لخفض التصعيد.. أمريكا تطلب من إيران وقف بيع المسيّرات إلى روسيا

آية سيد
إيران أم إسرائيل؟ حرب غزة تضع بوتين أمام خيار صعب

يأمل المفاوضون أن تؤدي المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران إلى اتفاق الجانبين على إجراءات لخفض التصعيد.


تضغط الولايات المتحدة على إيران، من أجل وقف بيع الطائرات من دون طيار (المسيّرات) المسلحة إلى روسيا.

ووفق ما نقلت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية عن مصادر مطلعة، أمس الأربعاء 16 أغسطس 2023، تأتي المساعي الأمريكية جزءًا من المحادثات بشأن “تفاهمات غير مكتوبة” بين واشنطن وطهران، لخفض التصعيد واحتواء الأزمة النووية.

محادثات غير مباشرة

أفاد الأشخاص المطلعون على الأمر للصحيفة البريطانية بأن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أثارت المسألة مع النظام الإيراني عبر محادثات غير مباشرة في قطر وعمان هذا العام.

وأضاف الأشخاص المطلعون أن المباحثات كانت جارية، إلى جانب المفاوضات المتعلقة باتفاق تبادل السجناء، الذي أدى إلى نقل إيران لـ4 مواطنين أمريكيين إيرانيين من السجن إلى الإقامة الجبرية الأسبوع الماضي.

بيع المسيّرات

نقلت فاينانشال تايمز عن مسؤول إيراني وشخص مطلع على المحادثات أن الولايات المتحدة تريد من إيران التوقف عن تزويد روسيا بالمسيّرات، التي تستخدمها موسكو في حربها في أوكرانيا، وكذلك قطع غيار هذه الطائرات غير المأهولة.

وأضاف المسؤول أن طهران، التي تنفي رسميًّا أن مسيّراتها تُستخدم في أوكرانيا، طلبت من موسكو مرارًا أن تتوقف عن استخدام مسيّراتها في الصراع، لكن واشنطن أرادت “خطوات ملموسة أكثر”.

اقرأ أيضًا| رغم التحذيرات الأمريكية.. هل ترسل إيران الطائرات المسيرة لروسيا؟

اتفاق السجناء

أشارت الصحيفة البريطانية إلى أن اتفاق تبادل السجناء الناجح وأي اتفاقيات غير رسمية إضافية ستكون أول تقدم يحققه بايدن في ملف إيران، بعد أكثر من عامين من المحادثات غير المباشرة المتقطعة مع النظام الإيراني.

وبموجب الاتفاق، ستفرج طهران عن 5 سجناء أمريكيين. وفي المقابل، ستفرج واشنطن عن 5 سجناء إيرانيين، وستسمح لطهران بالوصول إلى 6 مليارات دولار من عائدات النفط المجمدة في كوريا الجنوبية، بمجرد نقل الأموال إلى حساب في قطر.

السياسة الأمريكية

قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أمس الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تتبع استراتيجية من الردع، والضغط، والدبلوماسية لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي، ومساءلة طهران على انتهاكات حقوق الإنسان وتزويد روسيا بالمسيّرات لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا.

اقرأ أيضًاالسجناء مقابل الأموال.. الاتفاق المؤقت بين واشنطن وطهران يخرج للعلن

ووفق فاينانشال تايمز، أضاف بلينكن أن إيران “يجب أن تخفض التصعيد لخلق مساحة للدبلوماسية المستقبلية”، موضحًا أن نقل السجناء الأمريكيين من السجن إلى الإقامة الجبرية “ليس مرتبطًا بأي جانب آخر من السياسة الأمريكية تجاه إيران”.

خفض التصعيد

يأمل المفاوضون أن تؤدي المحادثات غير المباشرة إلى اتفاق الجانبين على إجراءات لخفض التصعيد. ويعني هذا لإيران عدم تخصيب اليورانيوم فوق 60%، وتحسين تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتعهد بعدم استهداف الأمريكيين، وفق المسؤول الإيراني وشخص آخر مطلع على المحادثات.

وفي المقابل، ستمتنع واشنطن عن فرض عقوبات جديدة في بعض المجالات، باستثناء تلك المتعلقة بحقوق الإنسان، ولن تفرض رقابة صارمة على العقوبات المطبقة على مبيعات النفط، حسب ما نقلت الصحيفة عن المسؤول الإيراني.

مخاوف إيرانية

تخشى طهران أن تعيد بريطانيا وألمانيا  وفرنسا، والدول الأوروبية التي وقعت الاتفاق النووي لعام 2015، فرض بعض العقوبات بمجرد انتهاء أجل البنود التي قيدت برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني في أكتوبر المقبل، وتتوقع من واشنطن إقناع حلفائها الأوروبيين بتخفيف الضغط عليها.

وحسب فاينانشال تايمز، قال المسؤول الإيراني: “نحن قلقون بشدة بشأن أكتوبر المقبل. ونتوقع [من الولايات المتحدة] تخفيف الضغط على إيران من الأطراف المختلفة”. وأضاف المسؤول أن واشنطن وطهران اتفقتا على معظم القضايا، لكن المباحثات ستستمر، عبر وسطاء، في قطر وعمان، خاصة بشأن روسيا.

بناء الثقة

أفاد الشخص المطلع على المحادثات للصحيفة البريطانية أن اتفاق تبادل السجناء لم يكن مرهونًا بإجراءات خفض التصعيد، لكنه أضاف أن هذه الخطوة قد تساعد في بناء الثقة بين الطرفين.

على الجانب الآخر، قال مسؤول غربي إن اتفاق السجناء كان شرطًا مسبقًا لأي تقدم في خطوات خفض التصعيد النووي. لكن الدبلوماسي حذر أيضًا من وجود “فجوة كبيرة بين إجراء ذلك الحوار (بشأن إجراءات خفض التصعيد) مع مسؤول إيراني واستعداد النظام الإيراني بأكمله لتطبيقه”.

البرنامج النووي

يُجمع المسؤولون والمحللون على أن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 غير قابل للإصلاح، نظرًا إلى التقدم الذي حققته طهران في برنامجها النووي حتى الآن. ونتيجة لهذا، ترغب إدارة بايدن في احتواء الأزمة النووية لما بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، وفق الصحيفة البريطانية.

وفي هذا السياق، قال الزميل بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، هنري روم: “إن أفضل السيناريوهات من منظور السياسة الأمريكية هو منع الأمور من التدهور وتجنب حدوث تصعيد كبير. لكن يوجد قدر كبير من المخاطرة، وأسباب كثيرة للقلق من أن الأمور قد تصمد كل هذه الفترة”.

اقرأ أيضًا| محلل أمريكي: لا مجال لعقد اتفاقات جيدة مع إيران

قضية معقدة

يحذر المحللون من أنه حتى إذا اتفقت إيران والولايات المتحدة على إجراءات لخفض التصعيد، تظل قضية مواجهة الطموحات النووية لطهران صعبة ومعقدة، حسب فاينانشال تايمز.

وفي هذا الصدد، قالت مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمؤسسة تشاتام هاوس البريطانية، سانام فاكيل، عن اتفاق السجناء: “إنه ضمادة. سوف يكبح إسرائيل، ويُبقي التوترات منخفضة ويمنع البرنامج النووي من التقدم، هذا كل ما في الأمر”، مضيفة أنه “لن يعيد الاتفاق النووي ولن يرفع العقوبات عن إيران”.

ربما يعجبك أيضا