرد، ومن المُحتمل أن تتزامن غدًا الجمعة مع احتفالات “يوم القدس” في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان من كل عام.

كما أن الحرس الثوري الإيراني، وحسب وكالة “تسنيم” الإيرانية، قد أعلن أمس الأربعاء، أنه سيشيع ضحاياه في الهجوم على القنصلية الإيرانية بدمشق، في ذلك اليوم.

إنفوجراف| بعد اغتيال زاهدي.. أبرز الغارات الإسرائيلية في سوريا

إنفوجراف| بعد اغتيال زاهدي.. أبرز الغارات الإسرائيلية في سوريا

وعقب هجوم دمشق، أعلنت فصائل مسلحة عراقية، استهداف قاعدة تل نوف الجوية في إسرائيل بواسطة الطيران المسيّر، ما يعني أن إيران ستستمر عبر ميليشياتها (حرب الظل) ضرب الأهداف الإسرائيلية، ولكن بوتيرة أشد، خاصة أن إسرائيل قد تضررت بشدة من ضربات الفصائل العراقية واليمنية لميناء إيلات، ويمكن أن يشمل الرد الإيراني أهداف داخل الأراضي المحتلة أو منطقة الجولان أو المياه الدولية أو تصفية قادة عسكريين.

واستمرار حرب الظل بوتيرة أشد جاء راحة على لسان المتحدث باسم الحرس الثوري، رمضان شريف، الذي قال: “سنشهد قريبًا ضربات أكثر فتكًا ضد إسرائيل وجبهة المقاومة ستقوم بواجبها“، مشيرًا إلى أن جميع المسؤولين أعلنوا قبل أيام، أن الانتقام لشهداء القنصلية الإيرانية في سوريا أمر مؤكد.

ربما يعجبك أيضا