حصاد 2023| اتفاق المصالحة بين طهران والرياض يقترب من القاهرة

منذ وصول الحكومة الإيرانية الحالية، برئاسة إبراهيم رئيسي، وجهاز خارجيتها بقيادة الوزير حسين عبداللهيان، وطهران تعلن عن سياسة “الأولوية لدول الجوار”.

وانفتحت إيران على الحوار مع دول جوارها في الجنوب، حيث الدول المطلة على الخليج العربي، بهدف كسر عزلتها الخارجية، حيث تعاني إيران من أزمة اقتصادية بفعل العقوبات الغربية بنحو يهدد استقرار نظامها في الداخل.

اقرأ أيضًا: ما انعكاسات المصالحة الإيرانية السعودية على القضايا الإقليمية؟

المصالحة السعودية الإيرانية

المصالحة مع السعودية

في إطار تلك السياسة، صدر، الجمعة 10 مارس 2023، بيانًا ثلاثيًا مشتركًا لكل من المملكة العربية السعودية والصين وإيران، يعلن عن توصل السعودية وإيران إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح سفارتيهما.

ورأى المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي بهادري جهرمي، أن الاتفاق الدبلوماسي بين إيران والسعودية يصحح “خطأً استراتيجيًّا” في سياسة طهران الخارجية.

وقال بهادري جهرمي: إن” إعادة العلاقات مع السعودية، بعد 7 سنوات من العلاقات المتوترة، أظهرت أن حل القضايا الإقليمية والعالمية لا يمر من خلال الغرب فقط، وكان يوجد خطأ استراتيجي في الماضي، حيال السياسة الخارجية بهذا الشأن”.

اقرأ أيضًا: ما الرسائل التي تحملها زيارة سلطان عمان لإيران؟

وزير الخارجية الإيراني ونظيره السعودي

تبادل الزيارات

في إطار جدية المصالحة بين البلدين، زار وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، السبت 17 يونيو 2023، العاصمة الإيرانية طهران، للمرة الأولى منذ اتفاق مصالحة البلدين.

بعدها قام وزير الخارجية الإيراني، حسين عبداللهيان، بزيارة العاصمة السعودية الرياض، الخميس 17 أغسطس، ردًّا على زيارة من نظيره السعودي، وتفعيلاً للمصالحة بين البلدين، التي تمت بتبادل السفراء بين البلدين، حيث توجه السفير الإيراني، رضا عنايتي، إلى مقر البعثة الإيرانية بالرياض، وكذلك توجه السفير السعودي، عبدالله سعود العنزي، إلى مقر البعثة السعودية في طهران.

اقرأ أيضًا: الاتفاق السعودي الإيراني.. حبرٌ على ورق أم مصالحة جادة؟

وزير الخارجية السعودي في طهران

انفتاح على دول أخرى

في أعقاب المصالحة الإيرانية-السعودية، بدأت إيران توسيع مصالحتها مع دول تأزمت علاقتها معها على خلفية القطيعة بين الرياض وطهران، فقد اتخذت الأخيرة خطوات إيجابية نحو استعادة العلاقات مع البحرين، وجرى تبادل زيارات المسؤولين لبحث فتح السفارات. وعقدت الوفود المتبادلة بين طهران والمنامة المباحثات الفنية، بشأن وضع مقر البعثات الدبلوماسية قبل إعادة افتتاحها.

كما أعلنت طهران، الأربعاء 5 إبريل 2023، عن تعيين سفير لها لدى الإمارات للمرة الأولى منذ عام 2016، في ظل إعادة تنظيم للعلاقات بين الدول الخليجية وطهران.

كما اتجهت إيران لتعزيز علاقاتها مع الأردن البلد المجاور لحليفتها سوريا، الذي يمثل بوابة تجارية يمكن أن تنقل تجارة إيران عبر العراق والأردن نحو مصر وإفريقيا، خاصة أن القاهرة تمثل محطة مهمة في مسار المصالحة الإيرانية-العربية.

اقرأ أيضًا: لتثبيت المصالحة الإيرانية-السعودية.. جهود إقليمية لإنهاء الأزمة اليمنية

اتفاق المصالحة بين إيران والسعودية

مصالحة قوية

لم تخلو المصالحة بين طهران والرياض مما يعكر صفوها، فقد حاول المتشددون ازعاج وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، خلال زيارته طهران، السبت 17 يونيو 2023، بأن وضعوا صورة لقائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني في قاعة المؤتمر الصحفي. خاصة أن هناك حساسية تجاه سليماني لتزعمه فيلق القدس الذراع العسكري لعمليات إيران الخارجية.

كما تم إلغاء مباراة بين فريق اتحاد جدة السعودي وفريق سباهان أصفهان الإيراني، في الجولة الثانية من دوري أبطال آسيا، في الثاني من أكتوبر الماضي، بسبب وجود تمثال لسليماني أيضًا في أرض الملعب.

لكن المصالحة أثبتت قوتها، بسبب رغبة الجانبين الإيراني والعربي بقطف ثمار هذه المصالحة، خاصة أن الملف اليمني وتهديدات جماعة الحوثي الموالية لإيران، يمثل تهديدًا مباشرًا لأمن دول الخليج وسلامة مصالحها الاقتصادية، بينما المصالحة مع السعودية قد استطاعت أن تدفع بالحلول السياسية للأزمة اليمنية.

وقد جاءت مشاركة إيران في القمة العربية-الإسلامية التي استضافتها الرياض، السبت 11 نوفمبر 2023، وتوقيعها على البيان الختامي حول العدوان الإسرائيلي على غزة، ليؤكد على رغبة إيرانية في عدم خسارة مكاسبها من المصالحة مع الدول العربية.

اقرأ أيضًا: هل يُجدي الاتفاق السعودي الإيراني في استعادة طهران علاقتها بمصر؟

السيسي ورئيسي

اقتراب من القاهرة

اهتمت القاهرة بالتقارب بين طهران والرياض منذ بدايته، فقد أعلنت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة 10 مارس 2023، إنها تتابع باهتمام الاتفاق المعلن باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

كما التقى الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي نظيره المصري عبد الفتاح السيسي على هامش القمة العربية الإسلامية الطارئة في العاصمة السعودية الرياض، 11 نوفمبر الماضي. وقد دار الحديث قبلها عن إمكانية تكرار تجربة استعادة العلاقات بشكل رسمي بين طهران والقاهرة.

أيضًا جاء اتصال الرئيس الإيراني، السبت 23 ديسمبر 2023، لتهنئة الرئيس السيسي للفوز في انتخابات الرئاسة، مؤشرًا على استمرار رغبة طهران في توسيع علاقاتها مع دول العالم العربي، والاقتراب من أقطاب عربية مثل الدولة المصرية.

وتهتم القاهرة بالتواصل مع طهران، في ظل أزمة غزة وارتباط جماعة المقاومة الإسلامية (حماس) بالمحور الإيراني، وكذلك تأثير جماعة الحوثي بدخولها خط المواجهة مع إسرائيل، على الملاحة الدولية في البحر الأحمر بما يؤثر على اقتصاد قناة السويس.