ماذا تكشف ميزانية الدفاع عن حالة الجيش الأمريكي؟

صحيفة: ميزانية الدفاع تشير إلى أن الجيش الأمريكي في حالة تراجع منظم

آية سيد

بينما يعتقد بايدن أن هذه لحظة مناسبة لتقليص الدفاعات الأمريكية، وتقول الإدارة إنها تمتثل لسقف الميزانية الذي جرى التفاوض عليه مع الكونجرس العام الماضي، غابت عنهم بعض الأولويات.


طرح الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أول من أمس الاثنين 11 مارس 2024، ميزانية الدفاع لعام 2025، بزيادة 1% فقط عن العام 2024.

وحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، تُعد هذه النسبة تخفيضًا بعد التضخم، ما يشير إلى أن الجيش الأمريكي يشهد حالة من التراجع المنظم، خاصة في ظل التحديات والتهديدات المعقدة التي يواجهها في عدة مناطق على مستوى العالم.

توقيت حرج

أشارت الصحيفة، في مقال رأي لمجلس تحريرها أمس الثلاثاء 12 مارس، إلى أن طلب ميزانية الدفاع بقيمة 850 مليار دولار، يأتي في الوقت الذي تخوض إسرائيل حربًا في غزة، ويطلق وكلاء إيران المسيّرات والصواريخ على القوات الأمريكية في المنطقة، ويهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر.

القوات الأمريكية

الهجمات على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر

ويأتي كذلك في خضم حرب فلاديمير بوتين الدموية في أوكرانيا، التي لا يزال من الممكن أن يربحها، ووسط تصعيد كوريا الشمالية لعدائها تجاه جارتها الجنوبية، التي تلتزم واشنطن بالدفاع عنها، وإعلان الصين عن زيادة قدرها 7.2% في إنفاقها الدفاعي.

أولويات غائبة

بينما يعتقد بايدن أن هذه لحظة مناسبة لتقليص الدفاعات الأمريكية، وتقول الإدارة إنها تمتثل لسقف الميزانية الذي جرى التفاوض عليه مع الكونجرس العام الماضي، غابت عنهم بعض الأولويات.

وحسب وول ستريت جورنال، سيتقلص الجيش الأمريكي، وليس لأن أمريكا تعتمد بدرجة أقل على القوات البرية، التي يرتفع الطلب عليها في أوروبا والشرق الأوسط. فالجيش يطلب 442 ألف و300 جندي، رغم أن إدارة بايدن طلبت 485 ألف في 2022.

لكن العدد المناسب للمهام المطلوبة هو 500 ألف. ولفتت الصحيفة إلى أن تقليص القوة ليس بديلًا لإصلاح المشكلة الأساسية، وهي صعوبة إيجاد مجندين.

القوات البحرية

ستشتري البحرية الأمريكية 6 سفن فقط وتحيل 10 إلى التقاعد مبكرًا، ما سيقلص حجم الأسطول إلى 287 سفينة في 2025 من 296 سفينة اليوم. ولعل الخيار الأكثر فظاعة هو قرار الإدارة شراء غواصة هجومية واحدة فقط من فئة “فيرجينيا”، بدلًا من اثنتين.

وتُعد تكنولوجيا الغواصات الأمريكية درة تاج القوة العسكرية الأمريكية وأفضلية حقيقية على الأسطول البحري الصيني الآخذ في التوسع. لكن القاعدة الصناعية تصارع لإنتاج غواصتين في العام، وتقدم الإدارة قرارها كتنازل أمام هذا العجز.

وأشارت وول ستريت جورنال إلى أن شراء غواصة واحدة يُعد إشارة مفزعة للاستثمار الرأسمالي، ويُخبر الخصوم أن الولايات المتحدة ليست جادة بشأن إعادة التسلح. وتحتاج الولايات المتحدة إلى بناء 2.3 غواصة سنويًا لتلبية احتياجات البحرية مع إمداد الغواصات إلى أستراليا بموجب معاهدة “أوكوس”.

القوة الفضائية

بعد الأنباء المتداولة بشأن خطط روسيا لنشر أسلحة مضادة للأقمار الاصطناعية تهدد الأراضي الأمريكية، تحتاج الولايات المتحدة إلى تنويع وتقوية أقمارها الاصطناعية في الفضاء.

لكن ميزانية بايدن ستخفض قوة الفضاء بمقدار 600 مليون دولار مقارنة بطلب العام الماضي. ووفق الصحيفة، هذا يمثل 2% من ميزانية القوة، في الوقت الذي سيتعين على أفرع القوات المسلحة تمويل زيادة مقترحة في أجور القوات بنسبة 4.5%.

ماذا يعني ذلك؟

لفتت وول ستريت جورنال إلى أن الصورة الأكبر التي تقدمها هذه الميزانية هي أن الجيش الأمريكي في حالة تراجع منظم. ومن المتوقع انخفاض الإنفاق الدفاعي الأمريكي إلى 2.4% من الاقتصاد في 2034، منخفضًا من 3.1% هذا العام، وهي نصف الـ6% التي أُنفقت خلال الثمانينات عندما كانت واشنطن تعيد التسلح لربح الحرب الباردة.

الإنفاق الدفاعي خلال عام 2023

الإنفاق الدفاعي خلال 2023

وستكلف الفائدة على الديون الوطنية أكثر مما تنفقه الولايات المتحدة على الدفاع هذا العام، وستستمر هذه الفجوة في الاتساع. وتمنح الحكومة الفيدرالية أموالًا لحكومات الولايات والحكومات المحلية أكثر مما تنفقه على الدفاع.

فشل الطبقة السياسية

تُعد هذه أولويات لدولة رفاه في وقت السلم، وليس لدولة جادة بشأن الدفاع عن نفسها في عالم ممتلئ بالأعداء والتكنولوجيات الحديثة التي ستعرض الولايات المتحدة لخطر متزايد.

وسيتعين على الكونجرس التعامل مع أوجه قصور الميزانية، ربما في مشروع قانون تكميلي لاحقًا هذا العام. لكن الكونجرس غارق في قدر كبير من الخلل الوظيفي لدرجة أنه عجز عن تمرير مخصصات للبنتاجون للسنة المالية 2024.

واختتمت الصحيفة مقالها بأن الطبقة السياسية في واشنطن تفشل في الوفاء بالتزامها الأهم وهو تغطية تكاليف الدفاع عن الدولة.

ربما يعجبك أيضا