يستعرض مرصد مراكز الأبحاث ملامح الرد الأمريكي على هجوم "البرج 22"، وانعكاسات عزل قائد الجيش الأوكراني، وكيف تستفيد إيران من الحرب الروسية الأوكرانية، ومستقبل العلاقات التركية الأمريكية.
ردًا على مقتل 3 جنود في هجوم على قاعدة أمريكية، ضربت الولايات المتحدة أهدافًا تابعة لجماعات مدعومة إيرانيًا في العراق وسوريا، يوم 2 فبراير 2024.
وفي مرصد مراكز الأبحاث، نستعرض ملامح الرد الأمريكي، وانعكاسات عزل قائد الجيش الأوكراني، وكيف تستفيد إيران من الحرب الروسية الأوكرانية، ومستقبل العلاقات التركية الأمريكية.
رد أمريكا على مقتل جنودها
مرصد مراكز الأبحاث| القصف الأمريكي لوكلاء إيران.. وحوار بوتين.. والعلاقات التركية الأمريكية
قال الباحث غير المقيم بمعهد الشرق الأوسط، محمد حسن، إن الضربات الجوية الأمريكية اختلفت عن الأعمال العسكرية السابقة بعدة طرق. وعلى المستوى العملياتي، كان التحول واضحًا في اختيار الأهداف. ولأول مرة، قصفت الطائرات الحربية الأمريكية أهدافًا عسكرية مرتبطة بميليشيات موالية لإيران في قلب دير الزور.
واتسمت الضربات أيضًا بتغيير في الهدف العام، فهي لم تسع لإيقاع أكبر عدد من الضحايا ولا استهداف قادة الميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق، وإنما سعت لتقويض القدرات العسكرية ومواقع القيادة والسيطرة لتلك الميليشيات، في محاولة للحد من قدرتها على تنفيذ هجمات مشابهة في المستقبل.
إلا أنه توجد عدة عوامل حدت من تأثير الضربات، وفق حسن. أولًا، خسرت واشنطن عنصر المفاجأة عبر الإعلان عن نيتها شن الضربات، ما منح الميليشيات الوقت للاختباء. وثانيًا، لم تستهدف الولايات المتحدة إيران لتجنب توسيع الحرب الدائرة.
وخلص الباحث إلى أن الرد الأمريكي على هجوم “البرج 22” كان أقل حدةً وأكثر تحفظًا من المتوقع، تماشيًا مع استراتيجية التصعيد المحسوبة التي تحكم الصراع بين الولايات المتحدة وإيران.
عزل «الجنرال الحديدي» في أوكرانيا
مرصد مراكز الأبحاث| القصف الأمريكي لوكلاء إيران.. وحوار بوتين.. والعلاقات التركية الأمريكية
رأى المحرر المتخصص في الشأن الأوكراني بالمجلس الأطلسي، بيتر ديكنسون، أن قرار عزل القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية، فاليري زالوجني، يُعد أحد أكبر مجازفات الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، في الحرب.
وفي ظل عدم تحقيق أي تقدم كبير لأكثر من عام، كانت الحاجة إلى التغيير في التكتيكات واضحة. وكذلك فإن تدهور العلاقات بين القائدين كان يخلق انقسامات خطيرة داخل قيادة الدولة.
ورغم أن القائد الجديد، أولكسندر سيرسكي، يتمتع بخبرة عسكرية واسعة، فإنه يواجه انتقادات بسبب دوره في معركة باخموت، ولا يحظى بشعبية في صفوف الجيش الأوكراني، ما قد يؤدي إلى تراجع الروح المعنوية للقوات على الجبهة، وفق ديكنسون.
ويبدو توقيت عزل زالوجني سيئًا، لأن أوكرانيا تواجه حاليًا نقصًا متزايدًا في الذخيرة وسط التأجيلات المقلقة للمساعدات العسكرية الغربية. وهذا يفرض قيودًا صارمة على أي عمليات هجومية ولم يترك للقادة الأوكرانيين خيارًا سوى الانتقال إلى الدفاع النشط. وإذا تدهور الوضع العسكري في الأيام المقبلة، سيتحمل زيلينسكي المسؤولية.
ماذا يكشف حوار بوتين؟
مرصد مراكز الأبحاث| القصف الأمريكي لوكلاء إيران.. وحوار بوتين.. والعلاقات التركية الأمريكية
نشرت مؤسسة تشاتام هاوس تحليلًا للزميلة ببرنامج روسيا وأوراسيا، سامانثا دي بنديرن، لفتت فيه إلى أن الحوار الذي أجراه المذيع الأمريكي، تاكر كارلسون، مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يشدد على التوافق الوثيق بين مصالح دونالد ترامب والكرملين.
واستخدم كارلسون الحوار لتعزيز روايات ترامب وحركة “لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا”. وذكرت الباحثة عدة أمثلة، منها الإشارة إلى أن الديمقراطية الأمريكية تتعرض للتقويض، والموافقة على ادعاءات بوتين بأن وكالة الاستخبارات المركزية كانت تدفع أهداف السياسة الخارجية الأمريكية على حساب السلام العالمي.
وروّج بوتين لروايته بأن الحرب في أوكرانيا ستنتهي في غضون أسابيع إذا توقفت واشنطن عن تزويد كييف بالأسلحة. وأشارت الباحثة إلى أن الحوار يفتح الباب لتخيل تحالف بين بوتين وترامب عازم على تدمير النظام الدولي والمؤسسات التي تمثل أساس الديمقراطيات الليبرالية.
وكانت منصة “إكس” مفيدة لبوتين، لأنه بخلاف الولايات المتحدة واليابان، يقع جمهورها الأكبر في دول الجنوب العالمي، التي تُعد هدفًا رئيسًا لآلة بوتين الدعائية. وبالنسبة لإيلون ماسك، فإن بث الحوار كاملًا يُظهر قدرته على ممارسة قدر كبير من النفوذ على السياسة في الولايات المتحدة وخارجها.
كيف تستفيد إيران من حرب أوكرانيا؟
مرصد مراكز الأبحاث| القصف الأمريكي لوكلاء إيران.. وحوار بوتين.. والعلاقات التركية الأمريكية
عززت الحرب الروسية الأوكرانية العلاقات الصناعية العسكرية بين موسكو وطهران. وحسب الزميل غير المقيم بمعهد هدسون، جان قصاب أوغلو، الأمر الأكثر إثارة للقلق هو تعاونهما المتنامي في التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج ومنظومات الأسلحة المدمرة.
وأشار الباحث إلى أن اعتماد الجيش الروسي على الذخيرة الإيرانية منح فرصًا غير مسبوقة لطهران. وفي ظل غياب الرادع المناسب، أصبحت إيران مزود مسيّرات قتالية للاتحاد الروسي، ما حوّل طهران إلى تهديد للجبهات الشرقية والجنوبية للناتو.
ومع اقتراب طهران من الحصول على قدرات نووية ذات استخدام عسكري، قد تُسهم موسكو في جعل المجال الجوي الإيراني أكثر خطورة، عبر مزيج من الرادارات المضادة للطائرات الشبح، وأسراب من مقاتلات “سو-35” المحمية بقواعد تحت الأرض، وأعداد ضخمة من الدفاعات الجوية الاستراتيجية متعددة الطبقات.
ولهذا، يجب أن يبقى مجتمع الاستخبارات الغربي يقظًا بشأن أي تعاون بين موسكو وطهران يشمل الرادارات المضادة للمقاتلات الشبح ومعدات برامج الفضاء، التي يمكن تحويلها بسهولة إلى صواريخ باليستية عابرة للقارات.
5 تحديات نووية في 2024
مرصد مراكز الأبحاث| القصف الأمريكي لوكلاء إيران.. وحوار بوتين.. والعلاقات التركية الأمريكية
في تحليل نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، طرحت نائب مدير مشروع القضايا النووية 5 تحديات رئيسة سيتعين على الولايات المتحدة معالجتها في 2024. الأول هو تهديدات روسيا النووية وكيف سيؤثر مسار الصراع في أوكرانيا في احتمالية استخدام النووي.
والتحدي الثاني هو توسيع الصين وتنويعها السريع لقواتها النووية، ما يدفع إلى التساؤل عما إذا كانت الولايات المتحدة لديها هيكل القوة اللازم لإدارة صراعات متزامنة أو متعاقبة مع خصمين نووين.
والتحدي الثالث هو التوترات مع كوريا الشمالية والنمو الكمي والنوعي في برامجها للصواريخ النووية والباليستية، التي تشكل تهديدًا على الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، واليابان. والرابع هو الوفاء بالتزامات الردع الموسع الأمريكي والاندماج مع الحلفاء، وهو أمر صعب في ظل الانتخابات المقبلة وتدهور الوضع في الشرق الأوسط.
أما التحدي الأخير فهو تحقيق تقدم في التحديث النووي الأمريكي، الذي يعاني من التأجيلات، وتجاوز الميزانية، ومشكلات سلاسل الإمداد، والقيود على القوى العاملة والبنية التحتية في قطاعي الدفاع والمختبرات الوطنية.
مستقبل العلاقات التركية الأمريكية
مرصد مراكز الأبحاث| القصف الأمريكي لوكلاء إيران.. وحوار بوتين.. والعلاقات التركية الأمريكية
لفتت الزميلة بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أصلي أيدينتاشباش، إلى أن موقف تركيا المؤيد لحماس، وانتقادها اللاذع لإسرائيل، أدى إلى إبعادها عن مفاوضات الأسرى، والدبلوماسية الإقليمية، واحتمالات لعب دور أكبر في غزة ما بعد الحرب.
وما فاقم الوضع هو علاقات أنقرة الفاترة مع واشنطن، التي تنطوي على مظالم متبادلة، تتراوح من معارضة تركيا للدعم الأمريكي لأكراد سوريا إلى انتقاد واشنطن لسجل حقوق الإنسان في تركيا وعلاقاتها المزدهرة مع روسيا. لكن موافقة تركيا على انضمام السويد إلى الناتو قد تؤذن بانفراجة في العلاقات.
ولتحسين العلاقات التركية الأمريكية، تحتاج واشنطن وأنقرة إلى إدارة الاختلافات وتحديد المصالح المشتركة، خاصة على الصعيد الجيواقتصادي. وستحتاجان إلى قبول أن الشراكة الناشئة ستكون “حسب الطلب”، ومختلفة تمامًا عن التحالف الذي شهدته فترة ما بعد الحرب الباردة.
وسيحتاج الحليفان إلى بحث مستقبل سوريا والعراق، والوضع المتدهور في غزة، وأوكرانيا والبحر الأسود، وتشديد العقوبات على روسيا، لأن تركيا قريبة سياسيًا وجغرافيًا من كل هذه المناطق، وعرضة للخطر أكثر مما قد تعترف به.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1761003