هجمات 11 سبتمبر.. كيف غيرت طريقة عمل «سي آي إيه»؟

ضابط سابق يوضح التحول الكبير في وكالة الاستخبارات المركزية بعد هجمات سبتمبر

آية سيد
هجمات 11 سبتمبر.. كيف غيرت طريقة عمل «سي آي إيه»؟

جون أتويل: "عندما انضممت إلى السي آي إيه، كان الناس ينضمون لأنهم يريدون أن تصبح الجاسوسية مهنتهم. لكن بعد 11 سبتمبر، أصبحوا ينضمون لأنهم غاضبون مما حدث ويريدون النيل من الأشرار".


كشف ضابط استخبارات أمريكي سابق عن طرق عمل وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) والتغييرات التي مرت بها على مدار العقود الماضية.

وفي مدونة صوتية (بودكاست) نشرها موقع “جراي دايناميكس”، وهي شركة استخبارات بريطانية، تحدث جون أتويل، الذي أمضى 23 عامًا في السي آي إيه، عن التحول الثقافي في الوكالة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، واستعرض آرائه بشأن وكالات استخبارات الحلفاء والخصوم حول العالم.

تغيير الثقافة

انضم أتويل إلى السي آي إيه قبل هجمات 11 سبتمبر 2001. وفي البودكاست، تحدث عن التغيير الذي طرأ على طريقة عمل الوكالة بعد الهجمات.

وأشار أتويل إلى حدوث تحول ثقافي كبير، وقال: “بعد 11 سبتمبر، شهدنا عودة إلى أيام مكتب الخدمات الاستراتيجية عندما بدأت العمليات والضباط شبه العسكريين في كسب المزيد من الانتباه”.

وأضاف: “التحول الأكبر الذي رأيته هو ترقية ضباط شبه عسكريين إلى مناصب أعلى، وبدأوا في ترقية ضباطهم الذين توقعوا منهم القيام بأعمال التجسس التقليدية. لكن في كثير من الحالات عندما عملت معهم أو سلمت لهم مشروعات، لم تكن جذابة لهم بما يكفي، لم يكن بها بارود كافي”.

تحول كبير

تابع أتويل: “لذلك رأيت أن ما نسميها ’الحالات التقليدية‘ تعاني لأن الضباط كانوا مهتمين أكثر بإطلاق النار وتفجير الأشياء”، لافتًا إلى أنه عند مغادرته الوكالة، كان يوجد “ضباط شبه عسكريين بارزين في بعض أهم المناصب حول العالم، وهو تحول كبير”.

وأوضح: “كان معظمهم لديه خبرة ضئيلة في ما يتعلق بعمليات التجنيد البشري. وتدفقت الكثير من الأموال على الوكالة، بسبب التركيز على مكافحة الإرهاب وجهود منع تكرار هجمات على غرار 11 سبتمبر، وهكذا بدأت الوكالة في التغيير”، مشيرًا إلى أن هذا كان أحد أسباب مغادرته للسي آي إيه.

هل تعود الوكالة إلى سابق عهدها؟

بعد انتهاء حقبة مكافحة الإرهاب وتغير نوع التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة، أشار أتويل إلى أنه يرى علامات على وجود جهد داخلي لاستعادة بعض ما فقدته السي آي إيه من ناحية تطوير قدرة أفضل على تنفيذ العمليات التقليدية تجاه الأهداف الاستراتيجية تحديدًا.

السي آي إيه

وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)

وقال: “أنت ترى هذا في الأخبار طوال الوقت، أنت ترى المدير (ويليام) بيرنز يتحدث عن القضايا المتعلقة بالصين وروسيا”. وأضاف: “عندما انضممت إلى السي آي إيه، كان الناس ينضمون لأنهم يريدون أن تصبح الجاسوسية مهنتهم. لكن بعد 11 سبتمبر، أصبحوا ينضمون لأنهم غاضبون مما حدث ويريدون النيل من الأشرار”.

مشكلة جيل

أضاف ضابط الاستخبارات السابق أنه عندما انتهت جهود مكافحة الإرهاب وطُلب من هؤلاء الضباط تنفيذ أعمال مهمة أخرى، كانوا يقولون إنهم ليسوا مهتمين بهذا النوع من الأعمال ويغادرون الوكالة.

وقال أتويل إنه لا يعلم إذا كانت الوكالة ستتعافى من هذا، مشيرًا إلى أنها “مشكلة جيل” لأن الشباب اليوم “لا يركزون على المهنة التي تستمر 30 أو 40 عامًا، وإنما يركزون أكثر على الوظائف، وهذه ديناميكية سنراها إذا عادت الوكالة إلى الأهداف التقليدية”.

الوكالات الأجنبية

تحدث أتويل عن وكالات الاستخبارات الأجنبية، في ضوء تعاون السي آي إيه معها عقب هجمات 11 سبتمبر. وقال إن بعض الوكالات الصغيرة أثارت إعجابه، مثل الاستخبارات السنغافورية، التي تتسم بالاحترافية وتتحدث الإنجليزية بطلاقة وتتمتع بالثقافة والانضباط.

ولفت أيضًا إلى الاستخبارات الكوبية، وقال “لقد كشفنا مؤخرًا عن اختراق آخر على مستوى رفيع في الحكومة الأمريكية من جهاز استخباراتي صغير بموارد محدودة”. وأضاف: “الكثير من أجهزة الاستخبارات الغربية، واستخبارات العيون الخمس، تعمل بالطريقة التي اعتدت عليها”.

استخبارات الخصوم

في ما يتعلق باستخبارات الخصوم، قال أتويل إن الروس كانوا تاريخيًا جهازًا استخباراتيًا من الطراز الأول، وهم يحظون بإعجاب ضباط الاستخبارات الآخرين حول العالم، إلى حد ما بسبب النظام الحكومي الذي يعملون وفقًا له، فهم لا يواجهون نفس القيود واللوائح التنظيمية التي تواجهها المنظمات الغربية الأخرى.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

وتابع: “لذلك يستطيعون العمل في بعض الأحيان بمزيد من الخفة دون مواجهة التحديات المتعددة الموجودة في بعض الجمهوريات الدستورية أو الدول الديمقراطية. البعض سيرى هذا جيدًا والبعض سيراه سيئًا، لكنهم يعملون بطرق نتمنى أحيانًا العمل بها كي نصل إلى الهدف أسرع أو بطريقة أسهل، لكننا  لانستطيع لأن المُثل العليا في مجتمعنا مختلفة تمامًا”.

ولفت إلى أن الإيرانيين يندرجون في نفس هذه الفئة. وقال: “انطباعي عن الصينيين أنه على مدار العقد أو العقدين الأخيرين، كانوا بارعين في بعض الأحيان ويتحسنون أكثر فأكثر ويتعلمون من أجهزة الاستخبارات الأخرى أيضًا”.

الجهات الفاعلة من غير الدول

أشار أتويل إلى أن التهديد الذي تشكله الجهات الفاعلة من غير الدول “مصدر قلق”. وقال: “إننا لا نعلم كيف تعمل شركات الاستخبارات الخاصة”. وضرب مثالًا بالأعمال التي تنفذها مجموعة “بيلنجكات” الاستقصائية باستخبارات المصادر المفتوحة، ما يضعها في رابطة المنظمات التي ترعاها الحكومة.

وأوضح أن العمل الذي يتم باستخبارات المصادر المفتوحة وأدوات الذكاء الاصطناعي والتجسس السيبراني يكشف كيف يستطيع أشخاص يجيدون استخدام الكمبيوتر المحمول تنفيذ أشياء لم يكن يستطيع أحد خارج المنظمات الاستخباراتية تنفيذها منذ عقدين.

وقال: “أعتقد أننا سنرى المزيد من الدول الأقل تقدمًا تتحمل فوق طاقتها، وسنرى المزيد من الجهات الفاعلة من غير الدول قادرة على الاستفادة من هذه الأدوات كي تصبح أكثر تطورًا”.

ربما يعجبك أيضا