ماذا يحمل اللقاء المرتقب بين بايدن وشي للعلاقات الأمريكية الصينية؟

آية سيد
الولايات المتحدة لا تحتاج إلى احتواء الصين

يأتي اللقاء المرتقب لبايدن وشي في وقت يسوده الشك والعداء المتبادل، ولعل بايدن أكثر رئيس أمريكي أغضب الصين بسبب تايوان في العقود الأخيرة، عندما صرح، في 4 مناسبات منفصلة، بأن الولايات المتحدة ستدافع عن الجزيرة في حالة الغزو الصيني.


أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، سيلتقي نظيره الصيني، شي جين بينج، على هامش قمة مجموعة العشرين.

وتنعقد القمة، غدًا الاثنين 14 نوفمبر 2022، في بالي بإندونيسيا، في وقت يشهد العالم فيه الكثير من المخاطر، ما يجعل الحاجة إلى تعاون واشنطن وبكين، ملحّة، لترسيخ الاستقرار، وفق تحليل لمراسلة شبكة “سي إن إن” في الصين، نيكتار جان.

تدهور العلاقات

لفتت جان في التحليل، أمس السبت 12 نوفمبر 2022، إلى أن العلاقات بين زعيمي البلدين بدأت بداية مبشرة منذ أكثر من 10 أعوام، عندما كانت الولايات المتحدة والصين يتقارب كل منهما إلى الآخر. وفي 2011، عندما كان بايدن نائبًا للرئيس الأمريكي، زار بكين لبناء علاقة شخصية مع الزعيم المنتظر حينذاك، شي جين بينج.

ووصف بايدن مسار العلاقة بأنه “إيجابي، وهو شيء في مصلحة البلدين”، وأعرب عن “تفاؤله الكبير” بشأن العلاقات الثنائية على مدار 30 عامًا المقبلة ومدح شي بأنه “صريح”. وعندما أصبح بايدن رئيسًا للولايات المتحدة، كانت العلاقات الأمريكية الصينية في أسوأ حالاتها منذ عقود، في ظل تصاعد التوترات في التجارة، والتكنولوجيا، والجيوسياسة والأيديولوجيا.

وقت حرج

يأتي الاجتماع المقبل، الذي يُعد أول لقاء شخصي بين الزعيمين منذ تولي بايدن السلطة، في وقت حرج لكلا القائدين. ووفق جان، بعد أن عزز شي سلطته الشهر الماضي، في مؤتمر الحزب الشيوعي، يتجه إلى اللقاء وهو أقوى زعيم صيني بعد ماو تسي تونج.

وفي الوقت نفسه، وصل بايدن إلى آسيا بعد أداء أفضل من المتوقع للحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي الأمريكية. وأخبر بايدن المراسلين بأن نتائج الانتخابات ستجعله “أقوى” في اللقاء المرتقب.

انخفاض التوقعات

تنخفض التوقعات لهذا اللقاء، حسب جان، لأن الصين والولايات المتحدة، تختلفان حول كل القضايا الرئيسة تقريبًا، مثل تايوان، والحرب الروسية الأوكرانية، وكوريا الشمالية، والتكنولوجيا ونمط النظام العالمي. وفي هذا الشأن، قال مسؤول رفيع بالبيت الأبيض، الخميس الماضي، إن بايدن يريد استخدام المحادثات لـ”بناء أرضية مشتركة” للعلاقة.

وحسب المسؤول الأمريكي، فإن الهدف الرئيس للقاء هو إدراك أولويات، كليهما للآخر على نحو أفضل وتقليل التصورات الخاطئة، وهو ما أكده مستشار الأمن القومي الأمريكي، جايك سوليفان، للمراسلين على متن طائرة الرئاسة الأمريكية، عندما ذكر أن الاجتماع لن يثمر عن أي تقدم أو تحول كبير في العلاقات.

تباعُد الأهداف

قال مستشار الأعمال والاقتصاد الصيني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، سكوت كينيدي: “يعتقد الصينيون أن هدف الولايات المتحدة هو كبح الصين كي تتمكن من احتوائها، وتعتقد الولايات المتحدة أن هدف الصين هو جعل العالم أكثر أمانًا للدول الاستبدادية، وطرد الولايات المتحدة من آسيا وإضعاف تحالفاتها”.

ولفت كينيدي إلى أن كل جانب يلوم الآخر على الحالة التي وصلت إليها العلاقات بينهما، ما يحد من احتمالية حدوث تحسن كبير، ولكن الخبراء يقولون إن حقيقة أن القائدين سيعقدان محادثة وجهًا لوجه، تعد في حد ذاتها تطورًا إيجابيًّا.

خطوط حمراء

قال بايدن، في مؤتمر صحفي، الأربعاء الماضي، إنه يريد “تحديد الخطوط الحمراء” عندما يجتمع مع شي، وفي هذا الشأن، قال كينيدي: “لا أعتقد أن واشنطن أو بكين، كانت دقيقة بشأن خطوطها الحمراء. ولا أعتقد أيضًا أن أيًّا منهما كانت واضحة بشأن المكاسب الإيجابية التي ستعود على الطرف الآخر حال عدم تجاوز تلك الخطوط الحمراء”.

وبالنسبة إلى بكين، لا يوجد خط أحمر أوضح من مطالبتها بجزيرة تايوان، وفق جان. ويرى الرئيس شي أن “إعادة التوحيد” مع الجزيرة قضية رئيسة على مسار الصين نحو مشروع “التجديد الكبير”، الذي تعهد بتحقيقه بحلول عام 2049.

التوترات بشأن تايوان

اتهمت الصين الولايات المتحدة تكرارًا بـ”اللعب بالنار” وتقويض سياسة “الصين الواحدة”. ووصل غضب بكين إلى مرحلة الغليان، أغسطس الماضي، عندما زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، تايوان. وردت الصين بإجراء تدريبات عسكرية واسعة النطاق، وأوقفت الحوار مع أمريكا في عدة مجالات.

وحسب جان، من المتوقع أن تأتي تايوان على رأس أجندة الزعيمين في لقائهما المرتقب. ونظرًا للطبيعة الجدلية للقضية، تبادل الجانبان الانتقادات اللاذعة. وفي هذا الإطار، قال بايدن إنه لن يقدم أي “تنازلات جوهرية” لشي، في حين تحدث سوليفان عن خطط لإحاطة تايوان بشأن المحادثات بهدف جعل تايبيه تشعر بـ”الأمن والاطمئنان” للدعم الأمريكي.

القضايا الأخرى

لفتت جان، في تحليلها، إلى أن أجندة اللقاء ستتضمن أيضًا بعض القضايا الرئيسة الأخرى مثل الحرب الروسية الأوكرانية، وفي هذا السياق، قال الخبير بجامعة رنمين، شي ين هونج: “في قضية أوكرانيا، أوضحت الصين موقفها عدة مرات. ولن يتغير بسبب المحادثات مع الرئيس الأمريكي”.

وفي ما يتعلق بكوريا الشمالية، قال أستاذ العلاقات الدولية: “منذ مارس العام الماضي، توقفت الصين عن معاملة نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية كعنصر أساسي في سياستها تجاه شبه الجزيرة الكورية، ولكن عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ، فسوف يؤدي إلى عداء، وتنافس حول الأيديولوجيا والنفوذ العالمي”.

ربما يعجبك أيضا