حرب المعلومات.. كيف تروج إسرائيل لأكاذيبها بشأن غزة؟

تحليل: إسرائيل تستخدم منصات التواصل الاجتماعي كأداة في حرب المعلومات

آية سيد
حرب المعلومات.. كيف تروج إسرائيل لأكاذيبها بشأن غزة؟

على مدار عقد، سعت الدولة الإسرائيلية لتشكيل الرواية العالمية بشأن عملياتها العسكرية، خاصة أثناء التصعيد في غزة.


سلط المحلل في شؤون التكنولوجيا والصراع بمجموعة الأزمات الدولية، أليساندرو أكورسي، الضوء على جهود إسرائيل لنشر المعلومات المضللة بشأن الحرب في غزة.

وفي تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أمس الاثنين 11 مارس 2024، كشف أكورسي أن إسرائيل والجماعات الموالية لها استخدموا الفيديوهات الدعائية المدفوعة على عدة منصات لعرض صور ومقاطع مجتزأة من هجوم 7 أكتوبر بهدف تبرير عدوانها الوحشي على غزة.

حرب المعلومات

لفت التحليل إلى أن استخدام منصات التواصل الاجتماعي كأداة في حرب المعلومات ليس بالأمر الجديد في إسرائيل. ومنذ عملية “الرصاص المصبوب” الإسرائيلية على غزة، التي قتلت ألف فلسطيني في الفترة بين ديسمبر 2008 ويناير 2009، أصبحت معركة الروايات على منصات التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من الخطاب المنقسم بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وبدأ الفلسطينيون ومؤيدوهم استخدام منصات التواصل الاجتماعي لنشر الأدلة التي توضح الوفيات المدنية والدمار واسع الانتشار في غزة لحشد الرأي العام العالمي ضد إسرائيل. وفي المقابل، بدأت الحكومة الإسرائيلية وداعموها توظيف هذه المنصات لمواجهة الفلسطينيين وداعميهم في الفضاء الرقمي.

وبدأت إسرائيل لاحقًا التركيز أكثر على الهيمنة على تدفق المعلومات أثناء الصراع لضمان التفوق في ميدان المعركة وبناء الدعم لجهدها الحربي. وعلى مدار العقد التالي، سعت الدولة الإسرائيلية لتشكيل الرواية العالمية بشأن عملياتها العسكرية، خاصة أثناء التصعيد في غزة.

الاستراتيجية الإسرائيلية

منذ عقد تقريبًا، بدأت وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية الإشراف على شبكة من المؤثرين والمنظمات الموالية لإسرائيل التي تعزز رسالة الدولة الإسرائيلية ضد “حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها” الفلسطينية والناقدين الآخرين للاحتلال، من خلال حملات منسقة وخادعة مصممة كي تبدو شعبية وعفوية.

وخلال حرب إسرائيل على غزة في 2021، زادت إسرائيل تواصلها الدبلوماسي الرقمي مع شركات التكنولوجيا الغربية الكبرى. ووفق التحليل، وجدت مراجعة داخلية لشركة “ميتا”، في 2021، أن الشركة فرضت رقابة على المحتوى العربي بمعدل أعلى من المحتوى العبري، على ما يبدو في استجابة لطلبات الحكومة الإسرائيلية.

إنفوجراف| إسرائيل تستهدف النساء والأطفال في غزة

إنفوجراف| إسرائيل تستهدف النساء والأطفال في غزة

استغلال المنصات الرقمية

حسب التحليل، أدى انقسام منصات التواصل الاجتماعي وتدهورها إلى تغيير ميدان المعركة الرقمي بعد شراء إيلون ماسك لمنصة “إكس” (تويتر سابقًا) في أكتوبر 2022، وتسريح شركة “ميتا” لآلاف العاملين وتجردها من الاعتدال وتدقيق الحقائق في 2023.

والآن، تعمل المنصات كمساحات لتأمين قاعدة الفرد وتشويه سمعة من يعتقد أنهم معادون لها. وتعاملت الجهات الفاعلة الإسرائيلية والموالية لها ببراعة مع هذه التغييرات، عبر استخدام الديناميكيات المتغيرة لمنصات التواصل الاجتماعي لصالحها.

هجوم حماس

أوضح التحليل أن هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والعدوان الإسرائيلي اللاحق على غزة الذي تسبب في تدمير القطاع، قدما كميات ضخمة من الصور التي خدمت كمحتوى جاهز لهذه البيئة الرقمية الجديدة.

واتبعت إسرائيل استراتيجية من 4 محاور في حرب المعلومات: التركيز على فظائع هجوم حماس، وتشويه سُمعة الأصوات الموالية لفلسطين وتبرير قصف غزة، وتقييد تدفق المعلومات بشأن الصراع الواردة من غزة، وحشد الرأي العام الإسرائيلي عبر الترويج للبراعة العسكرية الإسرائيلية وتدمير غزة.

الذكاء الاصطناعي

بينما انتشرت تفاصيل هجوم حماس إلى الحوار السياسي، بدأت استثمارات إسرائيل على مدار العقد الماضي تؤتي ثمارها. وبدأت العديد من شركات الذكاء الاصطناعي في إسرائيل والولايات المتحدة، التي كانت تدعم حرب المعلومات الإسرائيلية قبل الحرب، في العمل.

وفي غضون أيام من الهجوم، أنشأت شركة “أكودا” الإسرائيلية تطبيقًا يُمكّن المستخدمين من تعزيز المنشورات والروايات التي تدعم إسرائيل والإبلاغ عن المنشورات الناقدة لإسرائيل، في الوقت الذي يبدو كل ذلك شعبيًا وحقيقيًا، حسب التحليل.

تشتيت الانتباه

بعد مرور 5 أشهر على الحرب، قتلت إسرائيل أكثر من 30 ألف فلسطيني، وأصابت أكثر من 70 ألف، وهجّرت 1.9 مليون من منازلهم. وأحدثت الغارات الجوية الإسرائيلية مستوى من الدمار الحضري يفوق ما حدث في حلب السورية أو ماريوبول الأوكرانية.

وأشار التحليل إلى أنه مع ظهور هذا الحجم الاستثنائي للدمار والوفيات المدنية على منصات التواصل الاجتماعي، ونزول المحتجين إلى الشوارع في مختلف أنحاء العالم، ركزت استراتيجية حرب المعلومات الإسرائيلية على تشتيت الانتباه بعيدًا عن ذلك.

ولهذا الغرض، استغلت إسرائيل الاستقطاب في أوروبا والولايات المتحدة عبر الترويج لرواية بسيطة، وهي أن انتقاد الحرب يُعد معاداة للسامية، والاحتجاج على القتل الجماعي للفلسطينيين هو تنفيذ لتعليمات حماس. وأدارت إسرائيل حملات إعلانية بتكلفة تصل إلى 7.1 مليون دولار في أكتوبر الماضي لاتهام مؤيدي فلسطين بالتواطؤ في جرائم حماس.

تقييد الإعلام

لفت التحليل إلى أن إسرائيل تتحكم في تدفق المعلومات عن طريق تقييد وصول وسائل الإعلام الدولية إلى غزة، عبر استهداف البنية التحتية للاتصالات في غزة، والتسبب في انقطاع الكهرباء، وحرمان المستخدمين ومقدمي خدمة الإنترنت من الحصول على الوقود اللازم لشحن هواتفهم وخوادمهم، وقطع الإنترنت لفترات طويلة.

%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%87%D8%AF%D8%A7%D9%81 %D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86 %D9%81%D9%8A %D8%AD%D8%B1%D8%A8 %D8%BA%D8%B2%D8%A9 1.png

استهداف الصحفيين في حرب غزة

وكذلك قتلت إسرائيل 90 صحفيًا فلسطينيًا منذ بدء الحرب. وضغطت على منصات التواصل الاجتماعي لحذف محتوى الفلسطينيين ومؤيديهم، ووصفه بأنه يروج للإرهاب.

واختتم التحليل بأن استراتيجية إسرائيل في استخدام منصات التواصل الاجتماعي حققت نجاحًا تكتيكيًا، إذ ساعدت في توجيه مؤيديها إلى عالم معلوماتي واحد، في حين تركت منتقديها وأعدائها في عالم آخر.

ربما يعجبك أيضا