شراكات استراتيجية ونظام عالمي بديل.. لماذا تحتفي بعض الدول بفوز بوتين؟

لماذا تنظر بعض الدول لبوتين بطريقة مختلفة عن الغرب؟

آية سيد
شراكات استراتيجية ونظام عالمي بديل.. لماذا تحتفي بعض الدول بفوز بوتين؟

توجد مجموعة من الأسباب تجعل مناطق من العالم تنظر لبوتين بطريقة مختلفة عن الغرب.


فاز الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في انتخابات الرئاسة الروسية، ما يضمن بقاءه في السلطة 6 سنوات أخرى.

وحسب تحليل نشرته شبكة “سي إن إن” الأمريكية، أمس الاثنين 18 مارس 2024، من المرجح أن تعزز النتيجة وجهة النظر في الصين، وبعض الدول غير الغربية الأخرى، بأنها كانت محقة في دعم بوتين.

علاقة وطيدة

في مكالمة هاتفية، هنأ الزعيم الصيني، شي جين بينج، نظيره الروسي، وقال إن إعادة انتخابه “عكست دعم الشعب الروسي”، متعهدًا بأن الصين ستعمل على تعزيز التنمية المستدامة والمتعمقة للشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وفق ما أورد الإعلام الحكومي الصيني.

انتخابات روسيا

نسبة تصويت الروس لبوتين في 5 انتخابات رئاسية

وحسب تحليل “سي إن إن”، خاطر شي بالكثير مقابل علاقته مع بوتين منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، رافضًا التراجع عن الشراكة “غير المحدودة” التي أعلنها مع الرئيس الروسي قبل أسابيع من غزو أوكرانيا، في حين عزز العلاقات التجارية والأمنية والدبلوماسية.

لكن الصين دفعت ثمن ذلك. وبينما ادعت الحيادية، فإن رفضها لإدانة الغزو أثار الشكوك الأوروبية في دوافعها، كما جذب الانتباه إلى مخخطات بكين بشأن تايوان.

أهداف أكبر

أشار التحليل إلى أن موقف الصين مكّن شي من التركيز على أهداف أعمق، فهو يرى بوتين شريكًا أساسيًا في وجه التوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة وفي تشكيل العالم الذي يعتقد أنه خاضع لهيمنة قيم وقواعد وضعتها واشنطن وحلفاؤها.

وكذلك تسمح العلاقة المستقرة مع موسكو لبكين بالتركيز على مجالات الاهتمام الأخرى، مثل تايوان وبحر الصين الجنوبي. وفي هذا الشأن، قال مدير معهد الصين بمدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن، ستيف تسانج: “شي يرى بوتين شريكًا استراتيجيًا حقيقيًا”.

كوريا الشمالية وإيران

إن الزعيم الصيني ليس القائد الوحيد الذي سيرحب بفوز بوتين، وفق التحليل. فزعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، يرى العلاقة الوطيدة مع موسكو فرصة كبرى لتعزيز اقتصاده المتعثر في حين يواصل تطوير الأسلحة في وجه التنسيق المتزايد بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.

بوتين وكيم

بوتين وكيم

وبالنسبة لحكومة إيران المتضررة من العقوبات، التي توسع تعاونها مع روسيا وتزودها بالمسيّرات والذخيرة، فهي تستفيد أيضًا من امتداد عصر بوتين. وكذلك الحال بالنسبة للهند، التي تستفيد من شراء النفط الروسي بأسعار مخفضة.

وتتطلع الحكومات الأخرى في الجنوب العالمي إلى تعزيز شراكاتها مع روسيا، في الوقت الذي تدعم السلام في أوكرانيا وتعاني من الآثار الاقتصادية للحرب.

نظام عالمي بديل

بالنسبة للدول التي ظلت مقربة من بوتين أو تجنبت الجهود الأمريكية لعزله، يضمن فوزه استقرار علاقاتها مع روسيا، واستقرار تكتلات عدم الانحياز للغرب الصاعدة. ولفت التحليل إلى وجود مجموعة من الأسباب تجعل مناطق من العالم تنظر لبوتين بطريقة مختلفة عن الغرب.

وتتمثل هذه الأسباب في صعود القوى الوسطى المستاءة من الهيمنة الأمريكية على الشؤون الدولية، أو الرغبة في نظام عالمي لا يزدري الاستبداديين أو الدول القمعية، أو جوانب اقتصادية بحتة للاقتصادات التي تسعى للتنمية.

وكان الدعم الأمريكي لإسرائيل، خاصة وسط الدمار المستمر في غزة، عاملًا رئيسًا لابتعاد الكثير من هذه الدول، وانتقاد الصين للطريقة التي يُعامل بها الفلسطينيون لاقى أصداءً في معظم أنحاء الجنوب العالمي.

ترقب وحذر

هذا لا يعني أن الدول المرتبطة بروسيا لا تراقب الصراع في أوكرانيا بحذر. وهذا صحيح أيضًا بالنسبة لبكين، أقوى شريك استراتيجي لموسكو. واستخدم شي الحرب في أوكرانيا كمنصة لعرض نظامه البديل للأمن العالمي، في حين تستفيد بكين من تشتت التركيز الأمريكي.

لكن الصين قالت إنها تعمل “بلا كلل” لإنهاء الصراع في حين تسعى لتصوير نفسها كصانعة للسلام. وأرسلت مبعوثها الخاص لأوراسيا، لي هوي، في جولتين إلى روسيا وأوكرانيا ومناطق أخرى من أوروبا للترويج لنهاية متفاوض عليها للصراع.

وفي تصريحات لـ”سي إن إن”، أشار الباحث بجامعة رنمين، وانج ييوي، إلى أن بكين قلقة من التصعيد النووي واحتمالية التدخل المباشر للمزيد من الدول الأوروبية في الحرب، وقال: “إن ما يشغل لي هوي الآن هو كيف تتجنب تصعيد الصراع”. لكن معظم أوروبا ترى أن لي، وغيره من المسؤولين الصينيين، يقدمون خطة تعود نتيجتها بالنفع على بوتين.

ربما يعجبك أيضا