هل يعود النفط الإيراني إلى السوق الأوروبية إثر استمرار الأزمة الأوكرانية؟

يوسف بنده

خروج النفط والغاز الروسي من السوق الأوروبية فرصة مشروطة لإيران التي تعاني من العقوبات الغربية.


تواجه صادرات النفط الإيرانية العقوبات الأمريكية التي تمنع وصول طهران إلى أموالها من صادرات النفط.

وتأمل طهران في أن تواصل صادراتها النفطية التحرك خلال السنة المالية الجديدة، عند مستوى 1.3 مليون برميل يوميًّا، لتجني زيادة في عائداتها النفطية بنحو 58% على أساس سعر نفط في حدود 85 دولارًا، وتسعى لزيادة استثمارات النفط والغاز بالتعاون مع روسيا والصين.

1384642

ارتفاع مستوى الطلب

رفعت منظمة “أوبك” توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2023 بمقدار 100 ألف برميل يوميًّا مقارنة بتوقعات الشهر الماضي، ليصل إلى 2.3 مليون برميل يوميًّا في 2023. وقالت “أوبك” في تقريرها الشهري، أمس الثلاثاء، إن: “مفتاح نمو الطلب على النفط في عام 2023 سيكون عودة الصين من القيود المفروضة على الحركة وتأثير ذلك في المنطقة والعالم”.

وأشار التقرير إلى القلق من التعافي الاقتصادي في الصين وما يترتب على ذلك من زيادة طلب النفط، الذي قد يؤدي إلى دعم أسعار النفط التي ظلت ثابتة نسبيًّا منذ نهاية العام الماضي، ويجري تداولها حاليًّا دون 86 دولارًا للبرميل.

وأظهر التقرير أيضًا أن إنتاج أوبك من النفط الخام تراجع في يناير، بعد أن تعهد تحالف أوبك+ الأوسع نطاقًا بخفض الإنتاج لدعم السوق، وانخفض الإنتاج في المملكة العربية السعودية والعراق وإيران.

النفط الروسي

خفض روسي

تعتزم روسيا خفض إنتاجها من النفط 500 ألف برميل يوميًّا ردًّا على العقوبات الدولية، وحسب وكالة “تاس” الروسية قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، 10 فبراير الحالي 2023، إن بلاده تشاورت مع العديد من أعضاء “أوبك+” قبل أن تقرر طوعًا خفض إنتاج النفط في مارس.

وتخطط روسيا لخفض إنتاجها، فيما يعد استجابة إلى سقوف الأسعار التي وضعها الغرب. وتهدد هذه الخطوة باضطرابات سوق النفط التي استوعبت الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على معظم واردات النفط الخام الروسي المنقولة بحرًا، والحظر الأحدث على منتجاتها البترولية المكررة.

وفي ضوء هذه الاضطرابات العالمية، لم يقتصر قلق أوبك على التحديات المستمرة في الصين وسط الجائحة والتدهور المحتمل لقطاع العقارات هناك، بل تهتم أيضًا بالتوترات الجيوسياسية في أوروبا الشرقية المتعلقة بالحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية على روسيا.

106335094 1578987923215gettyimages 1079998172

فرصة إيران

توقع ممثل إيران لدى أوبك، أفشين جوان، على هامش أسبوع الطاقة في الهند، 8 فبراير، أن أسعار النفط العالمية قد تقفز إلى نحو مئة دولار للبرميل في النصف الثاني من العام الحالي، في ظل تعافي الطلب الصيني مع بقاء حجم المعروض محدودًا.

وحسب موقع إرانيكو الاقتصادي، قال أفشين: “أعتقد أن أوبك تسير في الاتجاه الصحيح”، مشيرًا إلى قرار المجموعة في ديسمبر بخفض الإنتاج.

ووافقت “أوبك+”، وهو تحالف يشمل أعضاء أوبك ودولًا أخرى بينها روسيا، العام الماضي، على خفض إنتاجها المستهدف بواقع مليوني برميل يوميًّا، 2% تقريبًا من حجم الطلب العالمي، من نوفمبر حتى نهاية عام 2023 لدعم السوق. وقال أفشين: “سبب فعل أوبك ذلك، هو أنها لم تكن متفائلة كثيرًا في شأن جانب الطلب.

1384270

احتياطي إيران من الطاقة

تمتلك إيران ثالث أكبر احتياطي نفط في العالم، وثاني أكبر احتياطي غاز طبيعي عالميًّا، وفق بيانات صادرة عن وزارة الطاقة الأمريكية. وتعد إيران خامس أكبر منتج للنفط الخام في منظمة أوبك عام 2021، وثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم 2020.

ويربط خبراء بين العقوبات الأمريكية وصادرات النفط الإيرانية، فيقول المستشار الاقتصادي، أنس الحجي، في حلقة من برنامج أنسيّات الطاقة، إن “الأمريكيين منذ عام 2015 وحتى الآن استفادوا بصورة كبيرة من المشكلات التي واجهتها ليبيا، ومن الحظر على إيران”.

ويضيف الحجي: “هاتان الدولتان، ليبيا وإيران، تصدران نوعية المكثفات نفسها التي تصدرها الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى أن النفط الأمريكي لن يجد سوقًا إذا تعافت إيران وليبيا”.

2484082471669787398

تجاهل أمريكي

في مسعى لاستئناف الحوار بين واشنطن وطهران، تشير الزيادة الأخيرة في صادرات إيران من النفط، رغم العقوبات الأمريكية الصارمة على قطاعها النفطي، إلى تجاهل واشنطن، وأنها لا تفرض العقوبات بصرامة من أجل إبقاء أسعار الخام العالمية تحت السيطرة.

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد غضّت الطرف العام الماضي، عن الشركات الأوروبية التي تريد شراء النفط والغاز من إيران، لكن المشكلة التي تواجهها طهران حاليًّا هي أن واشنطن أوقفت فجأة قبل ثلاثة أشهر عمليات نقل عائدات النفط والغاز الإيرانية، التي تحول إلى طهران عبر العراق.

ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية قد استفادت من هذه المسألة للضغط على طهران، فقد أعلن المبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران، 23 يناير الماضي، في مقابلة مع تليفزيون بلومبرج، اعتزام بلاده زيادة الضغط على الصين، لوقف واردات النفط من إيران.

 

2021112114141883O7

عودة إيرانية مشروطة

كشف تقرير صحيفة الجريدة الكويتية، 12 فبراير، نقلًا عن مصدر رفيع بوزارة الخارجية الإيرانية، أن طهران تلقت عرضًا، عبر وزير خارجية خليجي، يتيح لها بيع نفطها وغازها للدول الأوروبية، التي توقفت الإمدادات الروسية إليها، مقابل تراجع إيران عن تخصيب اليورانيوم إلى الحدّ المنصوص عليه في الاتفاق النووي (3.67%)، ووقفها بيع الطائرات المسيّرة والصواريخ لروسيا.

وقال المصدر، إن الاقتراح يشترط موافقة طهران على تفتيش المنظمة الدولية للطاقة الذرية لمنشآتها، مقابل تعليق واشنطن العقوبات النفطية جزئيًّا، كما كان ساريًا، العام الماضي، في حال تبين أن إيران عادت إلى مستويات التخصيب المطلوبة.

ويبين المصدر أن وجهة النظر الأمريكية ترى أن هذه الخطوة يمكن أن تكون إيجابية، وتمهّد لعودة تدريجية من جميع الأطراف إلى الاتفاق النووي.

مرصد مراكز الأبحاث

 

ربما يعجبك أيضا