هل باتت أيام بوتين معدودة؟.. أستاذ تاريخ دولي يجيب

محمد النحاس

وجود بوتين في الكرملين يزيد من وحدة الروس.. لكن ماذا بعد؟ وما تداعيات طول أمد الحرب في أوكرانيا؟


في حديثه عن تمرّد مجموعة فاجنر العسكرية الخاصة، عاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى لتاريخ مشبهًا ما حدث باضطرابات 1917 في بلاده.

ورغم سرعة انتهاء تمرد فاجنر، بقيادة يفجيني بريجوجن، يشير مقال نشرته مجلة فورين أفيرز الأمريكية، المتخصصة في الشأن الدولي، إلى أن التمرد تسبب في تغيير الوضع في روسيا إلى الأبد.   

قياس خاطئ

ألقى بوتين باللوم على “الخيانة الداخلية” في خسارة روسيا للحرب العالمية الأولى، وقارن العديد من المحللين الغربيين تمرد فاجنر بتحرك مجموعات من الجيش الروسي في أغسطس 1917 من خط الجبهة إلى بتروجراد، لتطهيرها من الثوار والقضاء على محاولة انقلاب.

وبعد أكثر من 100 عام، رأى البعض في روسيا أن البلاد تنهار مجددًا، بعدما اقتربت فاجنر من العاصمة موسكو، وبدا أن الحرب الأهلية تدق الأبواب.

وفي مقال فورين أفيرز، يشير أستاذ التاريخ الدولي في جامعة لندن، فلاديسلاف زوبوك، إلى أن مقارنة الأحداث بما جرى في عام 1917، هو قياس تاريخي خاطئ. وكان بوتين عاد إلى هذا التاريخ محذرًا من المآلات المحتملة للأحداث. 

فترة الاضطرابات 

يعتبر المقال أن الأحداث الأخيرة في روسيا أقرب ما يكون إلى ما حدث بين 1604 و1613، أو ما يعرف بفترة الاضطرابات، حين مزق روسيا آنذاك الاقتتال الداخلي، والاضطرابات السياسية، وانعدمت السيادة الروسية في تلك المرحلة.

وحسب أستاذ التاريخ الدولي، يمكن أن يصيب ذات المصير روسيا مجددًا في ظل حكم بوتين، الذي يصفه بـ”الاستبدادي”، والذي جعل من الصعوبة بمكان تخيل تولي أحد بعده لسدة الحكم.

تمزق داخلي 

يشير المقال إلى حجم الفوضى التي شابت الإمبراطورية الروسية إبان حكم إيفان الرابع (المعروف بإيفان الرهيب) والذي عمل على توسيع إمبراطوريته، وقضى على النخبة الروسية في نوبات من الغضب، وحوّل استلام العرش إلى منافسة شرسة بين من تبقى من قطاعات النخبة بعد أن قتل ابنه وريث العرش. 

وشهدت السنوات التالية لحكم إيفان الرهيب اقتتالًا داخليًّا، وصراعًا على السلطة ومجاعات وانهيارًا اقتصاديًّا، وأخيرًا غزوًا أجنبيًّا من الجيش البولندي الذي سيطر على الحكم في تلك الفترة التي زادت فيها الميول القومية، والإيمان الديني، وتمكن الروس تدريجيًا من إعادة السيطرة على البلاد، واختاروا ميخائيل رومانوف للحكم.

اقرأ أيضًا| سياسي روسي لـ«رؤية»: بوتين سيغير استراتيجيته بسبب فاجنر

هل طمح بريجوجين للإطاحة ببوتين؟

حسب المقال فإن تاريخ روسيا حافل بمحطات كان يمكن ليفجيني بريجوجين العودة إليها والتأسي بها، لكنه سرعان ما تراجع ما أدى لإحباط كبير للعديد من الأطراف. 

هناك إختلاف رئيس بين بريجوجين وأشخاص آخرين في التاريخ الروسي، ويصفه المقال بـ “المرتزق” الذي لا يؤمن بأي شيء، وتغلب عليه غضبه عندما وجد أن “حاشية بوتين” قررت سلبه أمواله، وأعماله، وجيشه الخاص، موضحًا أن تمرد فاجنر لم يمكن مؤامرة مكتملة الأركان للاستيلاء على السلطة لكنها كانت محاولة يائسة لمنع مجموعته العسكرية من التفكك.

إضعاف بوتين

يحاجج المقال بأن تمرد فاجنر هز صورة بوتين، وأضعف من سلطته، فلم يعرف رجل الكرملين ما يجب أن يقوله، حتى إن تحذيره بشأن 1917 بدا عديم الفائدة لأنه “لا يوقف المرء التمرد بإخبار الناس كم ستكون مآلات الأحداث سيئة”.

وإجمالًا، يرى المقال أن الرئيس الروسي لم يتحمل المسؤولية كاملة عن الفوضى، وكانت تهديداته “جوفاء”، وبقدر ما كان التحرك هزليًّا تركت المحاولة بوتين أضعف بطبيعة الحال من ذي قبل. 

اقرأ أيضًا|اختراق حصن بوتين.. هل انهارت إمبراطورية الرئيس الروسي بعد تمرد فاجنر؟

هل اقتربت نهاية بوتين؟

حقيقة أن بوتين بات ضعيفًا، على حد وصف المقال، لا تعني أن نهاية حكمه أصبحت قريبة، فلم تنحز النخب الروسية أو القيادات العسكرية أو جموع المواطنين لتحرك بريجوجن المغامر ضد بوتين، لأن تصورهم عن الفوضى التي كانت من الممكن أن تنزلق الأمور إليها أنها لن تفيد أحدًا. 

ووفق المقال، كلما طال أمد حرب أوكرانيا زادت مخاطر حدوث “فترة اضطرابات” جديدة، وما يوحد الروس هو حضور شخصية “القيصر” (في إشارة إلى بوتين)، لكن إذا ما غاب الزعيم فجأة من الصورة قد تنزلق البلاد إلى الفوضى.

اقرأ أيضًا|بعد تمرد فاجنر.. صداقة بوتين وشي «غير المحدودة» محفوفة بالمخاطر

اقرأ أيضًا|ترحاب شعبي بتمرد فاجنر.. هل سئم الروس بوتين؟

ربما يعجبك أيضا