ثأرًا لسليماني.. اتهام لإيران بمحاولة اغتيال مسؤول أمريكي بارز بإدارة ترامب

وجهت وزارة العدل الأمريكية اتهامات جنائية لأحد عناصر الحرس الثوري الإيراني بدعوى التخطيط لاغتيال جون بولتون، مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب.

ورجحت الوزارة في بيان، أمس الأربعاء 10 أغسطس 2022، أن المؤامرة المزعومة كانت انتقامًا من الضربة الجوية التي قتلت قائد الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في يناير 2020، لا سيّما أن قادة التنظيم الذي تصنفه واشنطن إرهابيًا، توعّدوا بالثأر.

مؤامرة اغتيال إيرانية

قال ممثلو الادعاء العام إن شهرام بورصافي، 45 عامًا، حاول اعتبارًا من أكتوبر 2021 تنفيذ عملية قتل بولتون بالعاصمة واشنطن أو ماريلاند، مقابل دفع 300 ألف دولار لشخص بالولايات المتحدة. وأدرج مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)  بورصافي على لائحة المطلوبين باللغتين الإنجليزية والفارسية، لاتهامه بالتخطيط لاغتيال مستشار الأمن القومي السابق.

وفي الوقت نفسه، كان وزير الخارجية السابق، مايك بومبيو، هدفًا أيضًا للمؤامرة الإيرانية، وفق ما نقلته شبكة “سي إن إن” عن مصدر بإنفاذ القانون الفيدرالي قالت إنه مطلع على التحقيق، وآخر مقرب من بومبيو.

وشغل بومبيو، أحد أهم صقور الإدارة الأمريكية الذين تستهدفهم إيران، منصب وزير الخارجية في إدارة ترامب وقت الغارة التي قتلت سليماني. وقال مصدر مقرب منه لـ”سي إن إن” إن وزارة العدل أبلغته مباشرة، الأربعاء الماضي، بأنه كان الهدف الثاني لمؤامرة اغتيال تابعة للحرس الثوري الإيراني.

صور ودليل بالفيديو

بحسب لائحة الاتهام، اتصل بورصافي، المعروف أيضًا باسم مهدي رضائي ولا يزال طليقًا، بمقيم في الولايات المتحدة كان يعمل سرًا مخبرًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي، وطلب منه أن يلتقط صورًا لبولتون من أجل كتاب كان يكتبه.

وقدم المقيم، الذي لم يُكشف عن اسمه، بورصافي إلى شخص آخر باستخدام منصة لتبادل الرسائل المشفرة، وطلب منه لاحقًا قتل بولتون وتقديم دليل بالفيديو على تنفيذ العملية التي اقترح بورصافي أن تُنفذ بسيارة، ثم أمره بفتح حساب بعملة رقمية، وأعطاه عنوان بولتون، طالبًا منه تنفيذ الخطة قبل الذكرى السنوية الأولى لمقتل سليماني.

مؤامرة قتل عابرة للحدود

في نوفمبر 2021، سافر المخبر إلى واشنطن، وأرسل إلى بورصافي صورًا التقطها لمكتب بولتون وأوصاف المبنى، مقابل 5 إلى 10 آلاف دولار، في حين يُزعم أن بورصافي قال إنه يجب تنفيذ عملية القتل في مرآب المبنى، لأنه منطقة مزدحمة.

واتُهم بورصافي كذلك باستخدام مرافق التجارة بين الولايات في ارتكاب جريمة القتل مقابل أجر، التي تصل عقوبتها إلى السجن 10 سنوات كحد أقصى، ومحاولة تقديم دعم مادي لمؤامرة قتل عابرة للحدود، تصل عقوبتها إلى السجن 15 عامًا، وفق “سي إن إن.”

بولتون بعد إحباط مخطط اغتياله: قادة إيران إرهابيون

شكر بولتون الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب بين إبريل 2018 إلى سبتمبر 2019، وزارة العدل الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي والخدمة السرية على جهودهم لإحباط مخطط اغتياله.

وقال: “يوجد أمر واحد لا جدال فيه.. قادة إيران كذابون وإرهابيون وأعداء للولايات المتحدة. أهدافهم الراديكالية المعادية لأمريكا لم تتغير، والتزاماتهم لا قيمة لها، وخطرهم العالمي آخذ في الازدياد”.

محرج من محاولة اغتياله بمبلغ منخفض

وفي حديث مع مراسل الشبكة الأمريكية، وولف بليتزر، مساء أمس الأربعاء، قال بولتون ساخرًا إنه محرج من المبلغ المنخفض الذي حددته إيران لتدبير مخطط اغتياله، مشيرًا إلى أنه لم يكن على علم باستهداف بومبيو أيضًا، لكنه لم يُفاجأ.

وقال مستشار الأمن القومي السابق إنه كان على علم منذ فترة طويلة بأنه مستهدف من إيران، لكنه لم يكن على دراية بتفاصيل مؤامرة الاغتيال إلا من الوثائق التي أصدرتها وزارة العدل، متوقعًا استهداف النظام الإيراني لأمريكيين عدة آخرين.

وهم مزعج

كان بولتون محافظًا متشددًا، ودعا في السابق إلى تغيير النظام بإيران، كما دعم قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي، كذلك دعا بايدن لإنهاء مساعي العودة للاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018، عندما كان بولتون مستشارًا للأمن القومي.

وقال بولتون لمراسل “سي إن إن” إن “الأنشطة الإرهابية للنظام الإيراني ليست سوى جانب من جوانب برنامج أسلحته النووية، والاعتقاد بأن هذا النظام من شأنه أن يلتزم بأي شيء مجرد وهم مزعج”.

عنصر محوري بإدارة ترامب

في ما يتعلق بمحاولة استهداف بومبيو، قال السفير الأمريكي السابق، جيم جيفري، الذي شغل منصب الممثل الخاص لسوريا ومبعوث للتحالف الدولي لهزيمة داعش في عهد بومبيو، إنه بالنظر إلى سجل الاغتيالات الإيرانية في أوروبا، والاغتيالات التي جرى إحباطها، ينبغي أن تؤخذ التهديدات على محمل الجد.

وأضاف أن بومبيو كان محوريًا في استراتيجية إدارة ترامب، لا سيّما المتعلقة بمواجهة إيران، بصفته مديرًا لوكالة المخابرات المركزية، ووزيرًا للخارجية.

تهديدات إيرانية وحماية أمريكية

لا يزال مسؤولون أمريكيون عديدون، حاليون وسابقون، يتلقون تهديدات من الحرس الثوري الإيراني، وفق مصدر قالت “سي إن إن” إنه مطلع، والذي شدد على أن الحكومة الأمريكية توفر الأمن والحماية لهؤلاء المستهدفين.

وأضاف المصدر أن يوجد عدة مؤامرات للحرس الثوري الإيراني قيد التحقيق، بما في ذلك تهديدات ضد قادة عسكريين كبار يمكن اعتبارهم مكافئين لسليماني، مشيرًا إلى محاولة فصائل متنافسة داخل التنظيم تنفيذ مؤامرات اغتيال أخرى، بما يعني أن محاولة اغتيال بولتون وبومبيو لن تكون الأخيرة.

إيران تنفي: اتهامات مفبركة

نفت إيران الاتهامات بشأن التخطيط لاغتيال مسؤولين أمريكيين في إدارة ترامب، واصفة إيّاها بالمفبركة وذات دوافع سياسية، وعارية تمامًا عن الصحة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، في بيان أمس الأربعاء، إن السلطات القضائية الأمريكية وجهت اتهامات دون تقديم أدلة صحيحة ووثائق لازمة.

وزعم كنعاني أن هذه الادعاءات لها أهداف ودوافع سياسية، محذرًا من أي عمل ضد المواطنين الإيرانيين بحجة هذه الاتهامات، حسبما أوردت وكالة أنباء “إرنا” الإيرانية.