بعد فوز ميلي.. هل تُشعل جزر فوكلاند حربًا بين بريطانيا والأرجنتين؟

فاز المرشح اليميني المتطرف، خافيير ميلي، بانتخابات الرئاسة الأرجنتينية، الأحد الماضي 19 نوفمبر 2023، بعد حصوله على أكثر من 55% من الأصوات.

وأثار ميلي الجدل عندما صرّح في حملته الانتخابية بأن الأرجنتين تتمتع بـ”سيادة غير قابلة للنقاش” على جزر فوكلاند، الخاضعة للإدارة البريطانية، ليعيد إلى الواجهة النزاع الإقليمي على الجزر الواقعة جنوب غربي المحيط الأطلسي.

قضية مُلحة

حسب تقرير لصحيفة دايلي إكسبرس البريطانية، اليوم الأحد 26 نوفمبر 2023، أشارت مصادر إلى أن جزر فوكلاند أصبحت “رابع القضايا الأكثر إلحاحًا” لبريطانيا بعد غزة، وأوكرانيا، والصين، في أعقاب فوز خافيير ميلي.

الرئيس الأرجنتيني، خافيير ميلي

وحاول ميلي، المُلقب بـ”المجنون”، الاستشهاد بعودة هونج كونج إلى الصين كسابقة تاريخية كي “تُعيد” بريطانيا الجزر إلى الأرجنتين. ووفق الصحيفة البريطانية، فإن قراره بالتشديد على مطلبه بعد فوزه بالانتخابات دفع المحللين إلى القلق بأن الأمر يتجاوز كونه استراتيجية انتخابية “رنانة”.

حل دبلوماسي؟

بينما يناصر ميلي الحل الدبلوماسي، لفتت دايلي إكسبرس إلى أنه سيحصل قريبًا على أسطول جديد من مقاتلات إف-16 الأسرع من الصوت، التي ستمنح الأرجنتين القدرة على مضايقة الجزر للمرة الأولى منذ عقود.

وتشمل الصفقة أيضًا صواريخ بنطاق 70 ميلًا (112.6 كيلومتر)، التي ستسمح للطيارين بالتحليق 400 ميل (643.7 كيلومتر) لإطلاق صواريخهم ثم العودة.

تعزيز الدفاعات

حسب الصحيفة البريطانية، جرت الموافقة على صفقة شراء الأرجنتين 20 مقاتلة إف-16، بقيمة 700 مليون إسترليني، من الدنمارك، الحليفة المقربة من بريطانيا، بهدف منع بكين من نشر نفوذها السياسي وتأمين موطئ قدم لصفقات السلاح في أمريكا الجنوبية.

وكانت الأرجنتين تستثمر في القوات الدفاعية، وتسلمت سفينة دورية ثالثة في صفقة مع فرنسا، واشترت مروحيات مقاتلة جديدة من إيطاليا.

شوكة في خاصرة بريطانيا

في حين أنه من المستبعد شن هجوم شامل على الجزر، رأى الأستاذ بكلية كينجز لندن، أليسيو باتالانو، أن هذه المعدات العسكرية قد تصبح “شوكة في خاصرة بريطانيا”.

جزر فوكلاند

وقال: “تظل جزر فوكلاند قضية مهمة في بوينوس آيريس. وحتى دون غزو، من الممكن أن يستخدموا هذه الطائرات المقاتلة بنفس طريقة روسيا، ويحلقوا بالقرب من المجال الجوي البريطاني باستمرار”، مضيفًا أنه بهذه الطريقة يمكن للأرجنتين أن “تُبقي الضغط مستمرًا، وتصبح شوكة في خاصرة بريطانيا في جنوب الأطلسي”.

إلا أنه بسبب المشكلات الاقتصادية التي تعانيها الأرجنتين، أشارت الباحثة بشركة “سيبيلين”، المعنية بتحليل المخاطر الاستراتيجية، سيدني ستيوارت، إلى أن أكثر من 40% من الأرجنتينيين يعيشون تحت خط الفقر، وقالت: “الأولوية الحقيقية هي معالجة هذا. وقضية فوكلاند أولوية على المدى البعيد”.

كيف ردت بريطانيا؟

من جهته، حذر رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، من أن سيادة جزر فوكلاند ليست محلًا للنقاش، بعد تصريحات خافيير ميلي، حسب ما أوردت صحيفة الجارديان، الثلاثاء الماضي 21 نوفمبر.

وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني إن القضية “حُسمت منذ وقت طويل” في صراع 1982 عندما خسر مئات الجنود أرواحهم، مضيفًا أن بريطانيا “ستدافع استباقيًا” عن حق الجزر في تقرير المصير. فيما قال وزير الدفاع، جرانت شابس، على منصة إكس، إنه أمر “غير قابل للنقاش ولا يمكن إنكاره” أن جزر فوكلاند بريطانية.

وفي سياق متصل، لفتت صحيفة دايلي إكسبرس إلى أن بريطانيا لديها 4 طائرات من طراز تايفون متمركزة في جنوب الأطلسي. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع: “نحن واثقون تمامًا في أمن جزر فوكلاند وفي قدرتنا على الدفاع عنها”.

ماذا نعرف عن الجزر؟

حسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، تقع جزر فوكلاند جنوب غربي المحيط الأطلسي، وتتكون من جزيرتين رئيستين، فوكلاند الشرقية، وفوكلاند الغربية، إلى جانب مئات الجزر الأصغر.

خريطة لجزر فوكلاند

وتطالب الأرجنتين بحقها في الجزر، التي تطلق عليها “مالفيناس”، لأنها ورثتها عن التاج الإسباني في بداية القرن التاسع عشر، وكذلك لقربها من البر الرئيس لأمريكا الجنوبية. وعلى الجانب الآخر، تبني بريطانيا حُجتها على إدارتها طويلة الأمد للجزر، وعلى مبدأ تقرير المصير لسكانها، الذين ينحدر معظمهم من أصل بريطاني.

وفي 1982، غزت الأرجنتين الجزر، مشعلة حرب الفوكلاند، وأرسلت بريطانيا قوة بحرية و9 آلاف جندي تقريبًا لاستعادة الجزر. واستمرت الحرب لـ10 أسابيع، وأسفرت عن مقتل أكثر من 900 جندي بريطاني وأرجنتيني، و3 مواطنين. وفي 2013، صوّت سكان الجزيرة لصالح البقاء تحت الإدارة البريطانية.